"بتول الوفد" تروي قصة دخولها الحزب منذ عهد سراج الدين باشا حتى الآن
الحاجة زينب
لم تكن تدري ما الذي يدور حولها من "أحزاب، سياسة، دولة، ديمقراطية، وحياة حزبية"، فهي كلمات أعمق من أن تدرك معناها وهي في هذا العمر، فقط كانت طفلة نوبية بسيطة، تعشق الفن والغناء والأعمال اليدوية منذ نعومة أظافرها، هي "مصرية عثمان" الشهيرة بالحاجة زينب.
"كان راجل ممتاز" هكذا وصفت الحاجة زينب سراج الدين باشا، في بداية الحديث عنه، وعن ذكرياتها معه، وعبرت عن شدة حبها وانبهارها بهذا الرجل، و شدة تعلقه بالجلوس في حي عابدين مع النوبيين، وتروي أن الحزب آنذاك كان معروف بـ"بيت الأمة".
وبالتزامن مع مئوية الوفد، واحتفالية الحزب بعيد الجهاد منذ يومين، تروي الحاجة زينب، بداية طريقها مع الحزب، عندما تعود جد والدتها، الذي كان يعمل مستشارًا للنحاس باشا، على سرد الحكايات والقصص لها ولأطفال العائلة عن سراج الدين باشا، وكثيرًا ما كانوا يترددوا على منزله في جاردن سيتي.
وتستكمل النوبية، سردها عن سراج الدين باشا، وتواضعه ومعاملته الطيبة مع سكان حي عابدين، خاصة الأطفال النوبية وعن مدى حبه الشديد لهم: "كان دايما يقول لي أنتي يا حلوة يا صغيرة"، معبرة أن كل شيء محفور في ذاكرتها معه، كأنه لم يمر عليه سنين، وتتذكر كل التفاصيل التي حدثت وهي طفلة أكثر بكثير من تفاصيل ذكرياتها، وهي ناضجة ومدركة.
كما عبرت عن حزنها وتأثرها الشديد عندما أزالوا صورة ذات حجم كبير له من مقر الحزب، معبرة: "كنت دايما أقولهم شيلوني عشان أبوس الصورة".
وكان سراج الدين باشا يعطي للأطفال بطاقات تذكيرية له يفرحون بها لأنها منه، وانتهت حكايتها مع سراج الدين باشا بوفاة جدها فانقطعت الحكايات عنه.
واستكملت حديثها، بمرور الأيام والسنين، دخلت حزب الوفد رسميا، أثناء تولي السيد البدوي رئاسته، بعدما أدركت كل شيء عن الحياة السياسية والأحزاب، وبدأت في حضور الندوات والمؤتمرات الخاصة بالحزب.
لم يسبق للحاجة زينب الزواج من قبل، فقط اكتفت بتربية أبناء أخيها الصبيان عقب وفاته، ومعايشة تفاصيل حياتهم منذ ولادتهم إلى الآن، كانت دائمًا ما تذهب معهم للجامعة، وتذاكر لهم، وتتابعهم خطوة تلو الأخرى.
عملت الحاجة زينب في صناعة الخرز والملابس، وفساتين فوازير رمضان نيللي الشهيرة، وذلك قبل أن تعمل كموظفة في العلاقات العامة بشركة المقاولين العرب.
ومازالت تعمل في إقامة المعارض النوبية، التي تصنع فيها الزي النوبي، والثوب والمشغولات اليدوية، واللوحات الفنية، تلك المعارض التي يتردد عليها الفتيات والشباب الذين يتمتعون بحس فني، ليس في الرسم فقط، ولكن في الغناء والطرب ومنهم من يغني في الأوبرا.
لم يتوقف نشاطها عند هذا الحد، بل كانت تكتب في مجلة كلام الناس عن جميع الأفراح النوبية، كنوع من دمج عشقها لحياة النوبة مع هويها للكتابة.
وواصلت الحاجة زينب بأنها شجعت وانتخبت من تقدم للترشح في انتخابات الهيئة العليا للوفد، أدلت بصوتها للمرشح عمرو أبو اليزيد، والإعلامية نشوى الشريف، معبرة عن حزنها الشديد لعدم فوزها بمقعد، لرأيها أنها إعلامية جميلة ومحبوبة من الوفدين، وكانت تستحق الفوز
"أول ما شوفته في الانتخابات قعدت أزغرد، كان دايما يقول لي أنتي البركة بتاعة الحزب"، هكذا عبرت الحاجة زينب، عن مدى عشقها وتعلقها بالدكتور السيد البدوي، رئيس حزب الوفد الأسبق، وكانت في قمة نشاطها وحيوتها عندما كانت تعمل أثناء فترة رئاسته للحزب، وكانت تصنع الملابس والمشغولات اليدوية على الطريقة النوبية في المعارض الخاصة بها والتي كانت تقام في الحزب كل مرتين من كل أسبوع تقريبا.
إلى الآن تعمل في الحزب كأمينة للمرأة النوبية في الحزب، وتحضر الندوات والاجتماعات مع قادة الحزب وأعضائه، وتستمر في عمل المعرض النوبي كل أسبوع والذي يُطلب منها من قبل أعضاء الحزب أنفسهم، فضلًا عن صحبتها مع زوجة رئيس الحزب بهاء الدين أبو شقة وأبنائه.
وبمناسبة الاحتفال بمئوية الوفد، تكثف الحاجة زينب من نشاطها من حيث المعارض الفنية التي تقيمها على الطراز النوبي، سواء في مقر الحزب أو خارجه.
"حزب الوفد ناس طيبين وجُمال ومحترمين ، وكل واحد له طريقته الخاصة في مكانه" بهذه الكلمات عبرت مصرية عثمان الشهيرة بالحاجة زينب عن مدى تعلقها وانتمائها وإخلاصها للوفد منذ عهد سراج الدين باشا إلى الآن، مختتمة: "عمري ما هزهق منه، وهفضل في الحزب لحد ما ربنا يفتكرني".