ظلت 18 عاماً حبيسة المنزل ثم خرجت لتحقق حلمها.. «فاطمة» تحول «عرجون النخل» إلى «منتجات وتحف يدوية» للتصدير
فاطمة تستعرض بعض منتجاتها
لم تكن مجريات الحياة تسير بالنسبة إليها على النحو المرغوب، فقد قادها المجتمع بعاداته وتقاليده نحو طريق المستوى التعليمى المحدود ثم الزواج والحياة التقليدية التى تعيشها النساء فى أسوان، هكذا عاشت حياتها فاطمة إدريس 45 عاماً، بمنطقة الغازات فى مدينة أسوان، التى تعمل فى غزل «العرجون»، فقد حصلت على دبلوم فنى صناعى قسم ملابس جاهزة بالمدرسة الفنية بأسوان، وتتوقف حياتها التعليمية عند هذا الحد، ويقرر والدها زواجها من أحد أقاربها، لتتزوج وتدخل عش الزوجية لتنجب 4 من الأبناء وتقوم على تربيتهم مدة 18 عاماً حتى تدفعها الظروف إلى الخروج مجدداً لتمارس ما تهواه وتسعى نحو حلم جديد.
«كنت بحب الزخرفة وبعشق الرسم، ولما كنت أختفى فى المدرسة يعرفوا إنى فى قسم الزخرفة، لكن والدى هو اللى حكم عليا إنى أدخل قسم ملابس، وحدد مصيرى بوقف تعليمى كمان، وأتجوز»، هكذا تقول «فاطمة» ابنة أسوان التى كانت قد حصلت على مجموع يؤهلها لتستكمل تعليمها، مشيرة إلى أنه عندما بدا أن الظروف المادية ستحول بين استكمال ابنتها تعليمها، قررت أن تخرج من المنزل لتعمل وتحقق لها ما حُرمت منه هى، قائلة: «جوزى شغال فى الصيانة فى مطار أسوان، وكان عندى بنتى داخلة على ثانوى عام، وكانت المصاريف كتيرة فقررت أطلع أشتغل وأعلّمهم بنفسى وعندى إصرار».
وتضيف «فاطمة» أنها عملت فى «حضانة»، ولكن كانت غير مجدية من الناحية المادية، فأشارت عليها إحدى صديقاتها بوجود مكان للتدريب على الـ«كورناك» (فن النحت على جذوع النخل)، وأنها إذا نجحت ستحصل على راتب 900 جنيه، وهو راتب كان مجدياً إلى حد ما بالنسبة إليها، فتشجعت على التدريب، لتشكل من جذوع النخل تحفاً مختلفة الأشكال، وهو ما حققت فيه نجاحاً وأصبحت الأولى على المتدربات اللاتى شاركن فى الاختبار بعد التدريب، وهو ما تبعه التدريب على الغزل بالعرجون، وهو جريد النخل، وفى هذه المرة أنتجت إكسسوارات من جريد النخل، وقدمت أشكالاً مختلفة لم يقدمها أحد من قبل، فصممت بورتفيه (حافظة نقود) ومفارش وأغلفة أجندات وغيرها من المنتجات بطرق وأشكال جديدة.
وتستطرد: «فيه دكتورة اسمها إيمان فى كلية تربية نوعية وقفت جنبى بعد ما شافت شغلى، ولقيت جوزى وقف جنبى، وخدنا قرض من صندوق الزمالة فى شغل جوزى، وأجّرنا محل فى المحمودية، وكنت أطلع من الساعة 6 الصبح لحد بالليل وعملت منتجات كتيرة»، مشيرة إلى أنها كانت تسافر إلى القاهرة هى وزوجها لشراء الخامات، وقام بعدها الاتحاد النوعى للجمعيات النوبية بإفساح المجال لها لتأتى بمنتجاتها على طاولة ضمن معرضه، ما جعل هيئة «كير» السويسرية، وهى جهة مانحة لتشجيع الصناعات اليدوية، تدعوها لمعرض تقيمه الهيئة السويسرية فى القاهرة، ومن ثم شاركت فى أرض المعارض بمدينة نصر، حيث قامت بجولة على بقية الصالات لتطلع على المنتجات وتتعرف على حاجة السوق وما ينجح فيه. وتتابع: «اتعرض عليا قرض من مؤسسة خدمات تابعة لكير، لكن قلت لهم ساعدونى فى التسويق، وأنا عايزة أدرب ناس فى القرى، ودربت فى قرية الأعقاب 40 بنت وست، وبقيت أخليهم يستفادوا من الحاجات اللى بتترمى فى القرية ويعملوا منها حاجات لجهازهم فى البيت»، موضحة أنها برعت فى غزل عرجون النخيل، وهو عبارة عن «السباطة» التى ينبت منها البلح على النخل، وصنعت منه منتجات عدة ما بين أباجورات وحقائب يدوية، وأدخلت عليه شكل المربعات والكاروهات، وطبقت الغزل عليه، قائلة: «وبكده حولنا العرجون من مخلفات لمكون إنتاج أساسى متين، يدخل مع القماش والجلد، ويعطى شكلاً مميزاً ويزيد من متانة المنتج وعمره».
تتحدث فاطمة عن منتجاتها، مشيرة إلى أن صلاحيتها جيدة، وتعيش فترة أطول من المنتجات الأخرى، ولا تتعرض للتلف حال تعرضها للمياه، بل إن المياه تزيد من متانتها، لافتة إلى أنها تستهدف مَن يهوى «الهاند ميد».
وهى تشير إلى أنها تسعى حالياً لإنشاء شركة باسم «شركة العرجون للمنسوجات اليدوية»، حيث استأجرت مكاناً منذ 3 شهور، وجلبت فتيات ونساء للعمل معها، بالإضافة لمن يعملن من المنزل، لافتة إلى أن لديها عملاء يشترون منها وتعرفوا عليها من خلال المعارض التى شاركت فيها، كما أن منتجاتها تسافر إلى تركيا وسلطنة عمان.
فتيات يشاركن فاطمة تحقيق حلمها
مفارش وأغلفة وأجندات وإكسسوارات تُصنع من جريد النخل