فى ندوة "الإقليمي للدراسات الاستراتيجية": الطابع العشائري وإعلاء انتماءات الولاء سبب فشل الاحزاب الإسلامية
نظم المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، اليوم، حلقةً نقاشيةً بعنوان "العروش المهتزة: تعثر الأحزاب السياسية الإسلامية الصاعدة إلى السلطة في الإقليم"، والتي أدارها الدكتور أسامة الغزالي حرب، رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية سابقًا.
وأكد علي جلال معوض، المدرس المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، فى ورقة بحثية قدمها، أن الواقع الراهن يكشف عن تعدد مظاهر التعثر النسبي للأحزاب الإسلامية في المنطقة، لا سيما لدى المقارنة بمرحلة الصعود وتوقعات استمراره عقب الثورات والانتفاضات العربية؛ حيث شهدت المرحلة التالية لتفجر هذه الثورات صعودًا لتيار الإسلام السياسي في مختلف دول المنطقة، صاحب ذلك تقييمات أولية بتوقع استمرار هذا التصاعد في حضور هذا التيار، وزيادة سيطرته على مختلف مؤسسات الدولة، غير أن هذه التقييمات أصبحت بحاجة للمراجعة في ضوء عدد من العوامل، لعل أهمها الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر.
كما أكد معوض: أن الأحزاب السياسية المنتمية لتيار الإسلام السياسي قد عانت بشكل أساسي من أزمات شرعية مركبة، والتي تسببت بشكل رئيسي في تعثر مسار هذه الأحزاب السياسي في عدد من دول المنطقة، من خلال عدد من الملامح؛ حيث عدم القدرة على بلورة برنامج ديني متكامل يجعل من الشرعية الدينية بديلا عن مصادر الشرعية الأخرى، بالإضافة إلى الطابع العشائري لبعض التنظيمات الدينية الأصولية، وإعلاء اعتبارات الولاء والانتماء على الكفاءة، فضلا عن مخاطر التوظيف الاستقطابي الصراعي للدين في تصعيد حدة الصراعات السياسية، والمساهمة في تهديد كيانات الدولة القائمة مع عدم تقديم بديل فعلي، وكذلك افتقار الخصائص الكاريزمية الطبيعية والمكتسبة في الشخصيات الشاغلة للمناصب القيادية، إلى جانب الضغوط الناجمة عن محدودية الانتشار الفعلي لنماذج ناجحة جاذبة، وفي المقابل انتشار نماذج الفشل والممارسات السلبية، وكذلك الافتقار إلى بلورة الرؤية الإصلاحية، والكوادر والآليات المؤسسية لتنفيذها، وزيادة المحاباة، وخلق شبكة جديدة من الأتباع السياسيين، وغموض الهياكل المؤسسية الداخلية للحركات والتنظيمات الإسلامية.
وأشار بشير عبد الفتاح إلى أنه لا بد من التأكيد على اختلاف الحالتين التركية والمصرية، من حيث المقدمات والمآلات؛ إذ جاء حزب العدالة والتنمية في تركيا كنتاج لتطور سياسي واجتماعي وثقافي لم يتوافر لحزب الحرية والعدالة في مصر، ولهذا نشأ حزب العدالة والتنمية كحزب علماني يميني وسطي، في الوقت الذي لا يوجد فيه في تركيا منتج فكري إسلامي يسمح بالتوجه ناحية الفكر الجهادي التكفيري، بعكس الحال في مصر مع جماعة الإخوان المسلمين، التي خرجت من عباءتها الجماعات الإسلامية، كما لم يتجه حزب العدالة والتنمية في تركيا إلى طريقة التفكير الأممي على الرغم من تاريخ الإمبراطورية العثمانية، بخلاف طريقة التفكير التي تتبعها جماعة الإخوان المسلمين في مصر، التي نظرت إلى ما بعد الدولة، وركزت على ما بعدها.
وأكد عبد الفتاح: أنه من السابق لأوانه الحكم بشكل نهائي على تجربة الإسلام السياسي في المنطقة، لا سيما في مصر، في ضوء وجود حزب النور، الذي يمكن معه تلمس لون آخر من الإسلام السياسي، مشيرًا إلى أن حزب العدالة والتنمية في تركيا قد يجد نفسه مضطرًا للدخول في ائتلافات للمحافظة على مكانته في السلطة، وهو ما لم يحتجه طيلة السنوات الماضية.
و تناول الدكتور خالد حنفي "الخبرة الليبية"، موضحًا أن تيار الإسلام السياسي في ليبيا تيار فاعل ومؤثر خلال فترتي ما قبل الثورة وما بعدها، على الرغم من القيود التي فرضها نظام القذافي على حزب العدالة والبناء، وتعامله مع جماعة الإخوان المسلمين وفق منطق الصراع الصفري، وهو ما أدى إلى عدم قدرة الإخوان المسلمين في ليبيا على تكوين رأس مال اجتماعي وسياسي، وربما هذا ما أسهم بشكل أو بآخر في جعلها طرف مؤثرً، وليس مهيمنًا.
كما أشار الدكتور خالد إلى أن العامل القبلي يعد الأكثر حسمًا وتأثيرًا في ليبيا من العامل الديني، وهو ما يحد أيضًا من إمكانية هيمنة تيار الإسلام السياسي على مقدرات الأمور في ليبيا، موضحًا أن مستقبل الإخوان المسلمين في ليبيا تحكمه قدرتهم على تحقيق رغبتهم في تحولهم لما يمكن وصفه بـ"رمانة الميزان" بين الأطراف السياسية المختلفة، التي يمكن أن ترجح طرفًا على آخر، وهو ما قد يبرر لجوء الإخوان إلى قانون العزل السياسي، وذلك بهدف التأثير على التركيبة البرلمانية للبلاد.
وقدم الأستاذ أحمد زكريا الباسوسي، الباحث بالمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، عرضًا للنموذجين "المغربي والتونسي"، وأشار إلى أن نموذج حزب العدالة والتنمية في المغرب يمكن وصفه بأنه "نموذج متماسك"، حيث وفرت له الظروف التاريخية بيئة مناسبة لتحقيق بعض التقدم، حيث نشأ الحزب منذ عام 1967، وتبنى منهج التدرج في خوض العمل السياسي حتى وصل إلى 107 مقاعد في البرلمان في الانتخابات الأخيرة، غير أن الحزب قد واجه عددًا من العثرات، تمثلت في تعثرات وظيفية، حيث لم يستطع تقديم نجاحات ملموسة في أهم الملفات، التي حركت الشارع المغربي عقب الثورات العربية، وهو الملف الاقتصادي، وملف حقوق الإنسان، فضلا عن إخفاقه في الحفاظ على التماسك الداخلي داخل الحزب نفسه، وكذلك قدرته على الحفاظ على تحالفاته مع القوى السياسية الأخرى.
أما فيما يخص تجربة تونس، فأشار زكريا إلى أن أسباب تعثر حركة النهضة قد تمثلت في حرص الحركة على القفز سريعًا على السلطة، وعدم محاولة اكتساب الخبرة مقدمًا.