بالصور| شهيدا الدرب الأحمر وسيناء.. جمعتهما الصداقة والشهادة
داخل منزلين متجاورين لا يفصلهما سوى خطوات محدودة بعزبة السلطان خضر بقرية حانوت التابعة لمركز كفر صقر، عاش محمد خالد محمد متولي، شهيد التفجير الانتحاري بالدرب الأحمر، وابن خالته محمد عبد العزيز محمد، شهيد التفجير الإرهابي الأخير بسيناء، وكبرا سويا جمعتهما ذكريات الطفولة وأحلام الصبا وأخيرا الدفاع عن الوطن حتى نالا الشهادة ليدفن الأول الأخير ثم يلحق به بعد 48 ساعة فقط ويجتمعا مجددا في "الجنة" أحياء عند ربهم يُرزقون.
روت أمل على متولي، معلمة بمدرسة السلطان خضر للتعليم الأساسي، ووالدة الشهيد محمد خالد متولي، 25 عاما، معاون شرطة، تفاصيل آخر لقاء مع ابنها قبل استشهاده قائلة: "كان قلبه حاسس أن هيكون شهيد.. بعد علمه باستشهاد ابن خالته حرص على المشاركة في تشييع جثمانة وأخذ إجازة من عمله وظل مرافقا لجثمان ابن خالته حتى وضعه داخل القبر".
وتابعت: "كان حزينا على فراق ابن خالته وقبل أن يعود إلى عمله طلبت منه أن يطلب من رؤسائه في العمل أن يسمحوا له بمد الإجازة إلا أنه رفض وأصر على التوجه إلى عمله قائلا: هذا واجبنا ولن نتخلى عن بلدنا"، مضيفة وهي تبكي: "أنتي كمان هتكوني أم الشهيد.. وعندما طلبت منه ألا يكرر الجملة.. رد قائلا: الشهادة يتمناها أي حد وإحنا بندافع عن بلدنا".
وعن تفاصيل التحاقه بالعمل في الشرطة، قالت الأم التي حاولت أن تبدو متماسكة: "عندما أنهى دراسته بالثانوية العامة قدم أوراقه بكلية الحربية للالتحاق به إلا أنه لم يحالفه الحظ بالموافقة والتحق بكلية الزراعة وعندما كان بالفرقة الثالثة التحق بمعهد الشرطة وبعد تخرجه من المعهد التحق بالعمل بالشرطة في 10 سبتمبر 2017 حتى استشهاد في حادث تفجير الانتحاري بالدرب الأحمر.
وأضافت: "يوم استشهاده كان أحد أساتذته يتصل به لإخباره بنجاحه في بكالوريس الزراعة - حيث أكمل السنة النهائية بالكلية وهو في عمله - إلا إنه لم يرد عليه ليتصل على أحد افراد العائلة والذي قام بالاتصال على هاتفه لنفاجأ بخبر استشهاده"، وتابعت: "إحنا احتسبناه عند الله شهيد".
وقال "محمد" أحد أقارب الشهيد، إن والدة الشهيد تولت تربيته بعد وفاة زوجها كما تولت تربية شقيقه "أحمد" طالب بالمعهد العالي للتعاون الزراعي، مشيرا إلى شقيق الشهيد يعاني من إعاقة حركية وحاصل على عدة ميداليات تكريما لتفوقه الدراسي والرياضي، مؤكدا أنه يحتاج إلى عملية جراحيه مناشدا الجهات المختصة التدخل لعلاجه.
وفي نفس السياق، قال والد الشهيد محمد عبد العزيز محمد، 23 عاما، إن ابنه حاصل على كلية الشريعة والقانون بجامعة القاهرة بتقدير عام "جيد جدا" وكان حافظا للقرآن الكريم، مضيفا كان متبقى نحو 12 يوما وينهي فترة خدمته بالخدمة العسكرية إلا أن يد الإرهاب طالته.
وأشار إلى أن ابنه كان من المقرر أن يأخذ إجازه في اليوم التالي للحادث لإجراء مقابلة في النيابة لتعينه بها إلا أن وقوع الحادث منع ذلك وفاضت روحه إلى خالقها شهيدا بعد ان استهدفته العناصر الإرهابية.
أهالي القرية رغم حزنهم على فراق ابني بلدتهما إلا إنهما قرروا تخليد ذكراهما ليكونا مثالا يحتذى به جميع أبناء القرية وتعيش حياتهما وسيرتهما العطرة بالأخلاق ودماثة الخلق وصولا لاستشهادهما دفاعا علن البلد قصة تتوارثها الأجيال وقاموا بطبع صور للشهيدين بحجم كبير وعلقوها على المسجد ولافتة أخرى تتوسط الشارع الرئيسي بمدخل القرية، ولسان حالهم يقول: "هنا بلد الشهيدين".