النص الكامل لخطاب الرئيس السوداني: البلاد تمر بمرحلة صعبة ومعقدة
الرئيس السوداني عمر البشير
ألقى الرئيس السوداني عمر البشير خطابا مهما من القصر الرئاسي بعد اجتماع المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، الساعة العاشرة من مساء أمس الجمعة.
وقال الرئيس السوداني عمر البشير، إن البلاد تمر بمرحلة صعبة ومعقدة في تاريخها الوطني، موضحا خلال كلمته التي نقلتها شاشة "سكاي نيوز" عربية، أنه بمثل ما ظل الشعب صامدا في وجه الأيام كلما قابلته الظروف وأحاطت به التحديات سنخرج من تلك المرحلة أكثر وحدة وأكبر إصرارا على بناء أمتنا الناهضة والمتطلعة إلى المستقبل وتظل التحديات والابتلاءات أقدار مسطرة في حياة البشر لم يسلم منها حتى الأنبياء والرسل.
وتابع البشير: "لقد كانت الأحداث الأيام الماضية اختبارا عظيما كأمة وشعب وخرجنا منها بعبر ودروس ستكون رصيدا لحكمتنا الوطنية الممتدة نستدعيها وقت الحاجة، شهدت بعض أجزاء البلاد احتجاجات خرجت بمطالب مشروعة في البداية وهي السعي نحو حياة كريمة ومعارضة الحياة الاقتصادية الصعبة، كفل الدستور والقانون حق التعبير عنها التزاما لجانب السلمية والمحافظة على الممتلكات".
وأوضح الرئيس السوداني: "ظللنا طوال مسيرتنا في الحكم نعمل على تنقية الحياة السياسية من الشوائب وتوسيع مساحة الحريات العامة وتمكين الأحزاب والأفراد، والسعي لتحقيق تطلعاتهم وطموحاتهم لذلك لم يكن مرفوضا عندنا أن تخرج فئة من الشعب تطالب بترقية الأوضاع العامة ومعالجة جوانب الخلل في الأداء الحكومي، ولكن كان غير مقبول هو محاولة البعض القفز في الصف الأول لتلك الاحتياجات والعمل على استغلالها لتتبنى خيارات صفرية مجهولة تقود البلاد لمصير مجهول، والأكثر إثارة للقلق هو بث سموم الكراهية والإيقاع بين أبناء الوطن".
ولفت البشير إلى أنه يتابع الاحتياجات متابعة دقيقة، ووقف عليها من واقع مسؤوليته الدستورية، وتابع: "لن نيأس من دعوة الرافضين للحوار والسلام للعودة والجلوس تحت سقف الوطن ومائدته الكبرى بما يجنب البلاد النزاع والكراهية".
وأضاف الرئيس السوداني أن انحيازه لشريحة الشباب انحياز صادق وأمين لقناعتنا بأنهم يمثلون الحاضر والمستقبل، وتابع: "نتفهم مطالبهم الموضوعية وأحلامهم وطموحاتهم المشروعة لأننا نريد أن يظلوا أبدا أيادي لبناء وطنهم ونهضته فالثقة فيهم وافرة والرجاء فيهم مأمول، والفرص لهم للقيادة والبناء قائمة".
وذكر أن كل المشروعات الكبرى التي جرت في عهده من طرق وجسور وجامعات وتصنيع حربي ومدني وسدود وشبكات كهرباء ومياه إنما قامت بأفكار الشباب السوداني، ونثق أن الشباب لن يكون سببا في هدمها.
وأكد أن هناك دروسا المستفادة من خلال تجربتنا الوطنية تشير إلى أنه لا بديل عن الحوار إلا الحوار، موضحا أن قضية الوطن الكل فيها خاسر فلا منتصر ولا مهزوم، والخيارات الصفرية لن تحل مشكلة البلاد، ونحتاج جميعا أن نتحرك للأمام من أجل الوطن.
وتابع أنه لا بد من أن نمضي للبناء على ما هو متوافق عليه، ونتحاور فيما هو مختلف عليه.. لن يتطور السودان بمنهج مقاربتنا السابقة بإيقاف السيرورة والعودة للمربع الأول ومن ثم محاولة التقدم ثم التفاخر مرة أخرى إلى النقطة الصفرية، هذه عملية دائرية لا تبني وطنا.
واستطرد: "أنه من واقع مسؤوليتي الدستوري والأخلاقية أنقل للشعب السوداني الموالين منهم والمعارضين أدعوكم جميعا إلى التحرك للأمام من أجل الوطن، وأرفع النداء عاليا من منصة قومية لشبابنا في كل الساحات وإلى شيوخنا الأجلاء ونسائنا الماجدات وكل قطاعات الشعب السوداني الكريم في الداخل والخارج بأن الوطن في أشد الحاجة إلى توحدكم وطاقتكم الإيجابية وأفكاركم البناءة".
