صديق سنغالى الجنسية كتب على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى الخاص بالتغريدات عقب فعاليات افتتاح بطولة الأمم الأفريقية منذ عدة أيام: لماذا فعلت هذا يا مصر؟.. لقد جعلتِ الأمر صعباً للغاية على كل من سيأتى بعدك!!! الغرض من التغريدة أوضح من أى شرح.. فقد انبهر حقاً بحفل الافتتاح وما صاحبه من فقرات.. والذى جعل الأمر ليس سهلاً بالفعل على أى دولة ستنظم البطولة فى الأعوام القادمة..!
إنها كرة القدم.. تلك الساحرة المستديرة التى ملكت قلوب العالم كله.. وغيرت شكله عبر قرن كامل.. بل وتحمل من المقومات التى تجعلها تستمر فى ذلك التأثير عبر القرن القادم كله..
إنه الإنجاز الذى تمثل فى بطولة الأمم الأفريقية لكرة القدم هذا العام.. تلك البطولة التى تولت مصر تنظيمها منذ خمسة أشهر فقط كحل طارئ بعد سحب التنظيم من الكاميرون التى كان يفترض أن تنظمها.. وبأغلبية ساحقة من أعضاء الاتحاد الأفريقى لكرة القدم فى شهادة ثقة فى الدولة المصرية كلها..
والواقع أن الدولة المصرية كانت فى الموعد.. فكان التحضير للبطولة متميزاً.. وتكاتف أجهزة الدولة كلها لإنهاء الاستعدادات المطلوبة غير مسبوق.. وكان الافتتاح مبهراً بشهادة العالم كله وليس الأفارقة وحدهم.. حتى إن موقع «فيفا» الرسمى قد كتب فى صدر صفحته الأولى أنه افتتاح «أبهر العالم».. الأمر لا يحمل أدنى مبالغة.. فحين تتمكن دولة تتعرض لتهديدات إرهابية بشكل منتظم.. وتلعب الدورى الخاص بها دون جمهور منذ عدة أعوام.. حين تتمكن خلال شهور قليلة من وضع نظام إلكترونى لحجز التذاكر.. وتتمكن من تنظيم دخول أكثر من سبعين ألف مواطن لحضور المباراة الافتتاحية بهذا الشكل الرائع.. فلا يمكن إلا أن نعترف أنها دولة كبيرة حقاً.. وأن نؤمن بأنفسنا..!
ولمَ لا.. وقد أردنا ففعلنا.. ونوينا فبدأنا ونجحنا.. وهو ما كان غريباً بالفعل فى نظر الكثيرين الذين فقدوا الأمل فى أن ننجح فى شىء.. وأصابهم ذلك الشعور الكريه الذى تشعر به حين تصيبك إحباطات متتالية.. شعور الخوف من الفشل.. التابو الذى تخلقه أوهامك.. والذى استطعنا أن نكسره هذه المرة بسواعدنا وعقولنا..
الطريف أن التعليقات ذاتها هى ما نجده عقب كل إنجاز.. فستجد من يستخف بالأمر رغم علمه بأهميته.. وستجد من يستنكر الإنفاق بزعم أن هناك بنوداً أهم للصرف.. دون أن يذكر بالطبع أن الاستثمار فى تلك البطولة سيعود على الوطن بأضعاف ما تم إنفاقه.. إنه يعرف ذلك جيداً لكنه يتعمد إفساد الفرحة.. حتى هؤلاء الذى دعوا للهتاف لشخص بعينه فى المدرجات.. يعرفون جيداً أن الحدث أكبر من الأشخاص.. لكنها الآلة الإعلامية الإخوانية المحترفة.. والتى تجيد السؤال عن منظومة الصحة التى تحتاج للإصلاح حين يتم الإعلان عن إنجاز فى مجال الكهرباء.. وتدعو للبكاء على الأموات فى لحظات الميلاد الجديد.. وتذكرك بالإخفاق فى لحظات النجاح..!
ينبغى أن نشكر كل القائمين على الحدث الذى تحدث عنه العالم بانبهار حقيقى.. بدءاً من اللجنة المنظمة للبطولة مروراً بكل أجهزة الدولة التى ساعدتهم.. ينبغى أن نمتن لكتيبة المتطوعين من شباب الوطن الذين قدموا مظهراً مشرفاً لنا جميعاً أمام العالم..!
عزيزى الذى لا يريد لنا أن نفرح.. لا أريد أن أكون سخيفاً.. ولكننى أريد أن أبلغك بأننى سأفرح.. مهما حاولت أن تشكك فى الإنجاز.. ومهما عصرت قريحتك للبحث عن أسباب للحزن.. ومهما ألقيت سهام كراهيتك فى وجهى.. فقد قررت أن أفرح.. وسأفرح رغم أنفك.. لأن مصر «المبهرة» دائماً.. تستحق أن تفرح..