- استقالة الحريرى بهذه الطريقة العجيبة والمفاجئة، والقبض على أصحاب أكبر ثلاث إمبراطوريات إعلامية عربية، والتحفظ على عشرات الأمراء السعوديين فضلاً عن عشرات آخرين، ونهاية داعش وصعود نجم القاعدة، وعودة مقاتلى داعش، كل ذلك وغيره أحدث زلزالاً سياسياً واستراتيجياً فى المنطقة ينبغى علينا جميعاً تحسب نتائجه التى قد تدوم لعشرات السنين ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
- بداية انهيار التحالف بين آل سعود وآل محمد عبدالوهاب وانفضاض الشراكة التى قامت بينهما على أن لآل سعود الحكم ولآل عبدالوهاب وأتباعهم الأمور الدينية.
- بداية انهيار المذهب الوهابى عملياً بعد أن ضعف فكرياً لأنه لم يألف التعددية أو يتحسب لها، وكذلك تشديده على العوام وتيسيره على النخبة، مع أن الإسلام جاء بعكس ذلك، وهكذا كان يفعل الفاروق عمر بن الخطاب الذى أرسى دعائم العدل السياسى والاجتماعى وشدد فى منظومته الحضارية على نفسه وعماله «المحافظين عندنا» ووزرائه وأقربائه وتساهل مع الرعية.
- بداية ضعف وتضعضع الإمبراطورية الإعلامية السعودية الخاصة والمتمثلة فى روتانا، mbc، Art، ومعنى ذلك تهديد فرص العمل للإعلاميين والصحفيين فيها وعدم استقرار منظوماتها، وهذه الإمبراطورية كانت أشبه بالقوة الناعمة للسعودية مع قناة العربية وصحف سعودية كثيرة أخرى قد تتأثر بالقرارات الأخيرة.
- قد يمر الخليج العربى كله بحالة من عدم الاستقرار المالى والاقتصادى أو تذبذب المراكز الاقتصادية بطريقة غير مسبوقة لم يعهدها من قبل، مع احتمال تزايد السيطرة الحكومية السعودية على كل منتجات الإعلام التى قد تصدر عبر هذه الإمبراطورية.
- انتهاء الطريقة السابقة فى حكم المملكة السعودية، التى كانت تتم عن طريق التوافق وانتقال السلطة إلى الأخ الأكبر من أولاد الملك عبدالعزيز، إذ إن السلطة الآن ستصل قريباً إلى الأمير الشاب محمد بن سلمان، ويعتقد معظم المحللين أن دورة الحكم لن تعود كما كانت، وقد تظل ملكية فى دائرة الأبناء أو الأشقاء، أى أشقاء الملك الشاب المقبل أو أبنائه، أو قد يدشن الملك الشاب المقبل نظاماً جديداً يختلف عن ذلك كله، أى إن المُلك قد ينحصر مستقبلاً فى آل سلمان أو آل محمد بن سلمان، إذ إن نفوذ جميع الأمراء الآخرين قد انتهى وأن الأمير الشاب ولى العهد قد جمع بين يديه كل السلطات العسكرية والأمنية والإعلامية والاقتصادية.
- يعتقد الكثيرون أن الأيام المقبلة ستشهد حلاً لهيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أو مزيداً من التراجع لنفوذ رجال الدين عامة فى حكم المملكة السعودية، وأن الصلاحيات التى كانت متاحة لرجال الدين أيام الملك فيصل والملك خالد لن تتكرر مرة أخرى.
- ستزداد العلاقات توتراً بين السعودية وحلفائها من جهة، وبين إيران وحلفائها من جهة أخرى، ولكن لن يدخل الطرفان فى حرب مباشرة بينهما فى الغالب، بل سيقتصر الأمر على الحرب بالوكالة كما تعود الفريقان دائماً إلا إذا لعبت أمريكا وإسرائيل دوراً خبيثاً فى الزج بالفريقين العربى والإيرانى فى حرب مباشرة تهلك الفريقين، وعموماً الحروب تبدأ كما يريدها أطرافها ثم يفلت زمامها وقد تأكل الأخضر واليابس ولا يستطيع أحد إيقافها.
- قد تبدأ إسرائيل حرباً على قوات حزب الله فى سوريا ولبنان، وقد تظنها محدودة ولكنها ككل الحروب يعرف الجميع بداياتها وأسبابها ولكن لا يعرف أحد مآلاتها ومآسيها ونهايتها.
- ستدشن هذه الفترة الإعلان عن الهزيمة النهائية لداعش فى العراق وسوريا، وبزوغ نجم القاعدة فى الشمال الأفريقى، المغرب العربى، وتكرار حالة السيولة التى تمت فى الانتقال من القاعدة لداعش، ولكن ستتم الفترة المقبلة بالعكس، مع حالة هجرة للمقاتلين الداعشيين إلى المناطق التى ليست فيها حكومات مثل ليبيا، الصومال، الحدود الليبية التشادية، وهكذا.
- ستشهد هذه الأيام التدشين الفعلى للإمبراطورية الإيرانية التى تمتد من إيران للعراق لسوريا للبنان، والتى تنتظر ضم اليمن بفارغ الصبر، وسيتجول الحرس الثورى الإيرانى عبر هذه البلاد بكل حرية، وستتحول الميليشيات الشيعية فى كل بلد إلى نموذج مصغر من حزب الله «حزب سياسى له جيش ومخابرات وأقوى من الدولة، يحركها ولا تحركه، يلاعبها ولا تلاعبه».
- تقلص النفوذ المصرى فى دول كانت مصر حاضرة فيها بقوة قديماً «مثل سوريا، لبنان، العراق، اليمن».
- احتمال انهيار تماسك أسرة آل سعود كأسرة كان يضرب بها المثل فى التكتم على خلافاتها ونزاعاتها وصراعاتها، وأنها ظلت قرابة مائة عام لم تظهر على السطح أى مشكلات لها، وهناك احتمال آخر لتحول هؤلاء الأمراء الموقوفين إلى معارضين بعد إطلاق سراحهم وعزلهم من السلطة ومصادرة أموالهم إذ ماذا سيتبقى لهم، وبالتالى ستنشأ لأول مرة فى تاريخ السعودية معارضة سياسية.
- انهيار منظومة البيعة التى سارت عليها مسيرة الحكم السعودى قديماً، ولكن لم يتبين البديل حتى الآن.
- انتهاء حكم الملوك كبار السن فى السعودية، فلن تتكرر نماذج «الملوك خالد وفهد وعبدالله» فوق الثمانين، لأن الملك المقبل سيكون شاباً وسيكون معظم معاونيه شباباً وهذا أمر منطقى.