تصريح لافت جاء على لسان ولى العهد السعودى ووزير دفاع المملكة الأمير محمد بن سلمان، جاء فيه أن المملكة العربية السعودية سترد على إيران بذات الخطوة فى حال طورت قنبلة نووية، وأنها ستطور قنبلة نووية إذا أقدمت إيران على تلك الخطوة، هذا المشهد يذكرنا بما حدث بين الهند وباكستان، عندما طورت الأولى سلاحاً نووياً فما كان من الثانية إلا أن سخرت كل جهودها من أجل امتلاك قنبلة نووية حتى تمكنت من ذلك، ولعلك تعلم تاريخ الحروب والتحرشات العسكرية بين كل من الهند وباكستان، لكن الأمر يختلف بالنسبة لكل من السعودية وإيران، إذ لم تعرف المنطقة حروباً بين أهل نجد والحجاز والفرس منذ معركة القادسية وما تلاها من حروب تاريخية بين العرب والفرس.
من المعلوم بالضرورة أن المملكة العربية لا تملك الإمكانيات الفنية والعلمية والتكنولوجية التى تمكنها من صناعة سلاح نووى، كل ما تملكه فى هذا الصدد هو المال، ومؤكد أنه كفيل بإنجاز الهدف عندما تنوى المملكة إنفاذ الخطوة، فهى قادرة على الاستعانة بقدرات دول أخرى، من خارج أو من داخل المنطقة من أجل تحقيق هذا الهدف، الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال بينها وبين المملكة تعاون عسكرى ضخم، وصفقات مليارية لشراء الأسلحة، أما داخل المنطقة فلا يوجد سوى إسرائيل، فهى القوة النووية الوحيدة فى الشرق الأوسط، وهى تقف بقوة ضد أى محاولات من جانب أى دولة من دول المنطقة لامتلاك سلاح نووى، والكل يعرف موقفها الرافض للبرنامج النووى الإيرانى.
إسرائيل كان لها موقف مشهود من العراق حين تبنى صدام حسين برنامجاً نووياً، فاستهدفت المفاعل النووى العراقى بالقصف عام 1981، ولم تلق سمعاً إلى الإدانات العربية للخطوة، مكتفية بتأييد الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لها، نعم العلاقات بين إسرائيل والمملكة هذه الأيام تمتاز بدرجة واضحة من النعومة والخصوبة، ولكن هل يمكن أن تسمح إسرائيل للمملكة بامتلاك سلاح نووى؟ بعبارة أخرى هل يمكن أن تتعامل إسرائيل بمبدأ «الخيار والفقوس» فتسمح للمملكة بما تحاربه وتقف ضده بمنتهى العنف فى إيران؟ ثم هل من الممكن أن تقدم إسرائيل دعماً من أى نوع للمملكة حتى تمتلك سلاحاً نووياً؟
الإجابة عن أى من الأسئلة السابقة توجب علينا ألا نأخذ تصريح ولى العهد مأخذ الجد، بل يمكن وضعه فى خانة حرب التصريحات المتبادلة بين كل من طهران والرياض، وقد دأب الطرفان خلال الأشهر الماضية على تبادل الاتهامات والتهديدات، والمسئول من هنا أو هناك يخرج مهدداً خصمه بالويل والثبور وعظائم الأمور، دون أن تحدث أى مواجهة مباشرة ما بين الطرفين، فالطرفان يكتفيان بالمواجهات الخارجية، أو الحرب على أراضى الغير، ذلك ما يحدث فى سوريا وما يقع فى اليمن، حيث يدفع الشعبان السورى واليمنى الثمن الأكبر للمواجهة بين المال السعودى وميليشيات الحرب الإيرانية، من المفترض أن يحدد الرئيس «ترامب» موقفه من تجديد الموافقة على الاتفاق النووى مع إيران أوائل أبريل المقبل، وهناك من يرجح ألا يمدد الرئيس الأمريكى الاتفاق هذه المرة، وإذا حدث ذلك فسوف تصبح الأجواء مهيأة لاختبار مدى جدية تصريح ولى العهد السعودى.