وأوضح: "لكل ذلك أدعوكم لمقاربة متجددة وعلى مسار يفضي إلى توافق وطني يحفظ الوطن، وينظم ويطور الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية فيه هذا المسار وتلك المقاربة تتأسس على الآتي: المطروح الآن من جانب هو مسار وإطار جامع للحل، والحلول أمر يجب أن نشارك جميعا في إنجازها، ثانيا ما يجب أن يقودنا إليه مسار الحل الوطني المتوافق والمتراضي عليه حتما ليس هو الخيارات الصفرية ولغة الإقصاء بغض النظر جاءت من موالي أو معارض، كلا بل هو حل يحفظ ويصون البلاد وأمنها واستقرارها، ونجنب بلادنا مصائر شعوب ليست مننا ببعيدة، كانت دولها يوما حلما ومقصدا لعدد غير يسير من طالبي ظروف حياة أفضل من أبناء شعبنا الكرام".
وأشار "البشير" إلى أنه أكثر قناعة من أي يوم مضى بضرورة فتح الباب أمام الأجيال الجديدة لكي تقدم مساهمتها للوطن بتجاربها الواعية، موضحا أنه من الأفضل للوطن وقواه السياسية أن يكون ذلك بالتدافع الحسن والحوار البناء بين الأجيال المختلفة، وهذا ما سنعكف عليه في الأيام المقبلة.
وتابع أن ذلك سيتم وفق الرؤية التالية: "تحقيق الاستقرار السياسي القائم على التراضي والتوافق الوطني هدفا استراتجيا سعينا لتحقيقه منذ فجر تولينا لمسؤولية إدارة البلاد، باعتبار أن الاستقلال السياسي هو المدخل الحتمي والضروري لتحقيق الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي، وفي سبيل ذلك اتخذنا منهج الحوار طريقا لبلوغ تلك الغاية النبيلة فكانت مؤتمرات الحوار الوطني حول قضايا السلام والاقتصاد والنظام السياسي وغيرها من القضايا، فكان جمع الشمل الوطني وبناء المشتركات الوطنية حاضرة وبقوة في جدول أعمالنا".
وأعلن البشير، فرض حالة الطوارئ في السودان لمدة عام واحد، مع حل حكومة الوفاق الوطني، وجميع حكومات الولايات، وذلك في إطار الاستعداد لترتيب المشهد السياسي الوطني بما يحقق الإجماع والوفاق وتنفيذ الاستحقاقات اللازمة من تحقيق طموحات شعب السودان وأحلامه في النهضة والبناء، والرفاهية.
وأضاف "البشير"، أنه يتعهد بأن يكون العدل والقانون هو الفيصل في أي مشكلة أو أزمة للشعب، مشيدا بدور القوات المسلحة في المشهد الوطني كحامية وضامنة للاستقرار خلال الفترة الماضية.
وأكد إن نظام الحكم اللامركزي هو أنسب نظام لحكم البلاد وإدارة التنوع والتعدد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، مضيفا أن الدولة لم تدع بابا للسلام إلا وطرقته، ولا مسار أن يشار إليه أنه يقود للسلام وإنهاء الحرب إلا وسلكته، وكانت اتفاقية السلام الشامل بأبوجا والدوحة والقاهرة خير مثال.
وتابع: "توجهنا بكل ذلك إلى حوار وطني شامل استمر لثلاثة أعوام فأنتج الوثيقة الوطنية"، مشيرا إلى أن كل ذلك يعتبر إرثا وطنيا معرفيا.
وجدد البشير، النداء لفتح حوار وطني في السودان من أجل لم شمل القوى السياسية الوطنية في الداخل والخارج، مؤكدا أن صدره يتسع لأي مقترحات جديدة تساهم في بناء وطن عزيز، قناعة منه بأن الحوار هو الوسيلة الأولى والأخيرة لاستكمال بناء وطن يتسع للجميع.
ودعا البرلمان لتأجيل النظر في التعديلات الدستورية المعروضة عليه فتحا لباب إثراء الحياة السياسية بالحوار البناء والمبادرات الوطنية الخالصة، مشددا على أنه سيكون على مسافة واحدة من جميع فئات الشعب موالين ومعارضين.
وناشد البشير، قوى المعارضة التي لا تزال خارج مسار الوفاق الوطني وصيغته للتحرك للأمام والانخراط في التشاور حول قضايا الوطن الراهنة والمستقبل عبر آلية حوار متفق عليها، داعيا حملة السلاح بتسريع خطى التفاوض من أجل وقف الحرب وتحقيق السلام لتكون جزءا من ترتيبات بناء الوطن ومستقبله.
واكد أن صدى التحدى الاقتصادي قد أصبح يطرق أبواب منازل الشعب السوداني بكل عنف خلال الفترة الأخيرة، معلنا عن تدابير اقتصادية محكمة، وأن الحكومة ستتخذ مهام جديد سيكلف بها فريق عمل تنفيذي من كفاءات قادرة على إنجازها، لممارسة العملية الحوارية.
وناشد "البشير"، خلال كلمة ألقاها من القصر الرئاسي، الشباب في المشاركة في العملية الحوارية في البلاد، والتقدم بأي أفكار أو مشاريع من شأنها النهوض بالبلاد خلال الفترة المقبلة.