مبادرات تطوعية لتجميل الأحياء.. وتطهير النيل وتدوير المخلفات
تنظيف أحد الشوارع فى سياق المبادرة
مبادرات شبابية رائدة فى مختلف المحافظات هدفها الرئيسى الارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين ورفع الوعى لديهم فى مجالات متنوعة، سواء بيئية أو صحية أو تنمية مستدامة، من أجل حياة أفضل، وذلك برعاية الدولة ووزارات التنمية المحلية والبيئة والصحة، فضلاً عن مبادرتى الرئيس عبدالفتاح السيسى لـ«الكشف عن الأمراض غير السارية» و«دعم الحياة الصحية» للأسرة المصرية. وزارة التنمية المحلية أخذت على عاتقها دعم عدد من المبادرات المجتمعية للاستفادة منها، والارتقاء بمنظومة المخلفات الصلبة الجديدة والحفاظ على المظهر الحضارى وتفعيل المشاركة المجتمعية لتحقيق التنمية المستدامة من خلال مبادرات مثل «مجلس إدارة الشارع» و«معاً لنرتقى» و«حماية النيل very Nile» و«Go clean» و«up of use»، ودعم وزير التنمية المحلية مبادرات الشباب بإجراء لقاءات ومتابعات للمبادرات لتقديم التسهيلات وإزالة أى عراقيل تعترضها، وذلك فى إطار تنفيذ تكليفات رئيس الجمهورية بالتوسّع فى المبادرات المجتمعية الفعّالة الجارى تنفيذها وحققت نجاحاً.
وتأتى فى مقدمة مبادرات الشباب، مبادرة المهندس الشاب عمر الديب بعنوان «شجرها» التى انتشرت فى 11 محافظة بهدف زراعة أشجار مثمرة، حيث يحلم بزراعة مليون شجرة بنهاية 2030، كما أطلق عدد من شباب الجامعات مبادرات لتوفير فرص عمل للشباب، بعيداً عن سماسرة شركات التوظيف، وأيضاً مبادرات لخدمة ذوى الاحتياجات سواء من المرضى، أو المديونين وتقديم يد العون لهم. هنا نرصد تلك المبادرات وتطورها وكيفية دعمها وإنجاحها على كل المستويات.
"مجلس إدارة الشارع" تتولى تنظيف شوارع وميادين فى 12 محافظة
انطلقت مؤخراً مبادرة «مجلس إدارة الشارع» بدعم من وزارة التنمية المحلية والمجلس الوطنى للشباب لتنظيف شوارع وميادين القاهرة والمحافظات المختلفة من أجل حياة أفضل وخلق جيل يسهم فى الحفاظ على البيئة ونظافة الشوارع والميادين وعدم إلقاء القمامة والحفاظ على الأشجار والممتلكات العامة وذلك بالجهود الذاتية. يقول الدكتور وائل الطناحى، أمين عام المجلس الوطنى للشباب، مؤسس مبادرة مجلس إدارة الشارع، إن المبادرة وصلت 37 شارعاً فى 13 حياً بـ12 محافظة، مؤكداً أن المبادرة تغير حياة أكثر من 3 آلاف مواطن بكل شارع.
"الطناحى": تواكب التنمية المستدامة لمصر
ويضيف «الطناحى» لـ«الوطن» أن المبادرة تحقق عدة أهداف منها تشكيل مجلس إدارة من الشارع يشبه اتحاد الملاك لتولى أمر الشارع من صيانة وتجميل وتجميع المخلفات الصلبة وبيعها ووضع إيرادها فى صندوق للإنفاق على الشارع فى أعمال النظافة والتجميل والصيانة وإعانة الأسر فى الأزمات، وهذا نوع من أنواع التكافل الاجتماعى، علاوة على أن للمبادرة جانباً صحياً، إذ تهدف إلى منع ظاهرة «النبّاشين» لفرز المخلفات الصلبة، فالمبادرة تقدم منظومة جديدة تواكب التنمية المستدامة لمصر 2030 وتتعاون مع سكان كل شارع لجمع المخلفات، التى تبلغ كحد أدنى 500 جرام لكل شقة يومياً، ثم بيعها ووضع عائدها فى صندوق الشارع، بعدها يشترى مجلس إدارة الشارع، بالتعاون مع الحى، مستلزمات النظافة والأشجار وتجميل الشوارع، ويتم توزيع الباقى على المحتاجين من السكان كمساعدة فى حالات الزواج أو الوفاة أو المرض.
