"المندورة والخلافين" تغرقان في مياه الأمطار والصرف الصحي
مواطنون: حملنا متوفى على جرار بسبب الطين.. والأولاد مش بيروحوا المدارس
غرق القرى فى مياه الصرف الصحى والأمطار بكفر الشيخ
لا يختلف حال قريتي المندورة والخلافين بمركزى دسوق وسيدى سالم فى محافظة كفر الشيخ، كثيراً عن نحو 70% من قرى المحافظة، بسبب عدم إنشاء مشروعات صرف صحى أو اكتمالها، فبعض المشروعات توقفت لعدم وجود رقابة ومتابعة من قبل الأجهزة التنفيذية، والبعض الآخر منها ما يُجرى استكماله ومنها ما انتهى لكن دون تشغيل، ومع حلول فصل الشتاء من كل عام يُرسل أهالى القرى المختلفة استغاثات للمسؤولين يسردون فيها معاناتهم من عدم وجود صرف صحى، وبالتالى غرق الشوارع وربما المدارس والمصالح الحكومية.
ومع إطلاق الاستغاثات المتكررة من الأهالى للمسؤولين، يحدوهم الأمل فى أن تكون هى الاستغاثة الأخيرة، ربما يسمعهم مسؤول ويستجيب لهم، لكن بعض مسؤولى كفر الشيخ يتجاهلون شكاوى الأهالى ما يزيد من غضبهم خاصة فى أوقات تساقط الأمطار بغزارة وغرق الشوارع وبعض المنازل، فيصبح الأهالى مُحاصرين فى منازلهم لا يستطيعون الخروج لقضاء احتياجاتهم اليومية.
"القرية عايمة على برك مياه صرف صحى ومخلفات أمطار وبنجر الموتى على الجرارات علشان نقدر نوصل للمقابر، الوضع مأساوى وأطلقنا استغاثات دون مجيب"، تلك الكلمات التى لخصت معاناة أهالي قرية الخلافين التابعة للوحدة القروية بسد خميس في سيدى سالم، فالقرية التى يتعدى عدد سكانها الـ5 آلاف نسمة تعيش على بركة من المياه، بل تختلط مياه الشرب بالصرف الصحي ما يدفع الأهالى لشراء المياه المعدنية.
قال سامح غازى، أستاذ مساعد بإحدى كليات الإعلام وابن القرية، إن الأهالي يعيشون في مأساة كبيرة، بسبب عدم رصف الشوارع وعدم إنشاء مشروع صرف صحي، حيث إن الأهالي أنشأوا مشروعاً لخفض المنسوب بالقرية لكن فاقت مياه الأمطار قدرته، ما أدى لطفح المجاري وغرق المنازل، قائلاً: "البلد كلها طين والمياه خدت كل حاجة معاها، في بيوت فعلاً امتلأت بالمياه وعجز أصحابها عن التصرف، وجرينا متوفى على جرار بسبب الطين، شاب مات معرفناش ندفنه بسبب برك المياه، جبنا جرار فشل في السير على الطريق، اضطرينا نجيب جرار تانى يجر الأول علشان نقدر ندفن الشاب".
وأضاف غازي أن أهالي القرية توجهوا بشكاوى كثيرة للمسؤولين لكن دون جدوى، وأنهم أطلقوا استغاثات لنواب البرلمان فى الدائرة دون جدوى، مشيراً إلى أنه أجرى اتصالات متعددة باللواء جمال نور الدين، محافظ كفر الشيخ، لكنه لم يرد على هاتفه، وأنه اتصل بالعديد من المسؤولين، أحدهم أكد أن إمكانيات الوحدة المحلية ضعيفة وأن القرية لم يتم وضعها حتى الآن فى خطة الرصف ولا الصرف الصحى، متسائلاً: "كيف لأكبر ثانى قرية بالوحدة المحلية ألا يتم رصف شوارعها وطرقها؟".
أحمد: "مش عارفين ننقل مرضانا ولا ندفن موتانا".. ومسؤول: "إمكانياتنا كدة والمعدات ضعيفة"
الدكتور أبو العزم خلاف، أحد أبناء القرية، أكد أن شوارع القرية تحولت لمستنقعات وبرك، ما يهدد آلاف المنازل بالانهيار بسبب كثرة مياه الصرف الصحي والأمطار، مشيراً إلى أن الوحدة المحلية لم تكلف نفسها وتكسح المياه من الشوارع الرئيسية قائلاً: "المسؤولون يهتمون فقط بالقرية الأم، لكن لا اهتمام بالتوابع، فأهالي القرى والعزب يعيشون حياة صعبة، تُحاصرهم المياه وتمنعهم من الذهاب لأعمالهم ، كما تمنع الأطفال من الذهاب لمدارسهم، ويعطون إشارات للمحافظ بأن كل شيء على ما يُرام بخلاف الحقيقة، فالواقع يؤكد أن هناك من يتستر على فساد الموظفين، يهتمون بالمدن ولا اهتمام بالقرى، فقريتنا يصعب السير في أكبر شوارعها"، مطالباً بسرعة إنشاء الصرف الصحي وكسح مياه الأمطار من الطرق والشوارع.
