بروفايل| راتب.. «الجميل»
صورة تعبيرية
ظل حاضراً حتى آخر وقت، رافضاً التوارى عن الأنظار، عندما وهنت قدماه وعجزتا عن حمله لم يتراجع، عندما خانه صوته المميز وذهب دون رجعة صمَّم هو على البقاء، حتى مع المرض الذى نال من جسده القوى فتركه هشاً ضئيلاً لم يتخلَّ عن ابتسامته، التى طالما عرفت طريقها إلى وجهه البشوش بسهولة، حتى فى آخر لحظات حياته، ليحفر الفنان جميل راتب مكانته فى قلوب محبّيه قبل أن يرحل عن عالمنا صباح اليوم، لن يغدو «راتب» مجرد رقم فى أعداد الراحلين، ولكن صاحب حكاية فنية خالدة باقية.
لعائلة أرستقراطية تعود جذورها إلى صعيد مصر، كان لـ«جميل» حظّ من اسمه، إذ حرصت عائلته على أن يتلقى نجلها تعليماً على مستوى عالٍ فما كان منهم إلا تشجيعه على السفر إلى فرنسا لاستكمال تعليمه بعد تخرجه فى مدرسة الحقوق الفرنسية فى مصر، إلا أن ندَّاهة الفن جذبت الشاب الصغير الذى سحره الفن الفرنسى، ولم يجد أمامه سوى أن يترك تعليمه ويهيم فى عالم المسارح والفن. سنوات مرَّت أضافت أعمالاً إلى سيرته الذاتية، وجعلت من الشاب صاحب الجذور الشرقية وجهاً مألوفاً فى فرنسا وإيطاليا وحتى أمريكا، ولكن حتى ذلك الوقت لم يكن معروفاً بهذا القدر فى بلده الأم، رحلة قوامها ستة أشهر لمتابعة أمور متعلقة بالعائلة كانت كفيلة بقلب حياة جميل راتب رأساً على عقب، عندما عرض عليه المخرج المسرحى كرم مطاوع المشاركة بدور رئيسى فى عرض «دنيا البيانولا»، عام 1974، بعد 30 عاماً من العمل فى الخارج. «على مَن نطلق الرصاص» للمخرج كمال الشيخ، عام 1975، كانت التجربة السينمائية الأولى بعد فيلم «أنا الشرق» عام 1956، تلاه بعد ذلك مجموعة مهمة من الأعمال السينمائية، منها «الصعود إلى الهاوية»، «شفيقة ومتولى»، «البداية»، «الكيف»، «لا عزاء للسيدات»، و«الوداع يا بونابرت».
قدم ما يجاوز الـ 170 عملاً ستظل خالدة فى أذهان الجماهير، فهو ما زال الجد المحبب أبوالفضل جاد الله، وجيوفانى ديلورنزى، والسفير المتقاعد مفيد أبوالغار الذى يحارب القبح وسُلطة المال.