«الضريبة العقارية» عدلٌ يطارد المليونيرات
الضريبة العقارية
لا ينشغل مصرى هذه الأيام إلا بأمر الضريبة العقارية التى باتت ملء السمع والبصر وشاغل المصريين الأكبر، لأنها متعلقة بإخراج مزيد من الأموال من جيوبهم، تتعلق بشئون بيوتهم، وبموجب القانون رقم 56 لسنة 1954، المعروف شعبياً باسم «العوايد»، بدأ تطبيق ضريبة العقارات المبنية، التى رسخ لها عصر محمد على باشا، حيث ذكر المؤرخ عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «عصر محمد على»: «لم يكن للضرائب قاعدة أو نظام قبل أن يمسح محمد على أراضى مصر سنة 1813، بل كانت القاعدة الحاكمة آنذاك أنه كلما احتاجت الحكومة إلى المال فرضت إتاوة جديدة أو زادت الإتاوات القديمة».
مرت «العوايد» بمراحل متعددة فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، إلى أن جاء يوسف بطرس غالى، وزير المالية الأسبق، وأعلن عن قانون جديد عام 2008 أنهى به قانون أو ضريبة العوايد، ليحل محلها قانون ضريبة العقارات المبنية.
تعفى فقراء مصر وتنعش خزانة الدولة
القانون الجديد مر بمراحل من الشد والجذب، حتى جاءت أحداث 25 يناير 2011 وما صاحبها وتلاها من أحداث عدم استقرار سياسى واقتصادى وأمنى، وأصبح شبه مجمد، وبعد استقرار أركان الدولة بعد ثورة 30 يونيو 2013، أعلن الدكتور أحمد جلال، وزير المالية الأسبق، رسمياً انتهاء العمل بضريبة «العوايد» لتحل بدلاً منها ضريبة العقارات مع بدء التنفيذ فى الأول من يوليو 2013. بدء تنفيذ القانون بعد حصر خمس سنوات فى 2018 أثار جدلاً كبيراً بين شرائح المجتمع بين مالك لوحدة سكنية أو مُصنعين ومستثمرين ورجال أعمال، بين نقص المعلومات والخوف من التقدير الجزافى، والمطالبات بعدم فرض الضريبة العقارية على الوحدات الصناعية والإنتاجية..
«الوطن» تفتح الملف الأكثر جدلاً فى مصر حالياً لتوضح للقارئ كل ما يخص قانون الضريبة العقارية.
العوايد فرضها محمد على.. وحدّثها «غالى» بـ«ضريبة العقارات المبنية»
لا حديث يعلو على حديث الضريبة العقارية فى مصر، المعروفة فى القانون رقم 56 لسنة 1954 شعبياً باسم «العوايد»، و«ضريبة العقارات المبنية»، التى بدأ تطبيقها بصورة بدائية مع عصر نهضة محمد على باشا، حيث ذكر المؤرخ عبدالرحمن الرافعى، فى كتابه «عصر محمد على»: «لم يكن للضرائب قاعدة أو نظام قبل أن يمسح محمد على أراضى مصر سنة 1813، بل كانت القاعدة الحاكمة آنذاك أنه كلما احتاجت الحكومة إلى المال فرضت إتاوة جديدة أو زادت الإتاوات القديمة».
واستشهد «الرافعى» فى كتابه بميزانية حكومية فى الفصل الـ13 عن نظام الحكم، ونتبين فى الجملة الآتية موارد الحكومة المالية من الضرائب والعوائد وأرباح الاحتكار: «قد بنيت ميزانية الحكومة فى عصر محمد على بهذا الأساس، والآن نذكر مفردات الميزانية من إيراد ومصروفات عن سنة 1833، كما أحصاها المسيو مانجان، ومنها يعرف نظام الحكومة المالى فى تطبيقه وتنفيذه، وقد أورد المسيو مانجان مفردات الميزانية بالأكياس، ولما كان الكيس مقداره خمسمائة قرش فقد حولناها إلى جنيهات لسهولة البيان».
وكان من بين مفردات ميزانية سنة 1833 جانب مفردات الإيرادات الميرى أو الضريبة العقارية التى بلغ قدرها فى الميزانية 1.1 مليون جنيه يتم تحصيلها على الوحدات العقارية المبنية داخل كردونات 18 مدينة مصرية، كما وردت فى الأمر الأميرى الذى أصدره محمد على.
وبعد 50 عاماً من هذا التاريخ أُنشئت مصلحة الضرائب العقارية عام 1883، التى تعد أقدم مؤسسة ضريبية، حيث يغطى البناء المؤسسى للضرائب العقارية نحو 6 آلاف قرية ونجع، بالإضافة إلى مختلف مدن الجمهورية، وفقاً للموقع الإلكترونى للمصلحة.
