53 عاما من محاولات "بناء الإنسان".. قضية طرحها مفكرون وبدأها السيسي
استراتيجة بناء الإنسان
"استراتيجية بناء الإنسان المصري"، عنوان الجلسة الأولى لمؤتمر الشباب السادس المنعقد اليوم السبت، في جامعة القاهرة برعاية وحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو أيضا عنوان كتاب للدكتور عصام الدين حواس، صدر في عام 1980، ويتشابه في هدفه أيضا كتاب "في بناء البشر" للدكتور حامد عمار الصادر في عام 1965، بل والعديد من الدراسات في العالم، فالعالم الحديث منشغل بآليات بناء الإنسان نظرا لأهمية القوة البشرية في بناء وتقدم الأمم.
تعددت النظريات والتوصيات بشأن "بناء الإنسان"، كل من وجهة نظره، لتأتي الجلسة المنعقدة اليوم لتتحدث بلسان شباب مصر، وما يرغبون في رؤيته في بلدهم، استنادا لثقافات وتجارب ورغبة في بلد أفضل بشعبها، بحضور الرئيس السيسي، باليوم الأول من المؤتمر السادس لشباب مصر.
جاءت توصيات الشباب في مجالات عدة ثقافية وعلمية وصحية وغيرها، بعد أكثر من نصف قرن من انطلاق صافرة الخطر التي أطلقها حامد عمار، وبعده عصام الدين حواس للاستفادة من الإنسان ببنائه بشكل عملي ومدروس، حتى يصبح محركا لعجلة الإنتاج لا مستهلكا فحسب.
ويتناول الدكتور عصام الدين حواس، استراتيجية بناء الإنسان المصري وكيفية تحويل العنصر البشري والسكاني في مصر من عنصر يشكل عبئا على التنمية والاقتصاد القومي، إلى عنصر دافع لعجلة التنمية في مصر، بل ويكون الوسيلة الرئيسية لعبورها نحو أهدافها القومية البعيدة المدى.
وكان تعداد جمهورية مصر العربية، بحسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 1976، شهد تضاعفا عن الأعوام السابقة عليه، حيث بلغ عدد السكان وقتها 36.6 مليون نسمة، ربما هو ما دفع حواس لإصدار كتابه في عام 1980 للاستفادة من هذه القوة البشرية التي في طريقها للتضخم، وهو ما حدث بالفعل بعد دخولنا نادي المئة مليون في عام 2017.
كما ناقش الكتاب الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ضمن سلسلة حقوق اقتصادية واجتماعية، دعم مركز مصر الحضاري في عالم يسرع بخطى التقدم، وينقسم الكتاب إلى 7 فصول يتناول فيها ملامح المشكلة وأبعادها الثقافية والاجتماعية والإدارية والاقتصادية والسياسية.
لم يكن حواس أول من تحدث عن بناء الإنسان، حيث سبقه الدكتور حامد عمار في كتابه "في بناء البشر" الصادر في عام 1965 لربط الفكر بالواقع، وتغذية الواقع للفكر في ضوء ما يدور في مجتمعنا من أحداث وتطورات، كما يناقش الفكر التربوي في مجتمعنا العربي، وكان يرى أن المجتمع لا يزال في حاجة إلى مزيد من النظر والتقليب والمراجعة، ليواجه المطالب الحضارية والثقافية، ويحقق الحاجات الاقتصادية والاجتماعية.
ويشير عمار في كتابه إلى أن النظر التربوي في كثير من آفاقه يتسم بالأفكار المتناقضة التي تجمعت نتيجة لقاء تيارات متعددة من الآثار "المتحفية"، حسب وصفه لتراثنا القديم، وأفكار غريبة، وأرجع ذلك للرغبة المظهرية في المحاكاة، أو الفراغ الفكري فضلا عن السطحية، ويقول إن التربية ظلت محصورة في المدارس وبين جدرانها، وإن الحديث عن الفرد والمجتمع أخذ صورة مناظرة بين طرفين منفصلين.
كما يتحدث عن المواطن الصالح أو المستنير والنظر له بمستوى لفظي دون أن نحلل مقومات المواطنة ومكوناتها وواقعها وحركة تكوين الإنسان وتعديل سلوكه، كما يناقش كيفية تحرك الفكر التربوي مع حركة المجتمع، وكيفية مواجهة مشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
أما في سياق المقالات، نشرت العديد منها وتناقش بناء الإنسان، ولعل أبرزها، مقال الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع السياسي وعميد كلية الآداب الأسبق، في جريدة "الأهرام"، والذي قال فيه إن "الإنسان هو الأصل في تكوين المجتمعات، والتنمية البشرية أحد المعايير التي يقاس بها تقدم المجتمعات، ومن هنا تأتي أهمية أن يكون بناء الإنسان هو المحور الرئيس في التنمية".
وأشار زايد، في مقاله، إلى أن الدعوة إلى بناء الإنسان في مصر قديمة نادى بها المفكرون والأكاديميون، في إشارة للتقارير المتتالية للتنمية البشرية على المستويين الدولي والمحلي، والأعداد الخمسة من تقرير التنمية الإنسانية العربية، والتراجم المختلفة حول التعليم والتنمية، وعلى رأسها ترجمة أعمال المفكر التربوي البرازيلي باولو فريري.
وانطلقت فعاليات المؤتمر الوطني السادس للشباب، اليوم، بجامعة القاهرة تحت رعاية وحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومشاركة أكثر من 3 آلاف شاب من مختلف المحافظات.
وتشهد جلسات المؤتمر، وعلى مدى يومين، مناقشة مجموعة من أبرز القضايا والموضوعات والملفات الملحة المطروحة على أجندة الدولة المصرية، والتي تشغل بال المواطنين وتحتل حيزًا مهمًا من اهتماماتهم.