يمثل نشاط تنظيم القاعدة فى اليمن التحدى الأكبر لوحدة اليمن من ناحية، وللولايات المتحدة الأمريكية من ناحية أخرى، فقد استطاع التنظيم أن يستقل بالسيطرة على مناطق واسعة فى الجنوب استناداً لدعم قبلى من بعض القبائل المعروفة بكراهيتها لأمريكا وأن عدداً من أبنائها قد قتلوا فى مطاردات قادة تنظيم القاعدة باليمن، ومن هذه القبائل، قبيلة العوالقة التى ينتمى إليها أنور العولقى وفهد القصع.
الخط الاستراتيجى للقاعدة كما وضعه أسامة بن لادن يتمثل فى التركيز على العدو البعيد وعدم الانخراط فى مواجهات داخلية مع النظم السياسية وهو ما قد يسفر عن قتلى مسلمين، هكذا كشفت الوثائق التى ضبطتها أمريكا فى منزله بباكستان، كان «بن لادن» واضحاً فى أنه لا يريد للتنظيم أن ينخرط فى مواجهات داخلية مع نظم العالم الإسلامى، وأن يركز فى مواجهة العدوان الخارجى فى المناطق التى تواجه تهديداً وعدواناً.
من الواضح أن الظواهرى المصرى الذى خلف «بن لادن»، -وهو أحد واضعى استراتيجية مواجهة النظم الداخلية واعتبارها أولوية- يعود لتلك الاستراتيجية واضعاً التنظيم فى ارتباك حقيقى، فهو فى الفترة الأخيرة دعا اليمنيين للثورة والخروج على الرئيس الجديد لليمن، كما دعا السعوديين إلى الثورة على النظام السعودى، كما فعلت الشعوب التى ثارت فى بلدان الربيع العربى تونس ومصر وليبيا.
يواجه تنظيم القاعدة فى اليمن مخططات لثلاثة أجهزة مخابرات كبرى هى المخابرات الأمريكية والمخابرات السعودية والمخابرات البريطانية، وتعمل الطائرات بدون طيار لاصطياد قادته بناءً على معلومات على الأرض يجهزها مدربون أمريكيون موجودون فى اليمن بدعم من الرئيس الجديد الذى يرى أن أحد عناوين شرعيته هو مواجهة تنظيم القاعدة فى مناطق الجنوب حتى لا يعزز دعوة الجنوبيين بالعودة للانفصال من ناحية وحتى يثبت للشركاء الإقليميين فى منطقة الخليج والدوليين خاصة الأمريكان أنه موضع للثقة.
المبالغة فى حجم تنظيم القاعدة فى اليمن ربما يكون جزءاً من تسويق الحملة العسكرية ضده وإقناع القبائل اليمنية بأن التدخل الأمريكى بالطائرات دون طيار أو بمدربين أمريكيين ومتخصصين فى عمليات مواجهة التنظيم هو أمر لا مفر منه وهو فى مصلحة اليمن والعالم.
بيد أن الواقع يقول إن حدود التهديد الذى يمثله تنظيم القاعدة فى اليمن يتمثل فى الضغط على النظام السياسى وربما النظام العالمى لكنه لا يمكنه أن يتحول إلى تحقيق أهدافه المعلنة فى السيطرة على الأرض وإعلان الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة.
تنظيم القاعدة فى اليمن يواجه اليوم مقاومة شعبية باعتبار أنه يمثل تهديداً لوحدة البلاد ذاتها، كما قد يمثل استدعاءً لمجىء القوات الأجنبية إلى البلاد.