الاكتفاء الذاتي من الدواء .. الحلم يتحقق
الصناعة تعثرت لسنوات.. و«مدينة الدواء» تضعها على الطريق الصحيح
الرئيس السيسى يفتتح مدينة الدواء
«لازم يكون لدينا قدرة حقيقية فى إنتاج الدواء».. حلم أصبح فى الإمكان، وطموح جاء على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسى، أثناء افتتاحه مدينة الدواء الجديدة، منذ أيام، فبعد أن كان الاكتفاء الذاتى من الأدوية ذات الجودة العالية مجرد أحلام يقظة على لسان المسئولين والوزراء لعقود طويلة، تغير الأمر الآن وأصبح «الحلم حقيقة». فالدولة على مدار السنوات القليلة الماضية، كانت تعمل فى صمت لإنقاذ صناعة الدواء وإنعاشها من كبوتها التى دخلت فيها لفترات طويلة، إلا أن جهودها بدأت فى الظهور للعلن بافتتاح مدينة الدواء الجديدة، التى جذبت انتباه الجميع، بعد أن أعلنت الدولة، ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، عن خطتها الطموحة لتحقيق الاكتفاء الذاتى من الدواء، والبدء فى الدخول فى صناعة الأدوية التى كانت عصية على مصانعنا فى الماضى كـ«الأورام والمناعة والبلازما». وخلال فترة ليست طويلة، ستستكمل الدولة خطة الانضمام لنادى الكبار فى صناعة الدواء عالمياً، بعد أن كانت تستورد كميات ضخمة منه، تجاوزت 90% من المواد الخام المستخدمة فى الإنتاج المحلى، وتسارع الحكومة الزمن لتنفيذ التكليفات الرئاسية وتحقيق حلم الرئيس والمصريين فى إنتاج الدواء.
الحكومة: مخزون استراتيجى دائم للأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية يكفى 6 أشهر
وضعت الحكومة خطة عاجلة لإنقاذ صناعة الدواء والنهوض بها، تنفيذاً لتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث تشمل الخطة عدداً من المحاور الرئاسية، أبرزها تطوير المنظومة اللوجيستية للقطاع الصحى عبر مشروع المخازن الاستراتيجية للأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية، والاكتفاء الذاتى من المنتجات الحيوية والاستراتيجية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج بدعم خطوط إنتاجية جديدة محلية.
وحسب تقرير «الوزراء»، الذى حصلت «الوطن» على نسخة منه؛ فإن الدولة تعمل على الإسراع فى 3 محاور رئيسية فى ملف تأمين المخزون الاستراتيجى من الأدوية، عبر دعم صناعة الدواء، وتطوير المنظومة اللوجيستية للقطاع الصحى عبر مشروع المخازن الاستراتيجية للأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية، والاكتفاء الذاتى من المنتجات الحيوية والاستراتيجية عبر مشروع تجميع وتصنيع مشتقات البلازما.
تزايد حجم مبيعات سوق الدواء المصري من 96.1 مليار جنيه خلال 2018 لـ125 مليار جنيه في 2020
ورصد مجلس الوزراء تزايد حجم مبيعات سوق الدواء المصرى؛ فكانت 96.1 مليار جنيه خلال عام 2018، ثم تزايدت حتى أصبحت 117.3 مليار جنيه خلال عام 2019، و125 مليار جنيه خلال عام 2020، بحجم مبيعات 3.7 مليار عبوة دوائية. ويبلغ نصيب القطاع الحكومى نحو 35 مليار جنيه من مبيعات عام 2020، فيما يبلغ نصيب القطاع الخاص 90 مليار جنيه.
ويؤكد مجلس الوزراء أن 88% من إجمالى الوحدات الدوائية المباعة فى السوق هى 88%، فى مقابل 12% من تلك الوحدات هى استيراد تام الصنع، مع التحرك نحو تحقيق الاكتفاء الذاتى من المستحضرات الدوائية. ويضم السوق المصرى 152 مصنع دواء، بالإضافة إلى 40 مصنع دواء تحت الإنشاء حالياً، كما يوجد 700 خط إنتاج أدوية، و70 ألف صيدلى، و17 ألف مستحضر مسجل، و6.4 ألف مستحضر متداول.
وتتحرك الدولة، بحسب تقرير مجلس الوزراء، على 6 محاور لتحقيق الاكتفاء الذاتى من المستحضرات الدوائية، عبر دعم وتشجيع الخطوط الإنتاجية الحديثة النادرة. أول تلك المحاور هو مستحضرات الأورام ومثبطات المناعة، حيث لم يكن هناك سوى خط إنتاج واحد بمصر فى هذا المجال حتى عام 2018، وجار إضافة خط إنتاج ثان. أما ثانى المحاور، بحسب تقرير «مجلس الوزراء»؛ فهو المستحضرات الحيوية، حيث اعتمد السوق على خط إنتاج واحد حتى عام 2018، وجار العمل على 4 مشروعات قومية.
