أحمد سيف الإسلام.. "الشموس الهالة من الزنازين"
صورة أرشيفية
"مهما يطول السجن مهما القهر.. مهما يزيد الفجر بالسجانة.. مين اللي يقدر ساعة يحبس مصر".. غناها الشيخ إمام وانتهجها "أستاذ أساتذة المحامين"، لم تكسره سنوات عمره التي راحت هباء بين السجن والاعتقال، خائفًا على سنوات عمره الباقي، مكرسًا إياها لمحاربة التعذيب في مصر وسجونها وقضبانها، معتبرًا العلامات المحفورة بجسده النحيل، دليلاً لدربه المتعرج المحفوف دائمًا بأسوار السجن، ليكون أحمد سيف الإسلام المحامي والحقوقي والناشط كـ"الشموس الهالة م الزنازين" تمد يدها لمن فقد رجاءه.
في "حوش عيسى" بمحافظة البحيرة ولد، ومن كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة تخرج عام 1977، لم يكتفِ بها ولم يستسلم لخمس سنوات اعتقال في قضية رأي، فدرس الحقوق وحصل على الليسانس من جامعة القاهرة عام 1989، كما حصل على دبلوم العلوم الجنائية من نفس الجامعة.
تاريخ مع الاعتقالات كانت بدايته في السبعينيات، عندما شارك في قيادة مظاهرات الطلبة لتحرير سيناء، اعتقل على إثرها لأول مرة عام 1972 لمدة يومين، وأثناء مشاركته في الاحتجاجات على خطاب السادات وتأخره في اتخاذ القرار بالحرب مع إسرائيل، اعتقل عام 1973، وأفرج عنه قبل حرب أكتوبر بعدة أيام.
"1983" التاريخ الأسوأ في حياة سيف الإسلام، خمس سنوات قضاها بسجن القلعة كأطول فترة اعتقال بحياته، على خلفية اتهامه بالانتماء لتنظيم يساري، تعرض خلالها للتعذيب بالضرب بالعصي والصعق بالكهرباء، كسرت قدمه وذراعه وتقدم ببلاغ للتحقيق بالواقعة ولم يحقق أحد بها، تم القبض حينها على 16 شخصًا، أُفرج عن 11 منهم، وظل هو مع أربعة من زملائه، وفي أثناء اعتقاله هذا، وُلدت ابنته منى.
ووفقًا لكتابات سيف الإسلام عن هذه التجربة، فقد تراجع عن فكرة الهرب للندن بمباركة الأمن للتخلص منه كناشط، إلا انه اختار أن يقضي عقوبة سجنه بدلًا من الهرب والحرمان من بلده مدة لا تقل عن 15 سنة على أقل تقدير، واستغل سنوات سجنه في الدراسة، ودفعته هذه التجارب في الاعتقال والسجن والتعذيب لتكريس أنشطته للدفاع عن حقوق الإنسان، فأسس مع مدافعين آخرين مركز "هشام مبارك للقانون" لتقديم الدعم لضحايا التعذيب وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان.
دافع سيف الإسلام مع فريق محامين عام 2008، عن 49 شخصًا حوكموا أمام محكمة أمن الدولة بتهمة الاشتراك في الاحتجاجات الشعبية التي خرجت في 6 أبريل، تضامنًا مع التحرك العمالي في المحلة، الذي نظَّمه عمال النسيج وشهد أعمال عنف حينها، واستند على ارغام المتهمين على اعترافات انتزعت منهم تحت التعذيب، وانتهت المحاكمات بتبرئة 27 منهم وإدانة 22.
ومع انطلاق شرارة الثورة، اعتقل سيف الإسلام يوم موقعة الجمل في 3 فبراير عام 2011، بعد أن اقتحم الأمن مركز هشام مبارك، واعتقله ومن معه من حقوقيين ومراسلين وصحفيين، وأفرج عنه بعد يومين.
حياة غير مستقرة مليئة بالاعتقالات والنضال، تحملتها أسرة لها نفس الشيم، فسيف الإسلام متزوج من الدكتورة ليلى سويف، الناشطة السياسية في حقوق الإنسان أيضًا، حيث تنشط من أجل استقلال الجامعات ومناهضة التعذيب، بالإضافة إلى ثلاثة أشبال من ذاك الأسد، علاء ومنى وسناء، نشأوا متأصلين بنضال والدهم، فنهجوا نفس الدرب، يقبع الآن علاء وسناء خلف القضبان الحديدية بعد مشاركتهم في وقفات ضد قانون التظاهر، تنادي أختهم الثالثة منى بحريتهم مع والدتها، بينما يرقد رب النضال بالعناية المركزة بعد تدهور حالته الصحية.