وفى عام 1956 صدر القانون رقم 56 لسنة 1954 فى شأن الضريبة على العقارات المبنية واستمر العمل بهذا القانون بعد إجراء عدد كبير من التعديلات حتى أصدر الدكتور يوسف بطرس غالى، وزير المالية الأسبق، القانون رقم 196 لسنة 2008، الذى نشر فى الجريدة الرسمية فى 23 يونيو العدد 25 مكرر (ج) بإصدار قانون الضريبة على العقارات المبنية، وألغى القانون رقم 196 لسنة 2008 كل ما سبقه من قوانين تخص «العوايد»، لتظهر على المواطنين وفق الاسم الجديد: «الضريبة على العقارات المبنية»، حيث ألغى فى مادته الثانية المرسوم بقانون رقم 61 لسنة 1931 الخاص بتحصيل أجور الخفراء وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1968 بتحصيل ضريبة العقارات المبنية المفروضة بالقانون رقم 56 لسنة 1954 استثناء من أحكام القانون رقم 169 لسنة 1961 المشار إليه، بالإضافة إلى المادتين رقمى 51 (البنود أولاً وثانياً وثالثاً) و69 (البندين 1، 2) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979.
وألغى أيضاً القانون رقم 154 لسنة 2002 باستمرار العمل بالتقدير العام الأخير للقيمة الإيجارية للعقارات المبنية المتخذة أساساً لحساب الضريبة حتى 31/12/2010، وأخيراً ألغى المواد (38) و(40) و(43)، (44) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005.
وأعلن أحمد جلال، وزير المالية الأسبق، إلغاء العمل بضريبة العوايد من أول يوليو عام 2013 بعد أن بدأ العمل بقانون ضريبة العقارات المبنية رقم 196 لسنة 2008 بداية من يوليو 2013.
أُنشئت لها مصلحة عام 1883 وصدر قانونها فى 1954.. واستبدلها أحمد جلال بقانون جديد فى 2013
وتتولى مصلحة الضرائب مسئولية الإشراف الفنى على تطبيق القوانين المختلفة فى مجالات «الضريبة على الأطيان الزراعية، وضريبة العقارات المبنية، بالإضافة إلى ضريبة الملاهى»، وما يتبع ذلك من ضرائب ورسوم تبعية، من خلال الإشراف الفنى على أعمال 27 مديرية بمختلف محافظات مصر.
وتختص المصلحة بعملية حصر وتقدير وربط وتحصيل الضريبة على الأطيان الزراعية والعقارات المبنية وما يلحق بها من ضرائب إضافية ورسوم متنوعة، وتحصيل الضريبة المفروضة على محلات الفرجة والملاهى، وما يلحق بها من رسوم فى جميع المحافظات عدا القاهرة والإسكندرية، وتقدير وتحصيل إيجارات أطيان الحكومة، وتحصيل أثمان ما يباع منها بالتقسيط، وتنفيذ أعمال المساحة وحصر التكاليف للأفراد من الأطيان والمبانى وما يطرأ عليها من تغيير، بالإضافة إلى حصر ومسح أطيان الحكومة المنزرعة خفية وتحصيل مقابل الانتفاع بها، والمساهمة فى بعض أعمال التسويق الزراعى والتعاونى، وخصم المستحقات من أثمان المحاصيل المسوقة تعاونياً.
وتشمل اختصاصات المصلحة كذلك تحصيل مستحقات ومطلوبات بعض المصالح الحكومية والهيئات الأخرى، ومنها مصاريف «إنشاء وتمهيد الطرق، ونقاوة دودة القطن، وأجور الرى، وتطهير المساقى، وصيانة الآثار»، وتحصيل ضريبة الاستغلال الزراعى للمحاصيل، ورسم التمغة على إيصالات سداد أجرة العقارات المبنية، ورسم السجل العينى على الأطيان الزراعية والعقارات المبنية، ورسم التأمين الاجتماعى على جميع ملاك الأراضى الزراعية.
وذكرت المصلحة، عبر موقعها، أنه بتكامل تلك المعلومات عن الثروة العقارية مع ما هو متوافر بالمصالح الأخرى، يمكن الخروج بمجموعة مؤشرات جيدة، تعطى دلالات عن استخدامات هذا المكان، وإلقاء الضوء على الأنشطة الاقتصادية التى تمارس داخل هذا المكان، الأمر الذى يمكن توظيفه فى حصر المجتمع الضريبى دون الدخول فى قضايا الفحص الضريبى، وتابعت: «الهدف الأساسى لنظام معلومات الضرائب العقارية، هو توفير آلية تسمح بربط المعلومة بمكان الممول»، مشيرة إلى أن المقصد من نظام معلومات الضرائب العقارية، هو ربط المعلومة بمكان الممول، وإيجاد نوع من التنسيق والتكامل بين سائر المصالح الإدارية فى التعامل مع الممولين».
ويهدف النظام مباشرة إلى معالجة الانفصال الجزئى النوعى إزاء تعامل ممول واحد مع أكثر من مأمورية، وفقاً لتعدد أنشطته فى منطقة جغرافية واحدة، والانفصال الجزئى الجغرافى للتعرف على أنشطة ممول واحد يمتد نشاطه إلى مناطق جغرافية متعددة، والانفصال الضريبى الناشئ عن خضوع الممول لأكثر من معاملة ضريبية عن نفس النشاط، فضلاً عن بناء نموذج يحدد العلاقات بين المنظومة الضريبية والمؤسسات الأخرى التى تتعامل مع نفس النقطة الجغرافية «شهر عقارى، مساحة، سجل تجارى، مياه، كهرباء»، وتعتمد دراسة إمكانية بناء بنية معلوماتية ثلاثية الأبعاد، على بُعد يتعلق بالمكان، وآخر يتعلق بعقار منشأ فوق هذا المكان، وثالث يتعلق بنشاط اقتصادى يمارس داخل هذا العقار.