صورة «مستفزة» جدا للدكتور «جلال سعيد»، محافظ القاهرة، يفتتح منزل كوبرى عزبة النخل الذى يربط حى المطرية بحى المرج بالمرور أعلى مترو الأنفاق، ويبلغ طوله 250م بتكلفة تقدر بنحو 10 ملايين جنيه بخلاف 8 ملايين قيمة تحويل خطوط المياه.
الافتتاح تم فى 13 ديسمبر 2013، وبعد شهرين تقريبا سقط الكوبرى على «عشش» الأسر التى تعيش على هامش الحياة!!
لا تسأل عن سر ابتسامة السيد «الوزير الدكتور المحافظ»، فالرجل لا يعلم شيئا عن «بيزنس المناقصات» ومخالفات مقاولى الباطن، ولا هو مسئول عن الأرواح التى صعدت إلى بارئها وهى تلعن الحكومة وأيامها السوداء.
لكن من صميم عمل «البيه المحافظ» أن يرى حياة البؤساء فى مصر، ويمد إليهم يد العون، يخفف من معاناتهم.. أن يخاطب وزير الإسكان لفتح الشقق المغلقة لحساب المحظوظين حتى يقضى على العشوائيات.. ولا يكتفى بتسكين الأسر المتضررة فقط من سقوط كوبرى المرج.
هل جربت أن تسكن فى «عشة»، جدرانها من صفيح وسقفها من خشب متآكل، أن يخترق المطر أجساد أطفالك وهم نيام؟!
أن يخطف ماس كهربائى أمنك المحدود، وتشتعل النيران فى فراشك المتهلهل، ثم يجرمك المجتمع لأنك تمتلك أسطوانة غاز قد تكون انفجرت فتسببت فى انهيار الكوبرى؟
قطعا لم يجرب أينا تلك الحياة البائسة، لكننا «أساتذة» فى الحديث عن قنبلة موقوتة تسمى العشوائيات، عباقرة فى «لوم» الفقراء على تشويه وجه العاصمة بالعشش الصفيح، وأيضاً جميعنا «خبراء استراتيجيون» نحلل ظاهرة العشوائيات التى تحتضن «الإرهاب» وتصدر للمجتمع كل أشكال الجريمة، وتستوطن فيها كل المحرمات وأولها زنا المحارم.
يا «أساتذة».. الفساد هو الذى نشر الفقر بالبلاد، هو الذى جعل الكبارى المعدنية محاصرة بمواد قابلة للاشتعال، يستخدمها البشر، تهدد بانصهار الكبارى كما حدث لكوبرى المرج!
حتى عمال النظافة يسكنون العشش تحت الكوبرى، وحين أشعلوا نارا للتدفئة وناموا امتدت النيران لأسطوانتى بوتاجاز كبيرتين، مما أدى لانفجارهما وانهيار 3 باكيات من الكوبرى (حسب كلام الحكومة).. لكن هذا لا يمنع من الإهمال وعدم صيانة الكبارى فى مصر بأكملها.
طرق مصر وجسورها جميعا مهددة بالانهيار، خذ مثلا مشكلة الفواصل وانهيار أسوار الكبارى وزيادة حوادث الطرق، هذا إلى جانب تسرب الرطوبة داخل الخرسانة المسلحة مما قد يتسبب فى حدوث صدأ حديد التسليح المكون للكوبرى وتآكله بمرور الزمن لتنهار الكبارى أمام أعيننا.
كوبرى «السيدة عائشة»، الذى يغلق فى الواحدة صباحا، بعد تكرار سقوط السيارات من فوقه، تأتى سيارات النقل فتزيح الموانع المرورية وتعبر الكوبرى.. فلا يوجد «شرطى» يسهر طوال الليل لحراسته.
لم يتبق من الفاصل بين حديد كوبرى «السيدة عائشة» إلا قطع من الكاوتشوك تتدلى من أعلى مع خرق بالية.. إنها بقايا ضحايا الحوادث المتكررة على هذا الجسر الحيوى.. فقطع الحديد سرقها لصوص من جسم الكوبرى!!
الحكومة عاجزة وفاشلة، مثلها مثل الحكومات السابقة، لكن ما ذنب الشعب إذا كان «المقاول حرامى» قد ترسو عليه المناقصة بالرشوة؟.. ذنبه أن المقاول والموظف كلاهما من الشعب!!
والذى سرق الفواصل بين الاتجاهين على الطريق الزراعى من الشعب، و«التوك توك» و«الجرار» الذى يسير عكس الاتجاه كلاهما من الشعب.. و«أنا وانت»!
أنا وحضرة جناب القارئ لسنا مظاليم على طول الخط، لأن فينا أيضاً من يخالف السرعة المقررة ويسير عكس الاتجاه ولا يربط حزام الأمان فى السيارة.. وكأن القانون وضع لنخالفه.. أو أننا لا نملك شيئا نكيد الحكومة به إلا خرق القانون!
فى رحلتى إلى مدينة «طنطا» حيث تعيش أسرتى، قصة طويلة مع كوبرى «بركة السبع»، منذ كان قديما وضيقا، حتى إعادة بنائه، وصولا إلى محطة هبوطه المفاجئ من المنتصف.
كوبرى «بركة السبع» تم إنشاؤه عام 2007 (منذ نحو 6 سنوات)، وهبط فى 21 مارس 2013.. إحنا شعب (مابيعيشلناش كوبرى)!!
كل مرة أعتبر السفر عبر الطريق الزراعى (مصر- إسكندرية) عملية انتحارية، وأعد المطبات الصناعية التى يقيمها الأهالى، حتى أصبح بين كل مطب وآخر مطب، وأسأل -بكل هبل- أين الحكومة؟!
أين الحكومة من الدواب وعربات الكارو على الطريق الزراعى، أتارى الحكومة مشغولة بالمناقصات والمزايدات والترسية من الباطن.. وبيزنس المحليات وبناء الطرق والكبارى.. ومن كان منكم «نظيفا» فلينشر مناقصات الكبارى بكل شفافية!!
لقد تحول الوطن بأكمله إلى «عشة صفيح»، وأصبح العبور إلى المستقبل يمر بجسر مهدد بالانهيار.. أما الحكومات المتتالية فشلّة حانوتية!!