اتحاد المستثمرين المصريين منذ خمس سنوات اقترح إنشاء مدينة للنباتات الطبية والعطرية وإنتاج المادة الفعَّالة وتوفير الخامات للأدوية والمكملات الغذائية ومستحضرات التجميل، دراسة جدوى المشروع أكدت أنه نقلة كبيرة لمصر دولياً فى مجال صناعة الدواء والغذاء، بالإضافة إلى إنشاء مراكز أبحاث لتطوير الزراعة والصناعة، وتوفير 30 ألف فرصة عمل وإضافة حقيقية للناتج القومى.
مجلس الوزراء فى عهد المهندس شريف إسماعيل وافق وخصص 50 ألف فدان بمحافظة الأقصر حتى يحقق التنمية المستدامة التى تنشدها الدولة لإقليم الصعيد، د. محمد بدر، محافظ الأقصر السابق، كان داعماً جداً للمشروع قبل أن يفشله تماماً المحافظ الذى جاء بعده، ولكن اللواء محمد الزملوط، محافظ الوادى الجديد، أعطى المشروع قبلة الحياة حينما سمع عنه وتواصل مع اتحاد المستثمرين لإقامته بالوادى، «الزملوط» أيضاً حينما سمع عن مبادرة بعض الشباب لإحياء صناعة الحرير تواصل معهم وعقد بروتوكولاً مع وزارة الزراعة لتنفيذها فى محافظة الوادى والتى أيضاً يجرى فيها حالياً أكبر مساحة لتحديث الرى من الغمر إلى الرش والتنقيط، فهناك محافظ يعطل المشروعات والتنمية، ومحافظ يرعى الله فى الوطن والمواطن، محافظ يعتبر المنصب وجاهة اجتماعية ومكافأة، ومحافظ يعتبره تكليفاً ومسئولية، محافظ يرتقى بمحافظته وآخر يتدهور بها إلى الدرك الأسفل، محافظ يسعى لزيادة موارده بالاستثمار والتنمية ومحافظ لا يرى سوى الضرائب والرسوم، محافظ يعتمد على الكفاءات وآخر يدمرها، محافظ يفتح بابه للمواطنين وآخر يغلقه بالريموت كنترول، محافظ يبادر وآخر قليل الأفق.
للأسف الشديد أمثال «الزملوط» قليلون، وأغلبية المحافظين ليسوا على مستوى المرحلة، بل أصبحوا عبئاً ثقيلاً على الرئيس والحكومة والبلد كله؛ لأن المحافظ هو الذراع التنفيذية وأول من يتعامل معه المواطن وواجهة الحكومة ونجاحه يرفع شعبيتها كذلك فشله يؤثر سلباً على رصيدها.
ربنا سبحانه وتعالى منحنا ثروات وموارد طبيعية كثيرة ووهب كل محافظة ميزة تنافسية مختلفة عن الأخرى؛ من الموانى والآثار والزراعة والصناعة والبحيرات والسياحة (شاطئية ودينية وعلاجية)، إلى فرع لنهر النيل (20 محافظة)، أو موقع على البحر، أو ثروة سمكية أو تعدينية أو معجزة إلهية؛ ففى سيناء كلَّم الله موسى، وفى دمياط التقاء النهر بالبحر، ومن العريش لأسيوط 25 مساراً للعائلة المقدسة، وفى محافظات القناة أهم ممر ملاحى دولى، 11 محافظة مطلة على البحرين الأحمر والمتوسط ومؤهلة لكى تكون مناطق حرة أفضل من دبى وهونج كونج وسنغافورة، حتى سوهاج التى توصف بأنها المحافظة الأكثر فقراً فإنها تطل على نهر النيل، وبها مساحة أراضٍ كبيرة صالحة للزراعة، ومدينة تعوم على الآثار (أخميم)، وفيها أيضاً محاجر ومطار وجامعة وصناعات يدوية، ومع ذلك تكتوى بنيران الفقر.
المحافظات المصرية لا تعانى من فقر الموارد بقدر معاناتها من فقر الفكر، لذلك كنت وما زلت أتمنى إدارتها بالعقلية الاقتصادية الاستثمارية وليست الجباية لأن حال المحافظات أصبح لا يسر عدواً ولا حبيباً وتعانى من مشاكل كثيرة، والمواطنون على مدار نصف قرن نادراً ما يتذكرون محافظاً ترك بصمة أو إنجازاً حقيقياً.
والمحافظات طاردة للسكان، وعبء على العاصمة بسبب سوء الخدمات وانتشار البطالة.
المحافظ الكفء يحمل الكثير عن كاهل رئيس الجمهورية، ويستثمر الموارد المتاحة لديه ولا يكون عبئاً على الميزانية العامة للدولة، قبل حركة المحافظين التى ربما تكون قريبة أتمنى حسن الاختيار، فالمرحلة تحتاج إلى الأكفاء المبدعين إدارياً واقتصادياً.. والله الموفق والمستعان.