قصة الدكتور جمال مع "الغربان".. من حرب أكتوبر إلى الزلزال الأخير
ينظر الكثيرون لـ"الغربان" على أنها شؤم، بلونها الأسود ونعيقها العالي، لكن الدكتور جمال بكير، لا يرى فيها سوى نعمة من الله تستحق التأمل والاهتمام، فالعلاقة بينهما ليست وليدة اللحظة، والمعلومات التي قضى عمره يقرأها عن مخلوقات الله جعلته يزداد احترامًا لـ"الغراب" الذي ذكره القرآن، كأول كائن يعلم الإنسان كيف يواري موتاه الثرى.
قتل جماعي للغربان في محافظة الإسماعيلية بواسطة بطيخ مسموم جعلت الطبيب الجراح يشعر بغضب شديد، وينذر من يعرفهم بوعيد الله، فلم يلبث أن وقع زلزال هزَّ الإسماعيلة وبقية مدن القناة في نفس اليوم، الذي شهدت فيه منطقة إبادة الغربان أيضًا انهيار مسلة في وسط المدينة، محدثة شلل مروري: "هو غراب من المسمومين داخ زق المسلة وقعها ولا إيه" بصيغة تهكمية استقبل الطبيب الستيني الخبر: " الغراب مش شؤم، القتل الجماعي للغربان بدون سبب هو الشؤم بعينه، قتلوهم الفجر ومانتهاش اليوم غير بزلزال وسقوط مسلة، ولسة".
رغم خلفيته العلمية ويقينه بأن الربط بين الأحداث القدرية والجرائم ليس منطقيا، إلا أنه لا يتوقف عن النذير والوعيد لمن يقتول الحيوانات بأنواعها املا منه في أن يتعظوا مدللا على صدقه بمعجزة نبي الله صالح وناقته: "قال لقومه لا تؤذوا الناقة، فذبحوها فدمدم عليهم رب بذنبهم فسواها" بدأت العلاقة مع الغربان منذ حرب أكتوبر، كان الجراح وقتها مشاركا في الحرب ضمن الفرقة الرابعة المدرعة، يتأمل السماء فيعرف مواضع الجثث من تحليق الغربان: "الغراب الإسود تماما من الجوراح، بيروح على الجثث والاشلاء، الناس كانت تتشائم، لكن لولاه مكناش نعرف، ولا كنا هانستحمل روائح التحلل".
لدى الدكتور جمال الكثير من القرائن التي تثبت أن طائره المحبب ليس شؤم، يستشهد عادة بتقاليد برج لندن في انجلترا، حيث تحتفظ المملكة في هذا البرج بغربان عديدة، يرعاها حراس ملكيون، للاعتقاد بأن رحيل الغربان يعني سقوط المملكة: "الغراب ذكي جدا، وبيحفظ وجوه لناس اللي أساءت له، لو إنسان قتل غراب، باقي الغربان تهاجمه وتنتقم منه، ودي ظاهرة خلدها هيتشكوك في فيلمه "ذا بيرد"بل إن الغربان بتحاكم بعضها وتحكم وتنفذ بعدل".
يتذكر الطبيب الذي عمل طوال عمره بمستشفى قناة السويس بالإسماعيلية المرة السابقة التي قامت فيها المحافظة بإبادة الغربان: " كانت أيام مبارك، زار المحافظة، وفي الاستراحة غراب تبرز على جرناله فشعر بالشؤم ومشي، وأعتقد إن الحملة الحالية سببها احتمالية زيارة السيسي للمكان، خايفين الغربان تضايقه !".