السلام، ذاك المعنى المتسع والمتشعب والتعبير المنتشر عن صفة رائعة، يسعى إلى التنعم بها سائر البشر، الكلمة بذاتها وتشكيل حروفها تبعث على الراحة والاطمئنان، السلام هو اسم من أسماء الله الحسنى، وهو وعد لعباد الله الصالحين بالنجاة والأمان والرضا، قال تعالى: «وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ..» صدق الله العظيم.
السلام هو حلم البشر منذ أول غارة وحرب واقتتال بالتاريخ، وإلى يومنا هذا، السلام يكون بين الأفراد والدول والكيانات المختلفة.
السلام هو الشعور بالأمن والمصالحة، وأجمل أنواع السلام هو السلام الداخلى؛ مصالحتك مع ذاتك وطباعك ومع الكون بصعابه وضباعه!! حتى إن لم تتوافق مع أحداثه وشخوصه، إلا أن قبولك الاختلاف، وقبولك لمضايقات العالم بطريقة الاستيعاب والإدراك يجعلك تمتلك هذا السلام، حينها لن تقابل الشر بالشر بل بالعقل والأخلاق والصبر الرادع.
لكن ما الفرق بين السلام والاستسلام؟! وهل لتكون مسالماً عليك بالتخلى عن حقوقك أو أن تقبل تجاوزات الآخرين بحقك؟! بالتأكيد لا، فالسلام وجه من وجوه القوة والوجود المؤثر، إذ إن السلام بضعف هو انهزام وانكسار وتسليم، وشتان بين القوة والاستسلام.
للسلام علامات وإشارات؛ حمامة بيضاء! غصن زيتون، أو ابتسامة بوجه طيب، السلام إذا حل بقلب جعله محباً نقياً عادلاً خيراً، وإن غاب ملأ البغض القلوب واعتلت الوجوه علامات العبوس والضجر.
السلام يبدد أصعب المشاكل وأعقدها، السلام يجعلك تعلم أن لا شىء يستدعى التشاحن والتباغض ولا المناقشات الحادة ولا الاحتدامات المتعنتة.
السلام يجعلك أقرب إلى القلوب والعقول، وهو الطريق للتحقق والنجاح والفلاح.
السلام الداخلى يمدك بطاقة هائلة تساعدك على العطاء والتقدم والفعالية فى هذا الكون، فتكون شخصاً متسقاً مع ذاتك ومجتمعك ومع العالم من حولك. ليتحول السلام الداخلى إلى خير وفيض وعطاء خارجى، كما أنه يولد حولك دوائر من الإيجابية والمحبة والقبول أينما ذهبت، ويمهد لحديثك حيثما توجهت ويعضد موقفك أيان اختلفت.
السلام أنشئت له المعاهد والمؤسسات وعقدت من أجله المؤتمرات ووثقت المعاهدات، فقط ليكون موجوداً ويتحقق فى دنيانا، لكنه أسفاً مع الوقت لم يعد سوى اسم رنان يتاجر به ويتكسب من خلفه، بل وبلغ قبح العالم أن يكون رعاة السلام هم ذاتهم مصدرى القلق والشر بين البشر، ودواليك تلك العجلة تدور على ذات المنوال، أسماء وشعارات رنانة والوجه الحقيقى يخفى كل ما هو ضد السلام والأمان.
العالم يحتاج إلى فسحة من السلام، شعوب الأرض تحتاجه، قبل أن يجتاحها الخراب والدمار والتناحر، أرواحنا تهوى الاستمتاع به وتشتاق جنى ثماره. السلام نعمة عظيمة ليتها تسود هذا الكوكب وإلى الأبد، ومن قبل هذا عساها تزور قلوبنا فلا حسد ولا غل ولا شر بين الناس.