"التحرير الوطني".. مفاوضات آخر حركات التمرد في كولومبيا تعود إلى الصفر
عناصر من قوات "جيش التحرير الوطني" المعروفة باسم "eln" في كولومبيا
"لن نتفاوض مع جماعة (جيش التحرير الوطني) اليسارية الكولومبية المسلحة، إلى حين إطلاق الأخيرة سراح جميع الرهائن"، متابعا: "لا يمكن الحديث عن السلام، وهناك جهات تستخدم العنف كوسيلة للضغط على المجتمع والحكومة"، كلمات قالها الرئيس الكولومبي، إيفان دوكي، في 9 سبتمبرالجاري، في فعالية أقيمت بمدينة "أنطينوجوا" الكولومبية.
وشهدت المفاوضات بين "حكومة بوجوتا"، و"جيش التحرير الوطني"، انتكاسات عديدة، بدأت خلال فترة الرئيس الكولومبي السابق خوان مانويل سانتوس، وكانت تجري في الإكوادور، وبرعاية من "حكومة كيتو"، قبل انسحابها لتنتقل إلى العاصمة الكوبية "هافانا.
وفي 7 أغسطس الماضي، أعلن الرئيس الكولومبي الحالي، أنه سيدرس الوضع، وسيحدد قراره بخصوص الاستمرار في المفاوضات من عدمه وذلك في غضون شهر، ليرجع في 8 سبتمبر الجاري، ويشترط إطلاق الجماعة سراح الرهائن لديها لاستئناف المفاوضات.
وأكد دوكي، في وقت سابق من الشهر الجاري، أن حكومته ترغب دائماً في تحقيق السلام، لكن ذلك لا يمكن تحقيقه إلّا بعد إطلاق سراح الرهائن وإنهاء أعمال العنف، مشيرا إلى أن الحركة نفذت منذ بدء محادثات السلام في عهد حكومة الرئيس السابق خوان مانويل سانتوس، نحو 462 عملية عنف، راح ضحيتها قرابة 100 شخص، وتعتبر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "جيش التحرير الوطني" في كولومبي منظمة إرهابية.
وأكد "جيش التحرير الوطني"، في 10 سبتمبر الجاري، أن الشروط التي طرحها دوكي لاستئناف محادثات السلام في كوبا غير مقبولة، متهمة اياه بوقف العملية.
وأعلن مفاوضو الجيش في العاصمة الكوبية "هافانا"، أن "هذه الحكومة التي ترفض الاعتراف بالاتفاقات المعقودة أيام رئاسة الرئيس السابق، وتفرض من جانب واحد شروطا غير مقبولة تنهي عملية الحوار التي تهدف للتوصل إلى اتفاق سلام، داعيا إلى استئناف المحادثات من دون مزيد من التسويف".
>>"جيش التحرير الوطني": الشروط التي طرحها دوكي لاستئناف محادثات السلام في كوبا غير مقبولة
و"جيش التحرير الوطني" اليساري هو آخر حركة تمرد في كولومبيا منذ نزع سلاح "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" المعروفة اختصارا باسم "فارك"، والتي تحولت حزبا سياسيا بعد اتفاق السلام التاريخي الموقع أواخر 2016، وينشط "جيش التحرير الوطني" المعروف اختصارا باسم "eln" في البلاد منذ الستينات من القرن الماضي.
ويحارب هذا الجيش "حكومة بوجوتا" منذعام 1964 ويضم حاليا نحو 1500 عنصر، وهي آخر المليشيات المسلحة المتمردة التي تواصل نشاطها في كولومبيا.
وأشارت التقديرات إلى أن الجماعة اليسارية تحتجز قرابة 20 رهينة بينهم رجال أمن، بعضهم محتجز منذ عام 2002، وعلى الرغم من إطلاق "جيش التحرير"، سراح 10 مختطفين خلال الشهر الجاري، إلا أنه لا يزال يحتفظ بـ10 رهائن لديه.
وأطلقت جماعة "جيش التحرير الوطني" اليسارية الكولومبية المسلحة، في وقت سابق من الشهر الجاري سراح 3 جنود اختطفتهم الشهر الماضي، وجاء إطلاق سراح الجنود الـ3، الذين اختطفتهم في 8 أغسطس الماضي بمنطقة "أراوكا" الحدودية مع فنزويلا، بعد إمهال الحكومة الجماعة 3 أيام للإفراج عن الجنود، وسلمت الجماعة الرهائن للجنة إنسانية تشكلت من هيئة "ديفينسوريا ديل بويبلو" المعنية بشئون الانتهاكات الحقوقية في كولومبيا، ومسئولي الكنيسة الكاثوليكية في البلاد.
ودعت الأمم المتحدة في وقت سابق، إلى استئناف سريع لمفاوضات السلام بين "بوجوتا"، و"جيش التحرير الوطني"، والتي توقفت بعد مطالبة الرئيس إيفان دوكي بالإفراج عن كافة الأسرى لدى الحركة.
وقال ممثل المفوضية العليا للأمم المتحدة في كولومبيا، ألبرتو برونوري: "نأمل أن يستأنف الحوار سريعا بين هذا الفصيل المسلح والحكومة"، مشيرا إلى أن من شأن استئناف المفاوضات ضمان "حياة أفضل لأبناء المناطق التي تشهد أعمال عنف".
