محمد شنح يكتب: دعوة «أمى»
محمد شنح
لم أعلم حتى كتابة تلك السطور، إن كانت دعوة «أمى» فى محلها أم لا، فلعلها أخذت من بركة «الحاجة أم صلاح»، وانحرف بى الطريق من البحث عن المتاعب للركل فى الملاعب، فـ«ركلة القلم» لم تعد تسمن أو تغنى من جوع أمام ركلة قدم تجلب الذهب، «اللهم لا شهرة ولا حسد»، فالرضا بالمكتوب عبادة، وأن تؤمن بما تعمل أشق عبادة، ولذلك فلا مكان لضعاف الإيمان فى بلاط صاحبة الجلالة، ولا مكان لـ«مفلس» بضم «الميم» فى «الوطن».
ثالوث «المعلومة الدقيقة، والفكرة الطازجة، ومواكبة تطورات العصر»، صار رصيد الجورنالجى، ولم يعد من يعمل بـ«الشغلانة» مجرد أجندة مصادر، أو ناقل بيانات، و«يا فرحتى» بمن يملك مهارات الكتابة الجيدة، والتواصل الفعال، ولا يستغلها فى بناء قصة صحفية جيدة تهم المواطن بالدرجة الأولى، كل ذلك يتحقق، وإن كان بقدر متفاوت بين جدران «الوطن»، وأظن أنها استمرت لأنها احترمت ذلك «الثالوث المقدس»، وآمنت بأن للموهبة رباً يحميها، سواء كان «جلاداً» مؤسساً بقلمه، أو «مسلماً» يكمل المسيرة برأيه، فالقافلة تسير والكتيبة تعتز بنجاحاتها.
أعود إلى موضع رأسى على «مخدة» سريرى المستأجر داخل شقة مفروشة بمنطقة أرض اللواء الشعبية، مأوى ألجأ إليه فى نهاية كل يوم تدوب فيه الأقدام من البحث عن فرصة تليق بخريج إعلام القاهرة، صاحب الـ97.5% بالثانوية العامة، كما كان يحلو لأبى، أن يعرفنى بتفاخر لمعارفه وأصدقائه و«القرايب من بعيد»، رحلة تخللها المرور بصحف ومواقع وإذاعات إنترنت، ولم تخل من خداع أصحاب «جرانين بير السلم»، حتى رن الهاتف من تحت «المخدة»، لأسمع صوت أمى: «يا بنى فيه جورنال عاملين له إعلانات فى التليفزيون روح مش هتخسر حاجة، انت كويس»، كانت «الست الوالدة»، الوحيدة المؤمنة بى فى ذلك الحين، «قلت أجرب».
مقر «شيك» فى «27 محيى الدين أبوالعز، تقاطع مصدق»، هنا كان اللقاء الأول فى أوائل أبريل 2012، ساعة من الانتظار، حتى أتى دورى فى الدخول، وأتفاجأ بوجودى أمام قامات صحفية، «علاء الغطريفى»، و«محمدالمعتصم»، وهنا يأتى السؤال: «شايف نفسك فين فى الوطن»، لأجيب متلعثماً والعرق يتصبب منى: «الديسك»، ليكون الرد عملياً، «صيغ قصة صحفية من المعلومات دى»، لأكتشف أننى كل ما كنت أفعله من قبل: «خديعة كبرى»، ولولا أن توسم «المعتصم» خيراً فى لكنت مطروداً فى الحال، ليتجاذب أطراف الحديث معى، وفجأة تجذبنى ريح عاتية، وترسو سفينتى فى ميناء «شيماء البردينى».
«ده إيميلى اعملى 3 فيتشرات وابعتهم»، لقاء سريع لم يتجاوز 45 ثانية، كانت تلك الجملة آخر ما فيه، وتوقعت أن تكون آخر جملة فى قصة «الوطن»، إلا أنها كانت البداية، المفاجأة جاءت بعد أسبوعين، تحدثنى «البردينى»، «تعالى عايزاك»، وتسلمنى «تسليم أهالى» للبوابة الإلكترونية، ويبدأ محرك بحث البوابة الإلكترونية، يسجل اسم صحفى مغمور، ويشهد على عمل شاق، 18 ساعة يومياً، ليذكر اسمى، ولو على استحياء، فأطير فرحاً عندما أسمع قامة مهنية وأكاديمية فى حجم دكتور محمود خليل، يقولها صراحة، «بعرف إن الموضوع ده ماركة شنح من العنوان».
عامان ونصف بين أروقة البوابة الإلكترونية، نقدم التغطية اللحظية، واللقطة المختلفة، والقصة المصنوعة، ونشارك فى ملفات خاصة على صفحات الموقع والجريدة، ليأتى ديسمبر 2014، ويحمل معه مهمة جديدة، وثقة أعتز بها، من الأستاذ علاء الغطريفى، الذى جعلنى على رأس فريق من أكفأ الصحفيين، لنقدم التغطية الخاصة للأحداث المحلية والعربية والدولية على مدار عام كامل من العمل المتواصل، ليؤذن المؤذن من جديد للعودة للكتابة على صفحات الجريدة الورقية، وتحت قيادة «البردينى» فى «الفيتشر»، يأتى التتويج على منصة نقابة الصحفيين، ودرع التفوق الصحفى بالتزامن مع العودة لقيادة فريق المتابعة الإخبارية، ونجوم مقبلة إلى المجرة الصحفية بقوة، بأعمال متميزة، «سلوى الزغبى، وسمر صالح، ودينا عبدالخالق، ومحمد على حسن»، ومن قبلهم «ميسر ياسين» وعشرات من المتدربين، صار بعضهم اليوم قيادات فى مواقع صحفية ناشئة، وبشهادة الجميع صارت «المتابعة» واحداً من أهم الأقسام المميزة فى الصحيفة، بمشاركة رفيقى وصديقى محمود عباس، ووسط دعم وتشجيع وسعى لخلق فرص تدريب مميزة برعاية منصات عالمية من جانب رئيس تحرير «الوطن»، الذى يؤمن أن «قوته فى شبابه».