حرق علمه ورفع الصيني.. هل يبعد "كورونا" إيطاليا عن "الاتحاد الأوروبي"؟
صورة أرشيفية
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في إيطاليا مساء أمس السبت، بمجموعة من الصور لمواطنين إيطاليين يحرقون علم الاتحاد الأوروبي، في وقت رفع العلم الصيني بمناطق أخرى، في إطار التداعيات السياسية لتفشي فيروس كورونا المستجد والذي أسقط عشرات آلاف الإيطاليين بين قتلى ومصابين.
ويأتي حادث إحراق إيطاليين علم "الاتحاد الأوروبي"، كحلقة جديدة في الخلافات التي تنتاب العلاقات بين "روما" و"بروكسل"، خصوصا مع تصاعد قوة اليمين المتطرف في إيطاليا خلال الفترة الماضية وميوله الانفصالية عن الاتحاد، ما يثير كثير من التساؤلات حول مستقبل تلك العلاقات.
البداية باستيلاء التشيك على مستلزمات طبية قادمة من الصين إلى إيطاليا
بدأت الأزمة بين إيطاليا وأوروبا تتضح مع استيلاء السلطات التشيكية على أقنعة واقية صينية مرسلة إلى مستشفيات إيطاليا للمساعدة في مكافحة الفيروس القاتل، بعدها أنزل عدد من المدن والبلدات الإيطالية علم الاتحاد الأوروبي عن السواري، ورفعت علم الصين بدلا منه، تقديرا لدعمها إيطاليا وغيرها من الدول المنكوبة في أوروبا، لمواجهة وباء كورونا الذي حول القارة العجوز إلى منطقة معزولة عن العالم، وكل دولة من دولها معزولة عن الأخرى، ليصل الأمر مؤخرا إلى حرق علم الاتحاد من قبل بعض الإيطاليين.
متخصص في الشؤون الأوروبية: ليس من حق "الشعبويين" في إيطاليا إلقاء اللوم على الاتحاد الأوروبي
في هذا السياق قال بهاء محمود الباحث المتخصص في الشؤون الأوروبية، إن ما حدث لا يوثر تماما على علاقة إيطاليا بالاتحاد الأوروبي، لأن هذا الوباء لا يختص بإيطاليا فقط، ولكن انتشر في الدول الأوروبية، وليس من المطلوب إلقاء اللوم على الاتحاد من قبل إيطاليا، مشيرا إلى أن ألمانيا دعمت "روما" بإرسال أطباء واستقبال مصابين ومعالجتهم، وهي من الدول القيادية داخل الاتحاد.
واعتبر محمود أن أزمة تفشي الفيروس تعود للمنظومة الصحية داخل الاتحاد الأوروبي ذاتها، موضحا أنه منذ 1990 وحتى الآن يوجد تراجع في الإنفاق على الصحة، نتج عنه نقص في المعدات والأسرة ولا يستطيع الاتحاد على إجبار أحد من الأعضاء الإنفاق على الصحة في دول أخرى.
وعزى الباحث في الشؤون الأوروبية، هذا الوضع إلى الانقسام داخل أوروبا حيال النظام الصحي، إذ أن هناك دول تعتمد نظام التأمين الصحي من خلال الحكومة، ودول أخرى تعمد على تأمين صحي يكون مسؤولية الأفراد، ودول أخرى يكون النظام بها مشترك بين القطاع الخاص والحكومة، فلا يوجد نظام موحد وكل دولة تدير ملفها بنفسها، فـليس من الحق إلقاء اللوم على الاتحاد من التيارات الشعبوية وغيرها.
متخصص في الشأن الآسيوي: رفع علم الصين في إيطاليا يعبر عن غضب مواطنيها
أما بخصوص واقعة رفع العلم الصيني، قال عماد الأزرق المتخصص في الشأن الصيني والآسيوي، إن إقدام المواطنين الإيطاليين على إنزال علم الاتحاد الأوروبي ورفع علم الصين بدلا منه جاء تعبيرا عن حجم الغضب الذي يشعر به المواطنين الإيطاليين تجاه الاتحاد الأوروبي، وإحساسهم بأن الاتحاد ومؤسساته تخلت عنهم في أشد اللحظات الصعبة وتركتهم بمفردهم يواجهون وطأة فيروس كورونا دون أن يمدوا لهم يد العون والمساعدة؟.
وأضاف الأزرق: "وقد وجد المواطنون الإيطاليون أنفسهم أمام مقارنة بين المواقف المتخاذلة من مؤسسات الاتحاد الأوروبي وموقف الصين التي بادرت رغم أزمتها بإرسال أطقم طبية عدة، وكميات ضخمة من المساعدات الطبية التي تواجه إيطاليا فيها عجزا كبير فيها".
وأشار مدير وحدة الدراسات الصينية بمركز الحوار للدراسات السياسية، أن هذا الشعور الغاضب عبر عنه أيضا رئيس وزراء إيطاليا جوسيبي كونتي، عندما حذر من أن الاتحاد الأوروبي بكامله قد يفقد سبب وجوده بسبب فيروس كورونا، مؤكدا أنه "إذا لم تثبت أوروبا أنها على مستوى هذا التحدي غير المسبوق، فإن التكتل الأوروبي بكامله قد يفقد بنظر مواطنينا، سبب وجوده".
وبدت كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي حيال التعامل مع الفيروس، وكأنها تهتم بمواطنيها الذين يقيمون داخل حدودها فقط مديرة ظهرها للدول التي تجاورها، التي تمسكت بحدودها الوطنية على حساب الأوروبية المفتوحة، ما أفقد معنى مبدأ "التضامن" الذي قامت عليه فكرة الاتحاد الأوروبي ككل.