"الأزهر والإفتاء".. لا إكراه في الدين ولا قتل لمرتد
شلتوت
أكد علماء الإسلام أن الارتداد عن الدين الإسلامي ليس له عقوبة معينة كما يظن البعض وإنما يترك أمره إلى الله، وأن ما ورد عن قتل المرتد تفسره الوقائع أنه من خرج عن المجتمع وأعلن الحرب عليه، وليس من خرج عن الدين كما يظن البعض.
أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن الردّة بحكم جميع الفقهاء يمثل جريمة لكنها لم توقع عليه عقوبة معينة، وإنما العقاب عند الله، وأوضح في حديث سابق له، أن الردة تقال على المفارق للجماعة وليس لتارك الدين، أي الذي يمثل خطرًا على المجتمع مستندا إلى فقه الأحناف بأن المرأة المرتدة لا تقتل لأنها لا تمثل أي خطورة على المجتمع، واستشهد "الطيب" أيضا بأن النبي محمد لم يقتل مرتدًا، كما أن النبي رأى امرأة مقتولة فقال "ما كانت هذه لتقاتل" أي إنها لا تمثل خطرا على المجتع.
ورأى الشيخ شلتوت شيخ الجامع الأزهر الأسبق في كتابه "الإسلام عقيدة وشريعة" أن قتل المرتد ليس حدًّا فقال: [وقد يتغير وجه النظر في المسألة؛ إذ لوحظ أن كثيرًا من العلماء يرى أن الحدود لا تثبُت بحديث الآحاد، وأن الكفر بنفسه ليس مبيحًا للدم، وإنما المبيح هو محاربة المسلمين والعدوان عليهم ومحاولة فتنتهم عن دينهم، وأن ظواهر القرآن الكريم في كثير من الآيات تأبى الإكراه في الدين] .
وأكد الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، أنه ليس هناك قتل للمرتد عن الإسلام، وإنما يكون أمره لله يوم القيامة، لأن الدين الإسلامي أتاح حرية الفكر، وشدد على أنه :"لا إكراه في الدين" وأوضح "أن المرتد نوعان منهم ما هو على الاعتقاد وهذا لا دخل لنا به وحسابه على الله يوم القيامة.. ومرتد إفسادًا ويدعو إلى تقويض المجتمع وينشر مقالات وفيديوهات ويروج إلى أفكاره ويطالب الناس بالابتعاد عن الدين، واتباعه فقط".
وأوضح أن البعض يريد الإيقاع بين الإسلام والغرب عبر إثارة هذه القضية بين وقت وآخر، وذلك نظرًا لما تمثله تلك القضية في الفكر الغربي من أهمية، حيث يروجون بأن الإسلام لا يؤمن بالحريات الفكرية والدينية وهذا خطأ كبير.
وتابع في بحث له وقتما كان مفتيا للجمهورية نشرته دار الإفتاء "أن في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقتل عبد الله بن أبى، وقال: "لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ" ، ولم يقتل ذا الخويصرة التميمى وقد قال له: "اعْدِلْ"، ولم يقتل من قال له: "يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تَنْهَى عَنِ الْغَى وَتَسْتَخْلِى بِهِ" ، ولم يقتل القائل له: "إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ"، ولم يقتل من قال له -لما حكم للزبير بتقديمه في السقي: "أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ"، وغير هؤلاء ممن كان يبلغه عنهم أذًى له وَتَنَقُّص، وهى ألفاظ يرتد بها قائلها قطعًا؛ لأنها اتهام للنبى صلى الله عليه وآله وسلم بما فى ذلك من تكذيب له بأمانته وعدله".
وأوضح أن هناك وقائع كثيرة في عهد التشريع جعلت فقهاء المسلمين يفهمون أن مسألة "قتل المرتد" ليست مسألة مرتبطة بحرية العقيدة والفكر، ولا مرتبطة بالاضطهاد، وأن النصوص التي شددت في ذلك، لم تعنِ الخروج من الإسلام بقدر ما عنت الخروج على الإسلام الذي يُعدُّ جرمًا ضد النظام العام في الدولة، كما أنه خروجٌ على أحكام الدين الذي تعتنقه الأمة، ويُعتَبر حينذاك مرادفًا لجريمة الخيانة العظمى التي تحرمها كل الشرائع والدساتير والقوانين.
فقتل المرتد لم يكن لمجرد الارتداد، وإنما للإتيان بأمر زائد مما يفرق جماعة المسلمين، حيث يستخدمون الردة ليردوا المسلمين عن دينهم، فهي حرب في الدين كما قال تعالى: ﴿وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.