م الآخر| زمن الأخلاق الحميدة
أزمة وحاله يمربها الوطن، وهي المخطط الشيطاني لضياع الهيبة والاحترام تدريجًا بلا إدراك أو وعي من المجتمع؛ وما سيترتب عليه فعليًا من سلبيات أخلاقية هدفها الوصول للامبالاة والفوضى والتفكك المجتمعي وضياع الوطن، وجديرًا بالذكر أنها حالة بعيدة تمام البعد عن مجتمعنا وأخلاقنا وقيمنا كمصريين.
قد نشأنا منذ نعومة أظفارنا على القيم والمبادىء والأخلاق سواء في المدرسة أو في الشارع أو المنزل، وفي المنزل حتى لو الأب والأم ليسا على مستوى عالي من الثقافة والتعليم لنقل هذه الأمور للأبناء، فسوف تجدها بطريقة أخرى تفرض نفسها.
فعندما نشاهد الأفلام (الأبيض والأسود) تجد فيها مدرسة ضخمة من الأخلاق والمبادىء التي تم بثها بداخلنا دون أن ندرك، فقد تجد "إسماعيل يسّ في الأسطول، وفي البوليس الحربي وفي الطيران" ومدى تمسكه لآداء هذه الخدمة الوطنية وتشرفه بآدائها؛ مما تزرع بداخلنا الوطنية وحب الوطن بسهولة وخفة دم، وتارة أخرى تجد أفلام تزرع بداخلك الاحترام والتقدير، وتبث على ضرورة الارتقاء بهيبة الرموز بدًء بالمعلم الذي يبني المستقبل، فمن منّا لا يعرف عن ظهر قلب "أستاذ حمام نحن الزغاليل" للفنان الكبير نجيب الريحاني، وهي أغنية خفيفة بسيطة تحتوي على بُعد أخلاقي ومحتوى رفيع من الاحترام الواجب، فقد نقل صورة الأستاذ بأنه الكبير دائمًا، ومهما وصل الطالب من مستوى متفوق فسوف يظل "زغلول" صغير بالنسبة لمعلمه، وبالتالي الاحترام سيظل موجود ونابع من داخل الطالب وعن قناعة تامة، الطالب الذي هو المستقبل.
ومن منا لا يعرف (سي السيد) من ثلاثية أستاذنا الكبير نجيب محفوظ، فكان سي السيد كبير الأسرة، وكل أفراد أسرته لا يستطيع أحد منهم أن يرفع رأسه أمام والده ما يعكس الأخلاق الحميدة، بل ويعكس قيمة مسئولية الأب تجاه الأسرة، وضرورة مراقبة نفسه وأفعاله بنفسه ليظل محترم وأيقونة المنزل الأخلاقية، ويجبر أفراد أسرته على احترامه وعن قناعة أيضًا، وكل هذا بسهولة تامة دون أن تعي وأنت تشاهده.
وبالعودة لما نحن فيه الأن، فيا حسرتاه.. أصبح التدني الفكري الأخلاقي في أسوء حالاته، فقد تسمع كثيرًا من الشباب المغسول الفكر يقوم بترديد " الرئيس هو موظف في الدولة ليس أكثر"، وهي جملة ذات معنى عميق وخطير، وتارة أخرى تسمع بمنتهى اللا وعي وصف أي شخص بأنه "خادم لنا "؛ للوصول لأن يكون الضابط ــ فعلى سبيل المثال وليس الحصرــ الذي يضحي بحياته وأسرته لحماية الوطن وبدل ما نحيه ونكن له الاحترام يردد أنه "خادم لنا " بمنتهى اللا تقدير.
ولكى أتحلى ببعض الإيجابية وعدم الاعتراض فقط، فكان يجب أن أقول:
يجب على الدوله التصدي لمن يبث هذه السموم الفكرية، وعلى رأسها ما يسمى بالمنظمات الحقوقية والتي مثبت فعليًا تلقيها الأموال من الخارج لبث هذه السموم في شبابنا وجعله مُغيب، ويطالب فقط دون النظر بأنه يجب أن يعطي، وأن يتوهم أن حقوقه المادية هي فرض على الدولة حتى ولو كان غير منتج أو دون أن يقدم واجبه نحو الوطن، وكانت جملة "متقلش ايه ادتنا مصر.. قول هَندّي ايه لمصر" هي بالنسبة لهم ليست سوى جملة من نسج الخيال وكلام السذج ليس أكثر.