بالفيديو| أهالي صفط اللبن يحفرون آبارا للمياه الجوفية وهم على بعد دقائق من النيل
قال رمضان شحات، أحد سكان قرية صفط اللبن القديمة، عندما بدأ حديثه عن أزمة انقطاع مياه الشرب: "مصر شكلها انهارت خلاص، ومش باين لها قومة"، متفوها بأقسى كلمات تعبر عن المعاناة التي يتعرض لها أهل القرية، من انقطاع مطلق للمياه، حتي إنه مزح قائلًا "هو في ميه أصلا علشان تقطع".
وأضاف شحات "بقالنا شهرين من غير مياه، لا عارفين ناكل ولا نشرب ولا نستريح، لحد امتى هنفضل مستنيين الحل، مش عارفين هنعمل إيه تاني"، وذكر "شحات" أن أهالي القرية ترددوا كثيرًا على مكتب المحافظ، الذي يعدهم دائمًا بأن المشكلة على وشك أن تنتهي، موضحًا أن اختلاف حديث المحافظ عن الواقع خلاف السماوات والأرض، ويقول "آخر ما ذهقنا قطعنا الطريق الدائري أكثر من مرة، علشان المسؤولين يحسوا بينا، وبرضوا مفيش فايدة، طب نعمل إيه تاني".
وفي رد عبد الحميد قدري، سائق "توك توك" عن الحل الذي يمكن أن يلجأ إليه أهل القرية، استند بضخ المياه للقرية عقب قيام الأهالي بقطع الطريق الدائري معتبرًا قطع "الدائري" الطريقة الأسرع لاستجابة المسؤولين، رافضًا أن تكون الشكاوى المكتوبة والوقفات الاحتجاجية طريقًا يسلكه الأهالي لحل الأزمة، مشيرًا إلى والدته وجيرانه، المعتادين صباح كل اليوم، على حمل الأواني والتردد على المنازل البعيدة، لملء أوانيهم وسد حاجتهم من مياه شرب نظيفة، قائلًا "هينفع الناس دي تسيب مصالحها واللي وراها وتروح تقف قدام المحافظة ونحتج كل يوم ومحدش يرد علينا ولا يعبرنا"، ولفت إلى قيام بعض سكان القرية بنصب طلمبات أمام منازلهم كحل لأزمة المياه، ورغم ذلك لا تسد حاجتهم من المياه النظيفة.
ويروي صالح عزب أحد الأهالي معاناة القرية من نقص المياه، وتسير من جانبه سيارة تابعة للشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، تحمل خزانًا من المياه، يملأ منه سكان القرية، بشرط أن يخوض الفرد مواجهة كبرى مع زحام وشجار على استباق الطابور، فيُشير "عزب" إلى السيارة، قائلاً "العربية دي بتيجي في اليوم مرة واحدة ولا مرتين، علشان توزع ميه على أهل القرية كلها، فهل يعقل أنه يكون ده الحل، المحافظة حفرت ونصبت مواسير ضغط عالي، لكن برضوا ما اشتغلتش، وسابوا الحُفر من غير ما يردموهها، واللي خدنا من المظاهرات وقطع الطريق الدائري، عربية ميه اللي ما بتقضيش شارع واحد في القرية".
أما الحاجة صباح محمد 72 سنة، من أهالي صفط اللبن، فتذكر أنها لم تشاهد أزمة مياه مماثلة لما يتعرض لها سكان القرية الآن، قائلة: "أنا بنفسي بقوم الصبح علشان أروح أملى ميه من عند الجيران اللي على طرف القرية، وبنتي كمان بتملى ميه كل يوم، لحد أما راسنا استوت، هنستريح امتى؟"، وأضافت الحاجة صباح، أن الأزمة تدخل في شهرها الثاني، لافتة إلى أن معاناة انقطاع الكهرباء، يتفاداه أهل القرية بالخروج من ديارهم، أما المياه فلا يمكن الاستغناء عنها.
وفي مشهد آخر، تجلس فيه إحدى سيدات صفط اللبن أمام منزلها وتنتظر عودة ابنتها التي ذهبت لملء الأواني، بالمياه، لطهي طعام الفطور، وتقول إن أزمة المياه تزيد من حدة الإرهاق الذي يلحق بالسيدات اللاتي اعتدن الخروج، كل يوم لملء أوانيهم بالمياه لسد حاجة المنزل من المياه التي لم تعد تصل حتى إلى الأدوار الأرضية، من المنازل، وتتابع "كل يوم بنتي تخرج تملى ميه من آخر الطريق بعيد عننا، وأنا أقعد أستناها تجيب الميه علشان نطبخ الأكل، وفي وقت الصيام كده ربنا يعنها على وقفتها في طابور الميه في الحر ده".