عم جلال 30 سنة غربة ونفسه يرجع مصر: "مش فاكر شكل عيلتي ومش لاقي أسافر"
عم جلال
حلم راوده منذ شبابه، مغريات السفر داعبت ذهنه، يرى نفسه بعد سنين إذا ترك بلده رجل أعمال ناجح، ما دفع الشاب المصري جلال عبد العظيم، إلى أن يتقدم بأوراقه للسفر إلى العراق، متسلحًا بمهنته المطلوبة كمقاول مباني.
إجراءات السفر مرت على "عم جلال"، وهو في سن الـ23 عاما، بمنتهى السهولة، رحل إلى العراق، وعمل هناك، وصارت له حياة مستقلة، خاصة بعد أن تزوج من امرأة عراقية، ليسكن برفقتها في مدينة النجف ببغداد، قبل أن تدور الأيام وتنفذ قانونها القاسي بعدم دوام الحال.
30 عام مروا على "عم جلال" منذ سفره، كانت مدة كفيلة بأن ينقلب خلالها حاله خلال 30 سنة غربة ليتمنى الرجوع إلى مصر: "مش فاكر شكل عيلتي ومش معايا فلوس السفر"
ولأن دوام الحال من المحال، ذهب المال الوفير مع عافية البدن، ليصبح الرجل المصري العراقي، "غريب في بلاد غريبة" على حد قوله، ويصير دونما مال أو عمل، يعيش على مساعدات بعض الأصدقاء هناك.
"انفصالي عن زوجتي سبب رئيسي في اللي أنا فيه".. رحلة "عبد العظيم"، من الثراء إلى الفقر، تتلخص في زوجته، التي ادخر مع عائلتها معظم أمواله لامتلاك مخبز، وبعد خلاف نشب بين الزوجين أدى للانفصال، لتسلب عائلة الزوجة نصيبه في المخبز، وأصبح دون عزوة أو مال يحميانه من تقلبات الزمان، لذا فكر بعدها الرجوع إلى مصر، قبل أن يصعب عليه ذلك، لتصبح العودة حلم، يرواده تمامًا كحلم السفر قبل 30 عام.
يروي صاحب الـ52 ربيعًا رحلة العناء التي عاشها وطال مداها لخمس سنوات، في سبيل استخراج رقم قومي وجواز سفر للعودة إلى مصر مرة أخرى، بعد ضياع أوراقه، والتيلم يتبق منها سوى شهادة الخدمة العسكرية وشهادة الميلاد، "روحت السفارة المصرية، ومحدش وقف جنبي، مش مصدقين إني مصري مع إني معايا شهادة ميلادي، حتى اللجنة اللي جت من مصر طلبت مني جواز السفر".
بلهجة عراقية تخللتها كلمات من اللكنة المصرية، يستجير "عم جلال" من أسعار جواز السفر والرقم القومي في بغداد، خاصة في ظل عدم اقتداره ماديًا على استحراجهما،"لجنة الرقم القومي طلبت ما يعادل 1170 جنيه مصري، لاستخراج استمارة رقم قومي مبدأية، وسعرها في مصر يقارب الـ30 جنيه، وجواز السفر يتطلب دفع رسوم تعادل 2500جنيه، وهو في مصر لا يتكلف سوى 600 جنيه".
يتذكر "عم جلال" أيام شبابه، في مركز السنطا بمحافظة الغربية حيث نشأ، مدرسته، أصدقاءه، منزله، وعائلته، كلها أشياء يُمني نفسه برؤيتها مرة أخرى، "مش فاكر شكل عيلتي، بكلمهم كل فترة وفي المناسبات"، يعذر مقاول المباني عائلته في عدم تقديم المساندة له من مصر، "هما على قد حالهم، كمان الدنيا مشاغل".
مسيرة الغربة لدى عم جلال وصلت محطتها الأخيرة، يريد العودة لوطنه، ولا يمنعه عن ذلك سوى الأوراق والأموال اللازمة لاستخراجها، لذا يناشد ابن الغربية الجهات المسئولة في مصر للتدخل، وحل أزمته، بتسهيل إجراءات السفر واستخراج الأوراق المطلوبة، أو التخفيض في أسعار استخراجها التي تفوق طاقته.