ويشير أمين المجلس الوطنى للشباب إلى الجانب السياسى فى المبادرة بفتح الباب أمام الشباب المنضمين إلى مجلس إدارة الشارع بالتعاون والتواصل مع الحى من مهندسى الطرق والمشاريع والبيئة ورئيس الحى، وبالتالى مشاركة الشباب فى العمل العام وأداء المحليات لاكتساب خبرة من خلال خدمة الشارع بشكل عملى يسهم فى تحقيق التنمية المستدامة والابتعاد عن استغلال أى أحزاب أو رجال أعمال، مشيداً بمشاركة المرأة فى المبادرة، قائلاً: «لدينا مجلس إدارة شارع فى العمرانية تتولاه سيدة نشيطة جداً، ومعها عدد من الفتيات يعملن مع الرجال بكل إخلاص للارتقاء بشارعهم ومنطقتهم»، لافتاً إلى أن نجوى العشيرى، رئيس حى غرب شبرا الخيمة، كانت تنظم دورات وندوات حول إدارة الشارع لتوعية المواطنين بأهمية المشروع.
ويلفت إلى أن المبادرة تستهدف أيضاً تعريف الأطفال قيمة النظافة والبعد عن القبح، وابتكرنا خطوة «كشافة الشارع»، إذ يتم تقسيم الأطفال داخل الشوارع المستهدفة إلى مجموعات وكل مجموعة تتولى أعمال النظافة داخل أحد مربعات الشارع، وسيتم اختيار أفضل أداء وتكريم الأطفال وتدريبهم على الكشافة وتنظيم رحلات لهم.
وفيما يتعلق بمشاركة المواطنين فى المبادرة، أوضح أن من ضمن الأهداف إشراك المواطن فى العمل العام وتغيير نظرته من الاعتراض والتنظير والغضب من الحكومة إلى الشعور بالرضا بعد المشاركة والإسهام فى تغيير حياة الأسر بعد تطوير شارعهم للأفضل وانعكاس ذلك على المنطقة بالكامل، لافتاً إلى أنه يتم السعى حالياً لإدخال مادة فى القانون تقنن وضع مجلس إدارة الشارع حتى يتم تعميم الفكرة بكل الأحياء والمدن، مشيداً بدور اللواء محمود شعراوى، وزير التنمية المحلية، فى المتابعة المستمرة لإنجاح المبادرة.
وحول طريقة اختيار الشوارع التى تنفذ عليها المبادرة، يقول «الطناحى»: «أى مكان نجد فيه تفاعلاً من الناس وتحديداً الشباب نبدأ فيه على الفور، وعلى سبيل المثال اخترنا شارع خليل فى عزبة المعصرة بعد تفاعل الناس وجارٍ تطويره ودهانه وإنارته والاطمئنان على بنيته الأساسية بالجهود الذاتية دون تكليف الحى أى أعباء.
ويشير إلى أن تكلفة نقل طن القمامة 255 جنيهاً شهرياً، وفرز المخلفات الصلبة يتولاها مجلس إدارة الشارع لتوفير الكثير على الدولة فى عملية النقل، ففى المتوسط كل شارع يوفر 35 طن مخلفات سنوياً، ما يعنى توفير 15 ألف جنيه سنوياً فى عملية نقل المخلفات، وبذلك يتم دعم منظومة النظافة وجارٍ التركيز على المناطق الشعبية نظراً لتعاونهم وحاجتهم لمثل هذه المبادرات، لافتاً إلى الاستعانة بطلاب كليات تربية نوعية وفنون تطبيقية لتجميل الشوارع بالرسومات والجرافيتى، معلناً بدء مشروع أكبر مدينة تحوى جداريات على مستوى العالم قريباً داخل مدينة 6 أكتوبر، وستركز المبادرة فى مرحلة تالية على تعليم الأسر زراعة أسطح العقارات لتحقيق تنمية شاملة مستدامة، إذ تم الاتفاق مع وزارة الزراعة والمجلس القومى للمرأة على تعليم السكان كيفية زراعة أسطح المنازل واستخدام أصحاب العمارات لها أو فتح أكشاك تابعة لوزارة الزراعة للبيع، وبالتالى يقلل الضغط على الأسواق ويعمل على ضبط الأسعار، كما تم التعاون مع المجتمع المدنى لتغيير أرضيات الشوارع لتظهر بشكلٍ جميل.
