بالتأكيد أن السطور التالية ليست دعوة لاستخدام العنف أو سفك المزيد من الدماء حتى ولو كانت لمن اختار أن يقف على الضفة الثانية فى مواجهة إرادة وشرعية الملايين الذين أشعلوا ثورتى «30 يونيو و26 يوليو» فالجميع فى النهاية مصريون، غير أن كل ساعة تمر ولا أقول كل يوم -فى أعقاب تفويض ملايين المواطنين لمؤسستيهما الأمنية والعسكرية فى مواجهة العنف والإرهاب- ولا تزال «مهزلتا رابعة والنهضة» قائمتين، تبتلع دوامة الإحباط والغضب المزيد من ضحاياها، فالجميع كانت تجتاحه موجات التفاؤل والأمل فى أن تضع المؤسستان نهاية لحالة الترويع التى تجتاح العاصمة كل ليلة فور إعلانهم التفويض غير أنهم أُصيبوا بحالة فقدان الأمل فى أن يتحقق ذلك حتى الآن على الأقل!!.
على جانب معسكرى الإرهاب «رابعة والنهضة» فإن أباطرة التحريض وسفك الدماء قد حددوا ساعة الصفر يوميا فور انتهاء الإمام من أداء صلاة التراويح، ليستعد عشرات أو مئات من ضحايا «غسيل المخ والحاجة» ليخرجوا فى مسيرات «سلمية» لأداء «ركعتى ترويع الآمنين وقتل الأبرياء» بعد قطع الطريق -وأيضاً بطريقة سلمية بعد أن يتمترسوا خلف دروع بشرية من السيدات وأطفال دور الرعاية- لتتلقى بعدها كتائب الإرهاب الإلكترونية حصيلة الليلة لتعيد بث أحداثها على العالم بعد أن تجرى عليها عمليات الحذف والإضافة لتخرج متسقة مع أهدافها!
وإذا كانت مفردات الخطاب الإعلامى للمؤسستين الوطنيتين قد أكدت مراراً -قبل ثورة 30 يونيو- عدم السماح لأى من كان بتهديد وترويع الآمنين وحماية المتظاهرين السلميين، فإن الأمانة والواقع يؤكدان أن الأحداث المؤسفة التى حاول فيها إرهابيو «منصتى رابعة والنهضة» تجريف هيبة القوات المسلحة بتحريض «ضحاياهم» لاقتحام الحرس الجمهورى ومن بعدها حادث المنصة وغيرها من الأحداث فى سيناء وبعض محافظات دلتا مصر والقناة والإسكندرية، قد أدت إلى تجريف هذه التأكيدات بعد سقوط العديد من الضحايا الأبرياء الذين فوجئوا بطلقات رصاص الإرهابيين وهى تحصد حياتهم دون أى ذنب ارتكبوه، اللهم إذا كان حب الوطن والحرص على استرداده من قبضة عصابة تتستر بعباءة الدين والإسلام منهم برىء!
وإذا كان «أثرياء الدم» قد أعلنوا من فوق منصتى رابعة والنهضة «النفير» بين كتائبهم التى تضم قلة من «العقائديين والعديد ممن دفعتهم الحاجة إلى اللحاق بها، فقد ردت عليهم ملايين المواطنين الذين أحالوا ميادين مصر إلى كتلة بشرية فى سابقة لم تشهدها دولة فى العالم، ليؤكدوا رفضهم لأن يكون أمن مصر هدفاً لجماعة اختارت العنف بديلاً للتفاهم.. والقتل وسفك الدماء بديلاً للحوار، لا لشىء إلا لاحتفاظهم بسلطة الحكم وإبقاء الوطن رهينة أو غنيمة لأطماعهم!
سيادة الفريق السيسى كفى ما جرى فقد ابتلع المواطنون -على مضض- أن تتحول عاصمة بلادهم إلى ما يشبه «الجمعية العامة للأمم المتحدة» من كثرة زيارات المسئولين الأجانب الذين وفدوا إليها متقمصين أدوار «المندوب السامى» أملاً فى إمكان أن يخضع هؤلاء الإرهابيون للمنطق وأن يستجيبوا لإرادة الشعب دون المزيد من إراقة الدماء ولكن لا فائدة.. وعلى الرغم من أن مَن اختار العنف والقتل وسيلة له لإرهاب وإخضاع الشعب لإرادته قد نزع عن نفسه رداء «المصرية» وأصبح شارداً عنها إلا أن الجميع يعلم أن عقيدة المؤسسة العسكرية الوطنية تحظر أن يوجه السلاح إلى صدر أى مصرى، وبالتالى فنحن على ثقة كاملة فى إمكان المؤسستين العسكرية والأمنية وضع نهاية لـ«مهزلتى رابعة والنهضة» دون إراقة الدماء إلا دفاعاً عن النفس كما يقره القانون.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.