عن مافيا التعويضات
بعض المحامين استغلوا حوادث القطارات لإقامة دعاوى التعويضات
المحامى من أدوات تحقيق العدالة بين الناس، لذا سميت مهنته بـ«القضاء الواقف»، ومن المحامين من يضع نفسه مدافعاً عن متهمين فى قضايا بعينها، ومنهم من يبحث فى الصحف يومياً عن الحوادث، فيهرع إلى أسرة المجنى عليه عارضاً عليهم مساعدتهم فى الحصول على تعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التى أصابتهم جراء الحادث، وهو المحامى المعروف بـ«محامى التعويضات».
بعضهم كان يحصل على المبلغ لنفسه كاملاً دون إبلاغ أهل المتضرر.. وبعضهم تفرغ للسعى وراء المصائب
عماد حامد الفرماوى، محامٍ متخصص فى قضايا التعويض، قال إن دعاوى التعويض فى مصر بدأت منذ ستينات القرن الماضى، حيث كان المحامى يباشر كل إجراءات الدعوى منفرداً حتى يحصل على مبلغ التعويض كاملاً بموجب توكيل من أسرة المتضرر، وأضاف أن فيلمى «ضد الحكومة» للراحل أحمد زكى و«مافيا التعويضات» للراحل فؤاد المهندس، شرحا سير تلك الدعاوى حينها، وفى مطلع التسعينات من القرن الماضى بدأت القضايا تأخذ منحى آخر، بعدما وضع المشرع ضوابط للقضايا أبرزها عدم تمكين المحامى من صرف مبلغ التعويض إلا فى حضور أسرة المتوفى أو المتضرر، فضلاً عن إصدار شيكات لكل منتفع من التعويض.
وشرح «الفرماوى»، طريقة عمل المحامى فى دعاوى التعويض، بقوله إنه يتواصل بشكل دائم مع مصادره فى أقسام الشرطة والمستشفيات ويكون على علم بكل الحوادث التى تقع، سواء غرق أو حوادث سيارات أو سكة حديد، أو إصابة عامل فى منشأة أثناء تأدية عمله.
وأشار إلى أن قضايا التعويض فى مصر تُرفع فى حوادث السيارات والسكة الحديد والغرق، وفى حالات الغرق يُطلب التعويض إن لقى المتوفى مصرعه فى شواطئ المصايف فقط، والتى تخضع لسيطرة ومراقبة المحافظة التابع لها الشاطئ.
وقال المحامى طارق جميل سعيد إن محامى التعويضات، الذى يسعى لإعادة حق المتضررين ويصدق فى وعده، مثال للمحامى الشريف المحافظ على آداب مهنته ويعد هذا السعى منه مشكوراً، أما المحامى الذى يتخصص فى التعويضات ويستدرج أسرة المتوفى أو المتضرر للتلاعب بهم ومساومتهم على نسبة كبيرة من مبلغ التعويض، فهو محامٍ خائن للأمانة، ويحب أن يُعاقب من قبَل نقابته بالفصل.
من جانبه، قال المحامى ياسر سيد أحمد إن قضايا التعويضات من القضايا التى تجلب أموالاً للموكل الذى يكون هو صاحب المصلحة الرئيسية سواء كان التعويض عائداً إليه من حوادث أو فصل من العمل أو أخطاء ترد فى حقه.
وأضاف «ياسر» أن هناك مجموعة معينة من المحامين يفضلون العمل فى قضايا التعويضات لسببين: أولهما سهولة هذه الأنواع من القضايا بمعنى عدم احتياجها إلى فنيين قانونيين من الباحثين المخضرمين، وثانيهما أنها تدر أموالاً كثيرة لأصحاب المصلحة وبالتالى ستعود المنفعة على المحامى، وأن تلك القضايا انتشرت بشكل كبير حتى أصبح لها سماسرة ووسطاء ما بين المحامى والمتضررين، وأن الاتفاق غالباً ما يكون عمولة بنسبة مما يحصل عليه المتضرر، وأصبح هناك تكالب على هذا النوع من القضايا خاصة أن المتضررين لا يتحملون أى نفقات فى البداية، فيما يتولى المحامى دفع الرسوم وخلافه حتى يحصل على التعويض.
وتابع «ياسر» أن هناك بعض الهيئات تقوم بسداد التعويضات مباشرة مثل هيئة السكة الحديد التى تصرف مبلغ 25 ألف جنيه للمتوفى دون رفع قضايا وبمجرد تقديم طلب، كما تتحمل هيئة الطرق والكبارى 40 ألف جنيه عن أى حوادث دون النظر لمن المخطئ، وكل ما يقوم به المحامى هو تسطير عريضة الدعوى دون فنيات ويحصلون على 10 إلى 33% من قيمة التعويض، ما دفع هؤلاء المحامين إلى أن يبحثوا عن المصائب أينما تكون. ويضيف «ياسر» أن هناك بعض المحامين معدومى الضمير كانوا يصرفون التعويضات قديماً بعد الحصول على تفويض من أهالى المتضرر، دون إبلاغهم، لكن الدولة وضعت حداً لتلك العملية بأن جعلت التوكيل للقضايا فقط دون صرف.