ويقول إن المبادرة ترفع شعار «هنجمِّلها» لتنظيف شوارع القاهرة والمحافظات المختلفة وخلق جيل يعى الحفاظ على البيئة ونظافة الشوارع والميادين وعدم إلقاء القمامة بالشوارع والحفاظ على الأشجار والممتلكات العامة، مطالباً وزارة البيئة بعمل دورات تدريبية لتوعية المواطنين بضرورة الحفاظ على البيئة ونظافتها ومخاطر التعامل معها بأسلوب غير حضارى، خاصة أن المبادرة تستهدف مناطق شعبية جداً مثل عزبة خيرالله، والبساتين، وعين الصيرة، وبعض المحافظات مثل قنا وسوهاج.
"عصر": جهود الأهالى نظفت شارع "صابر محمد"
اللواء خالد عصر، رئيس حى الهرم، يقول إنه خلال رئاسته لحى العمرانية سابقاً تعاون مع أهالى شارع صابر محمد، المتفرع من شارع ترسا، بعدما أطلقوا مبادرة «مجلس إدارة الشارع»، حيث قام الأهالى بالجهود الذاتية برفع كفاءة الشارع ومستوى نظافته، لافتاً إلى أن أجهزة الحى فور معرفتها بهذه المبادرة تواصلوا مع الأهالى وقاموا بدهان كل العقارات بالشارع بلون واحد فضلاً عن القيام بأعمال تشجير بالشارع.
ويضيف أنه يرفع شعار العمل على أرض الواقع، مؤكداً أنه لا يمكن تطوير أى قطاع بالشوارع دون إسهام المواطنين، لافتاً إلى أن الأهالى طوروا المبادرة بجعل المواطنين يجمعون القمامة وتصنيفها فى صناديق، إذ يتم وضع الأوانى الزجاجية فى صندوق، والبلاستيكية فى آخر، وهكذا، ثم يبيعونها وتعود أموالها لصندوق إدارة الشارع.
وعن تجربة مجلس إدارة الشارع، تقول هبة صلاح الشريف، رئيس مجلس إدارة شارع صابر محمد بالعمرانية: «شاهدت حملة هنجملها فى منطقة السكاكينى فى غمرة وتواصلت مع الدكتور وائل الطناحى وطلبت منه مساعدتى فى كيفية الارتقاء وتطوير شارعى، وتواصلت مع 39 منزلاً يقيم بها 250 أسرة وطلبت منهم نبدأ فى نظافة الشارع، وبالفعل بدأنا أول اجتماع مع عدد من السكان بحضور د. وائل فى مسجد الرحمن الموجود داخل الشارع، وشرح للسكان كيف يتم البدء فى تجميع المخلفات الصلبة والتعرف على المورد الخاص بالمنطقة لبيع المخلفات وبالعائد يتم شراء بعض مواد الدهانات وتجميع أكبر نسبة ممكنة من الشباب والسيدات والأطفال للبدء فى تطوير الشارع من التوافق على الألوان مروراً بأعمال النظافة، وبعدها تم طلاء 39 منزلاً فى 48 ساعة».
وتشير «هبة» إلى وجود دعم وتشجيع من رئيس حى العمرانية السابق اللواء خالد عصر، فبعد زيارته الشارع وتفقد أعمال الطلاء التى تمت بالجهود الذاتية قرر تحفيزنا ومكافأتنا على مجهودنا بصرف كشافات «ليد» لإنارة الشارع فضلاً عن تقديمه كمية من الأشجار وتركيب الإنترلوك لإضفاء الطابع الجمالى للموقع.
"هبة": "بعنا مخلفات 5 مرات فى شهر ونص وكل مرة بـ450 جنيه"
وتوضح أنه تم التعاون بين المجلس الوطنى للشباب وبين الأطفال عن طريق الدكتورة سمية سليمان، مسئولة اللجنة الكشفية بالمجلس، لعقد جلسات الكشافة التى ساعدت على تنمية مهارات الأولاد والبنات وتغيير سلوكهم للأفضل فى غضون شهر ونصف، علاوة على الاستعانة بشباب متطوع من كلية فنون جميلة لرسم جداريات عبارة عن صور مختلفة ما بين آثار فرعونية وشخصيات كرتونية، لافتة إلى أن مجلس إدارة الشارع مكون من رئيس ونائبين ومسئول صندوق ومسئول كشافة ولجان مختلفة. وتؤكد «هبة» أنه تم بيع المواد الصلبة خلال شهر ونصف نحو 5 مرات، ومتوسط إيراد كل مرة 450 جنيهاً.