الفيوم: «الفورمالين» و«خلط اللبن بالمياه» و«ذبح الإناث».. ثلاثى يتسبب فى إهدار الإنتاج
شكاوى من أهالى الفيوم بسبب خلط الألبان بالمياه
تعدّدت شكاوى المواطنين بالفيوم، من ظاهرة ما يُعرف بـ«قطع اللبن» عند غليه، وما يتردّد بين الحين والآخر من استخدام مادة الفورمالين فى حفظه لدى بعض معامل الألبان، فى ظل وجود ظاهرة ذبح إناث الماشية، التى يشتهر بها مركز سنورس، وهو ما يُؤثر على جودة وكميات الألبان المنتجة بالفيوم.
تؤكد نادية محمود، من أبناء مدينة الفيوم، أنها تشترى كيلو اللبن من بعض المزارع بـ8 جنيهات للكيلو، ولدى آخرين بـ9 جنيهات، وتقول إنه رغم أننى فى كثير من الأحيان أفضّل شراء اللبن بالسعر الأعلى، لكننى أفاجأ عندما أغليه على البوتاجاز، بأنه «قطع»، وانفصلت طبقة منه وتجمّعت، مثل الجبن، والباقى عبارة عن مياه، وأضطر إلى التخلص منه دون استعماله.
«عزب»: تشديد الرقابة على منافذ البيع وتوحيد سعره لمنع غشه.. ومن الضرورى الاهتمام بصغار المنتجين والتغذية الجيدة للحيوانات
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل يصل الغش إلى بيع اللبن البقرى على أنه جاموسى، وهو ما حدث مع فاطمة محمد، من حى الصوفى، التى لاحظت عدة مرات عند غلى اللبن، بأنه تطفو على سطحه طبقة مثل القشدة تميل إلى الاصفرار، وهو على غير المعتاد فى اللبن الجاموسى، وتضيف: «كل بائع له سعر يختلف عن الآخر وبعض محال البقالة تضع لافتة مكتوباً عليها أن اللبن المبيع لديه جاموسى، لكنها تفاجأ بأنه ليس كذلك».
ويشتهر مركز سنورس، بظاهرة ذبح إناث الماشية وهى صغيرة السن، من أجل بيع لحومها سريعاً وبأسعار أقل قليلاً عن سعر الذكور لدى الجزارين، وهو ما يُهدر الثروة الحيوانية من اللحوم والألبان أيضاً، حسب الدكتور أحمد برعى، طبيب بيطرى، من مركز سنورس. ويضيف: معظم الألبان المبيعة فى المحلات بقرى، حيث يُعد اللبن الجاموسى أكثر دسماً وأفضل فى الطعم من البقرى.
ويؤكد الطبيب البيطرى، أن ظاهرة ذبح إناث الماشية، تؤثر على الكميات المنتجة من اللحوم والألبان، وتحتاج إلى مواجهة من الأجهزة المعنية، مع ضرورة تنفيذ مشروع البتلو الذى تتبنّاه الدولة بالشكل السليم، لأنه سيزيد إنتاجية الألبان واللحوم أيضاً.
ويشير الطبيب البيطرى، إلى أن القانون يبيح ذبح الإناث فى سن 6 سنوات، بعد الاستفادة منها بالكامل فى الإكثار والألبان، لكن ما يتم حالياً هو ذبحها فى سن أقل من سنتين أو ثلاث، وهو ما يمثل خسارة كبيرة للثروة الحيوانية ومنتجاتها.
ويرى «برعى» أن أسعار الألبان فى الفيوم، مقبولة، مقارنة بمحافظات أخرى، لأن الثروة الحيوانية بالمحافظة جيّدة، وكثير من البيوت التى تنتج الألبان لا تستهلكها ذاتياً، لكنها تطرحها للجمهور، فضلاً عن عدم وجود إنتاج آلى، ومصاريف عمالة وخلافه، فالفلاح يبيع مباشرة للموزعين، وبالتالى التكلفة أقل.
