سعدت كثيراً حين قرأت خبراً قصيراً منذ عدة أيام يفيد بأن طلبة كلية الطب بالقوات المسلحة قد حصلوا على الميدالية الذهبية والمركز الأول فى المسابقة الدولية للهندسة الوراثية، والتى عقدت فى الولايات المتحدة الأمريكية، والواقع أنه ربما أصبح الوقت مناسباً لأتحدث عما أشعر به كلما سمعت عن إنجاز جديد، أو نصر تحقق على يد شباب وأعضاء هيئة تدريس وضباط تلك الكلية الوليدة، تلك الكتيبة التى ربما لا يعرف الكثيرون شيئاً عنها وعما تقدمه للوطن.
الأمر لا يحمل مبالغة من أى نوع، فما يحدث داخل جدران ذلك الصرح يحمل الكثير من الأمل، والأكثر من الفخر والاعتزاز الذى يشعر به كل من يعمل فى القطاع الصحى فى مصر، بل كل من يطأ بقدمه على أرض هذا الوادى الطيب من الأساس.
فمنذ أعوام قليلة، أصدر السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى -وزير الدفاع وقتها- قراره بإنشاء كلية للطب تتبع القوات المسلحة، ومن وقتها والملحمة قد بدأت ولم تتوقف أبداً، ربما حتى لحظة كتابة هذه السطور!
فالكلية قد أخذت على عاتقها مهمة واحدة، وقررت أن تنفذها على الوجه الأكمل، فقامت باتباع نظام للتعليم الطبى لا يطبق فى أى كلية أخرى فى البلاد، نظام يحلم به كل من يعمل فى تدريس الطب على مستوى العالم كله، واستخدمت فى ذلك إمكانيات متميزة، ومجموعة منتقاة من أعضاء هيئة التدريس الذين تم اختيارهم بعناية فائقة، حتى يمكننا أن نصف اهتمام إدارتها بالمستوى العلمى للطلبة فى المقام الأول بأنه غير مسبوق، بل وأعتقد أنه يستحق أن يتم تسليط الضوء عليه بشكل أكثر تركيزاً!
كما أن إدارة الكلية لا تلقى تركيزها على المقرر العلمى فقط، بل إنها تشجع الابتكار والبحث للطلبة، وتعمل على إشراكهم فى مختلف الأنشطة العلمية التى تعقد فى مصر وفى العالم كله، ذلك التشجيع الذى كان الاشتراك فى تلك المسابقة بالولايات المتحدة من نتائجه، ومن ثم الفوز بالمركز الأول، ورفع اسم مصر عالياً فى ذلك المحفل العلمى الكبير!
إن سياسة الكلية تقوم فى أساسها على الانفتاح على العالم، والاطلاع على التجارب المشابهة، بل وعلى عقد اتفاقيات التعاون بينها وبين الكليات المناظرة، ليس فى مصر وحدها، وإنما فى العالم أجمع، ويكفى أن أقول إنه فى الوقت الذى يتحدث فيه الجميع عن «التعليم الذاتى» وكيف أنه الوسيلة المثلى للتعلم، تطبق الكلية هذا النوع من التعليم منذ إنشائها فى كفاءة ومهارة، ودون ضجيج.
الطريف أن الكلية ما زالت وليدة، فعمرها لا يتجاوز الخمس سنوات، بل لم يتم تخريج الدفعة الأولى منها حتى الآن، ولكن الحق يقال، فحجم الإنجاز الذى تم على أيدى أبنائها وطلبتها حتى الآن يستحق أن نقف له احتراماً!
إنها خمسة أعوام مرت على قرار السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بإنشاء كلية الطب بالقوات المسلحة، خمسة أعوام وكتيبة كاملة تعمل بجد واجتهاد وبوسائل وأنظمة ربما لم نشهد مثلها فى تاريخ التعليم الطبى فى مصر.
خمسة أعوام، وإدارة رشيدة تعمل لتخريج دفعة من الأطباء أثق أنها ستكون طفرة فى المستوى العلمى والعملى للأطباء المصريين.
خمسة أعوام، لا يدرك فيها الكثيرون أن البعض يعمل فى صمت، دون انتظار لأضواء الإعلام أو إشادات مواقع التواصل الاجتماعى، فهم يعملون للوطن، فقط!