مصدر مسؤول أكد، لـ"الوطن"، أن إمكانيات الوحدة المحلية ضعيفة، وأن معظم المعدات فى الصيانة، مشيراً إلى أنه طلب دعما للوحدة المحلية لكن دون مجيب: "إمكانياتنا كده هنعمل إيه، الاهتمام بالمدن كبير عن القرى، وإحنا بنشتغل 24 ساعة".
قرية المندورة، تُعد من أكبر قرى مركز دسوق فى كفر الشيخ، فالقرية التى يتعدى عدد سكانها الـ50 ألف نسمة، تعانى من نقص الخدمات وتغمر مياه الصرف الصحى والأمطار منازلها، فلم يجد الأهالى سوى الصفحة الرسمية لمحافظة كفر الشيخ عبر "فيس بوك"، ليطلقوا استغاثة، آملين أن يراها محافظ الإقليم، ويتحرك لبحث مشكلتهم، فالشاب كريم على، أحد أبنائها لم يكتف باستغاثته عبر صفحة المحافظة بل أطلق استغاثة عبر "الوطن" قائلاً: "استغاثة من أكبر قرية على مستوى المحافظة، قرية المندورة مركز دسوق، نرجو منكم النشر بأسرع وقت لأن البلد بجد وقف حالها كليا ومفيش أي حد عارف يمشي فيها بسبب مياه الصرف الصحي ومياه الأمطار المتراكمة والطين المتحرك اللي وصل منسوبه للنصف متر في قرية المندورة مركز دسوق".
رئيس مدينة دسوق: شفطنا 3 آلاف طن مياه من قرية واحدة وكميات الأمطار كبيرة
أكد كريم، أن القرية سقطت من حسابات المسؤولين، فلا طرق مرصوفة ولا خدمات ولا صرف صحى، القرية أصبحت تعوم على برك مياه، لا يوجد بها مستشفى ولا مدرسة ثانوي ولا نقطة شرطة، ولا خط مياه شرب فالمياه مختطلة بمياه الصرف الصحي، مشيراً إلى أن المسؤولين وعدوا قبل عامين بإنشاء مشروع صرف صحى بعدما أصبحت البيوت مهددة بالانهيار لكن دون جدوى، ففي 2015 كادت أن تتعرض القرية لكارثة بيئية بسبب الإهمال ومياه الصرف الصحى، وسارعت الوحدة المحلية بكسح المياه مع وعود لم تنفذ.
أحمد محمد خيرات، أحد أبناء القرية، أكد أنهم استغاثوا بالمسؤولين قبل حلول فصل الشتاء، لإخذ إجراءات سريعة للحد من غرق المنازل لكن دون مجيب، "الأول البيوت كانت غرقانة بمياه الصرف قبل الشتاء ما يدخل علينا، دلوقتي بقى الشتاء والصرف والطين مع بعض، وإحنا محاصرين في برك من المستنقعات والطين اللي وصل لارتفاع نصف متر وفي أماكن أكثر من ذلك، ممكن لا قدر الله طفل صغير يقع في الطين ده وميعرفشي يقوم ويموت أو يغرق في هذه المياه، الأطفال كمان مش عارفة تمشي تروح دروسها ولا امتحاناتها ومفيش أي حد مريض عارفين ندخل عربية تشيله، حتى التوك توك مبقاش ينزل البلد، مش عارفين ننقل مرضانا ولا ندفن موتانا، فلازم المحافظ يصحى وينزل يشوف القرى طالما رؤساء المدن بيقولوا كله تمام".
اللواء خالد حسن، رئيس مركز ومدينة دسوق، أكد لـ"الوطن"، أنه سيرسل معدات لشفط مياه الأمطار من شوارع القرية، مشيراً إلى أن المحافظة دعمته بـ"كساحتين" حمولة 10 أطنان للواحدة للمساهمة فى رفع مياه المطار من القرى بعدما تعرضت لأول مرة لسقوط كميات كبيرة من المياه، قائلاً: "كسحنا حوالى 3 آلاف طن مياه من قرية واحدة، ولسه شغالين، بنشتغل بكل طاقتنا وأكتر خلال الـ24 ساعة.