أما أيمن شكرى، من كبار مربى الماشية بالمحافظة، فيؤكد أن ارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية البيطرية، يؤثر فى زيادة أسعار الألبان، لارتباطها بسعر الدولار، قائلاً: نحاول الاعتماد على الأعلاف الخضراء، وهذا الأمر يكون متاحاً مع المربين الذين لديهم أراضٍ زراعية، يحصل منها على احتياجاته من البرسيم والعلف الأخضر للماشية، لكن من ليس لديه، يعتمد على الأعلاف أو يشترى البرسيم من السوق، وبالتالى تزداد التكلفة عليه فى إنتاج الألبان. ويضيف أيمن شكرى، أن هناك بعض المنتجين يستعملون مادة الفورمالين فى الألبان، لكنه لا يستخدمه نهائياً فى إنتاجه، مشيراً إلى أن الألبان فى الفيوم أسعارها أقل من القاهرة.
وتؤكد الدكتورة وداد عزب، أستاذ الألبان بقسم الألبان، بكلية الزراعة، بجامعة الفيوم، أن بعض التجار يستخدمون مادة الفورمالين، كمادة حافظة، لأنها تقضى على الميكروبات، لكنها يجب ألا تستخدم فى الألبان، ويُسمح بوجودها فى معمل الألبان كمادة حافظة للعينات المركبة التى يُحلل فيها صاحب المعمل نسبة الدهون بالألبان، للتأكد من مطابقته للمواصفات المقرّرة.
وتشير عزب، إلى أن إضافة الفورمالين فى الألبان المبيعة للمواطنين هو استخدام خاطئ يتم على مستوى محافظات الجمهورية، يتطلب رقابة مشددة من مديريات الصحة، وأخذ عينات بصفة دورية ومستمرة من الألبان المبيعة بالأسواق للتأكد من جودتها. وتؤكد أستاذ الألبان، ضرورة توحيد سعر بيع الألبان فى الأسواق، حتى تكون المنافسة عادلة، لأن البعض منهم يخفّض السعر، ويخلط اللبن الجاموسى بالبقرى، ويكون به رطوبة أعلى، والبعض الآخر يخلط اللبن بالماء، ويستطيع المستهلك أن يكتشف خلط اللبن فى حالة ظهور «وش» لونه أصفر أثناء غلى اللبن.
وترى «عزب»، أن الفيوم فى حاجة إلى التوسّع فى إنتاج اللبن، حيث لا يوجد بها مصانع كثيرة، وبعض شركات إنتاج الألبان لجأت لإقامة مزارع إنتاج حيوانى خاصة بها، حتى لا تكون منتجات الألبان التى تصنعها عرضة للغش فى الأسواق، وضمان جودة منتجاتها.
وتطالب بضرورة الاهتمام بصغار المنتجين للألبان، والتغذية الجيّدة والسليمة للحيوانات، التى تساعدها على إدرار كميات أكبر من الألبان، مع أهمية نشر ثقافة التعرّف على اللبن السليم بين المواطنين، حفاظاً على صحتهم وحمايتهم من الغش، ويبرز هنا دور الإعلام فى ذلك، وقالت: «نحن نسعى لأن نقوم بدورنا فى خدمة المجتمع فى هذا الصدد، ومستعدون لتنظيم قوافل توعوية مجانية من الكلية لتوعية المواطنين بالتمييز بين اللبن الجيد والمغشوش».
وتضيف أستاذ الألبان، أن جامعة الفيوم تسعى فى الفترة المقبلة، للتوسّع فى الإنتاج الحيوانى بها، بحيث تزيد إنتاجها من الألبان، وتوفره بجودة عالية وبأسعار مقبولة للجميع، ورئيس الجامعة يدعم هذا التوجّه، حيث يعد إنتاج الكلية حالياً ليس كثيراً، وتطالب بإنشاء مراكز تجميع كبيرة للألبان، مع تشديد الرقابة عليها، تعمل على جمع الألبان من صغار المنتجين، وإعادة بيعها للمواطنين، وذلك دعماً لصناعة الألبان فى المحافظة وجميع محافظات مصر، وهو ما يوفر فرص عمل جديدة للشباب، وعلى المحافظة أن تُشجّع مثل هذه المشروعات للشباب، ونحن مستعدون لتوعية الشباب بهذه المشروعات بالمجان.
وترى «عزب» أن تحسين إنتاج الألبان ومنتجاته، يتطلب التوسع فى مزارع الإنتاج الحيوانى، خصوصاً المنتجة للألبان، مع الاهتمام بجودة السلالات من الماشية، وزيادة الوعى بشأن الألبان لدى المواطنين.