وتابع المسئول الأممي: "نأمل في أن يتوصل الحوار، في أسرع وقت ممكن، إلى هدنة ما سيسمح بتفادي سقوط قتلى من دون مبرر وسيسهم في حماية آلاف الأشخاص".
>> مسئول أممي: استئناف المفاوضات ضمان حياة أفضل لأبناء المناطق التي تشهد أعمال عنف
وأمس، أعلنت الحكومة الكولومبية عزمها سحب بعثة مفاوضات السلام مع جماعة "جيش التحرير الوطني" المسلحة المتمردة اليسارية، من كوبا إلى بلادها.
وقال المسؤول عن "لجنة السلام العليا"، ميجيل سيبايوس، في تصريح للصحفيين، إن "سحب البعثة مسألة إدارية بحتة، ولا علاقة له بالمفاوضات المعلقة أصلا"، مشيرا إلى أن سبب سحب البعثة يعود إلى انتهاء مدة تعاقد البعثة التي عينتها الحكومة الكولومبية السابقة، معربا عن شكره لها.
>>"جيش التحرير الوطني": الشروط التي طرحها دوكي لاستئناف محادثات السلام في كوبا غير مقبولة
وأضاف المسؤول الكولومبي، أن "العقد الذي أبرمه الرئيس السابق خوان مانويل سانتوس مع بعثة التفاوض، انتهت في 3 أغسطس الماضي.
وأوضح سيبليوس: "لذا انتهت مهام البعثة على طاولة مفاوضات السلام من الناحية الفنية، وسيغادر أعضاؤها كوبا"، وتابع المسؤول عن "لجنة السلام العليا"، أن "استئناف مفاوضات السلام مع جيش التحرير الوطني، منوط بوضع الجماعة حدا لاختطاف البشر وارتكاب الجرائم"، مضيفا أنه "في حال الإيفاء بهذه الشروط، يمكن تعيين وفد جديد للتفاوض مع الجماعة".
وكان الرئيس الكولومبي، إيفان دوكي، تعهد في وقت سابق، بإدخال تعديل على اتفاق تاريخي للسلام وقع مع حركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية "فارك" في 2016.
وكان الاتفاق الذي تم في عهد الرئيس الكولومبي السابق، خوان مانويل سانتوس، قوبل بانتقادات شديدة من كثيرين ورفض في بداية الأمر، خلال استفتاء بوصفه متساهلا أكثر من اللازم مع المتمردين الذين أفلتوا من قضاء عقوبات في السجن.
ومنذ توقيع الاتفاق الذي أبرم بعد 52 عاما من المواجهات المسلحة الدامية، سلم 7 آلاف مسلحا من "فارك" أسلحتهم، وتحولت الحركة إلى حزب سياسي.
وبموجب اتفاق السلام المبرم لإنهاء دورها في حرب أودت بحياة أكثر من 220 ألف شخص، حصل معظم مقاتلي الجماعة على عفو وسمح لهم بالمشاركة في الحياة السياسية.
وذكرت قناة "فرانس 24" الفرنسية، أنه بموجب الاتفاق حصل حزب "فارك" تلقائيا على 10 مقاعد في الكونجرس حتى عام 2026 ويمكنه السعي للفوز بالمزيد منها في الانتخابات.
وعلى الرغم من توقيع اتفاق السلام بين الحكومة و"فارك"، تستمر معاناة كثير من المواطنين الذين تركوا مناطقهم الريفية هربا من القتال، والذين يعيشون في منازل من الصفيح وسط أحياء عشوائية.
جدير بالذكر، أنه لا تزال كولومبيا تعاني من تفشي الفساد والتفاوت الاجتماعي الظاهر، خصوصا في مجالي التعليم والصحة، يضاف إليه عنف المجموعات المسلحة التي تتصارع في مجال تهريب المخدرات، في بلد يعتبر أول منتج للكوكايين في العالم، وتحكمه التيارات اليمينية باستمرار.
وأشارت الأمم المتحدة، إلى أن كولوومبيا أنتجت 1400 طن من الكوكايين عام 2017، ما يشكل ارتفاعا بنسبة 31%.
ويأمل الرئيس الكولومبي الجديد إيفان دوكي تدمير أكثر من 140 ألف هكتار لنبات الكوكا، الذي يُصنع منه مخدر الكوكايين، خلال ولايته الرئاسية، وفقا لما ذكرته قناة "فرانس 24".
الرئيس الكولومبي إيفان دوكي
دوكي أثناء احتفاله مع أنصاره بفوزه في الانتخابات الرئاسية
الرئيس الكولومبي السابق والحائز على جائزة نوبل للسلام في عام 2016 خوان مانويل سانتوس
الرئيس الكولومبي السابق خوان مانويل سانتوس يصافح زعيم حركة "فارك" رودريجو لوندونيو الملقب "تيموشنكو" ويتوسطهم الرئيس الكوبي راؤول كاسترو في"هافانا"
شعار حركة "جيش التحرير الوطني" الكولومبية
عنصر من حركة "جيش التحرير الوطني"
عناصر من "جيش التحرير الوطني" في نهر سان خوان في كولومبيا
عناصر من حركة "جيش التحرير الوطني"