المصرى بطبعه لطيف.. مجامل.. حلو المعشر.. يحترم نفسه.. ويحترم من حوله! هذه حقيقة.. من هنا جاءت الألقاب.. من أول الأفندى حتى الباشا.. مرورا بالبيه.. والمدير.. والبرنس! المدير! الذى أصبح اليوم لقبا شعبيا أكثر مما هو درجة وظيفية! وبلغ الأمر مداه عندما ينادى أحدهم صاحبه يا وزير! الغريب أنه يرد..عادى يعني! ما علينا!
**
فى نفس الوقت تراجع -لدى هذا البعض- عبارات (أخويا.. ابن عمي).. وكأنما صار الدم الذى يجرى فى العروق ماء! فيما تقدمت نداءات (يا زميلى.. أو يا صاحبي).. بما عكس انهيار صلة القرابة نهائيا لدى هذا البعض!
***
قد يقبل هذا الكلام بدرجة أو أخرى! لكن يبقى عيبه المبالغة! البعض يزودها شوية.. تسمع أحدهم على مقهى بلدى ينهى كلامه متسائلا.. معايا يا وزير؟!
ويجيبه الآخر بكل فخامة
- طبعا يا برنس!
أو.. أو.. يسرسع صوت فى زحمة الأتوبيس.. من خلف هدير الموتور الداكن.. والعادم الأسود يعمى العيون.
- سامعنى يا سعادة البيه؟
ويجيبه الآخر فى أبهة كاذبة
- سامعك يا كبير!
وهو ما يصم الألقاب بمسحة كاريكاتورية تظهر بوضوح.. عندما تنظر إلى هذا الباشا أوالبرنس.. يصادفك وجه مطموس الملامح.. مغلق على نفسه.. عيون زائغة تعكس حالة من الترهل الوجدانى! سوء تغذية.. أنيميا حادة.. وتفاجئ بعد كل هذا أن المذكور حافى القدمين! بعض البشوات من هذه الطائفة بالفعل لديه تخلف عقلى!
وعندما تستدعى حسب نظرية تداعى المعانى.. المفارقة الشاسعة بين البرنس الراحل أحمد مظهر فى الأيدى الناعمة.. أو الباشا الجميل سليمان نجيب.. أو.. أو.. لا بد أن تفهم أن ثورة يوليو.. هذه الثورة لم تلغ الألقاب كما يشاع.. لكنها فقط أممتها لصالح الشعب!