ويشير تقرير «الوزراء» إلى اعتماد السوق المصرى على الاستيراد فى مجال المضادات الحيوية الحديثة، فيما يجرى حالياً العمل على إنشاء وتشغيل 3 خطوط إنتاج محلية، بينما المحور الرابع هو بخاخات الصدر؛ فلم يكن هناك سوى خط إنتاج واحد حتى عام 2018، وتم إنشاء وتشغيل خط إنتاج ثان، فيما أن المحور الخامس هو مستحضرات الأنسولين، حيث كان السوق يعتمد على الاستيراد حتى عام 2018، وتم العمل على توطين صناعته محلياً.
أما المحور السادس وهو مستحضرات الهرمونات، فلم يكن سوى خط إنتاج واحد حتى عام 2018، وتم إنشاء وتشغيل 3 خطوط إنتاج إضافية.
كما تعمل الدولة على مشروع الاكتفاء الذاتى من المنتجات الحيوية والاستراتيجية، عبر مشروع تجميع وتصنيع مشتقات البلازما، التى تساعد على علاج أمراض الفشل الكبدى، والحروق، والأورام، والرعاية الحرجة، والمناعة، وسرطان الدم، وسيولة الدم، وبعض أمراض الأعصاب والروماتيزم، والأدوية الهامة لمرضى خلل الجهاز المناعى العصبى، والأدوية المنقذة لحياة المرضى الذين يعانون من النزيف. ويهدف المشروع لتوفير الأمن الصحى والدوائى الوطنى، وتأمين احتياجات الدولة وتحقيق الاكتفاء الذاتى من مشتقات البلازما وتصدير فائض، ونقل وتوطين الخبرات لصناعة تجزئة مشتقات بلازما الدم، وتوفير فرص وظيفية فى مجالى الصناعة الدوائية والتسويق، والكشف الصحى الدورى على المواطنين.
ويشمل المشروع إنشاء 40 مركز تجميع على مستوى الجمهورية، ومصنع تجزئة وتنقية مقرر إقامته بالعاصمة الإدارية على مساحة حوالى 100 فدان، يضم المعمل المركزى والمقر الإدارى للشركة. كما يضم تحركات الدولة لتأمين مخزون استراتيجى من المستحضرات الدوائية مع بداية أزمة فيروس كورونا، والذى تعمل عليه الدولة للوصول إلى حالة من الاستقرار فى عمليات توريد المستحضرات والأجهزة والمستلزمات الطبية، وتوافر الأرصدة من المستحضرات والمستلزمات الطبية لمدد تتراوح ما بين شهرين وحتى 3 سنوات، كما يتم التصنيع المحلى لكافة مستحضرات علاج فيروس كورونا، فيما عدا مستحضر واحد.
«كونسلتو» بين المنتجين والدولة لإنتاج الخامات محلياً
.. و«الملكية الفكرية والتسعير الجبرى» أبرز التحديات
عقد منتجو الدواء اجتماعات مكثفة مع مجلس الوزراء لوضع تصور لإنتاج المواد الخام للأدوية داخل مصر، لحل أزمة استيراد 90% منها، وهو ما يؤثر سلباً على الموازنة العامة للدولة، بجانب وضع خطة لتسويق المنتج الدوائى المصرى خارجياً.
وقال الدكتور أسامة رستم، نائب رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، إن استيراد المواد الخام من الخارج من أهم التحديات التى تواجه صناعة الدواء فى مصر، والدولة تتحرك لحل هذه المشكلة، وعقد المنتجون اجتماعات مكثفة مع الجهات المعنية، من بينها مجلس الوزراء لوضع استراتيجية لتطوير الصناعة تشمل إنتاج المواد الخام وتنافس المنتجين فى الأسواق المنافسة.
وأكد الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، أن مصر قادرة على تحقيق نهضة فى صناعة الدواء، شريطة توافر التكنولوجيا المطلوبة وتهيئة السوق لإطلاق طاقات المنتجين المحليين، مضيفاً أن تطوير الصناعة يواجه تحديات كثيرة تحتاج إلى تكاتف كافة أطراف الصناعة، وتوجه الدولة تجاه صناعة الدواء يبشر بالخير، فى ظل الحديث عن إنشاء مدينة الدواء، وفى ظل المشروعات الطبية والدوائية التى أبدت القيادة السياسية اهتماماً بالغاً بها فى الآونة الأخيرة. وأضاف «عوف» فى تصريحات لـ«الوطن» أنه يجب على الدولة مواكبة التطوير والتحديث فى الصناعة، وهو ما يعنى أهمية تطوير البنية الأساسية وإتاحة التكنولوجيا الخاصة، ما يسهم فى تقليل استيراد الدواء من الخارج والاعتماد بشكل أكبر على الإنتاج المحلى. وأكدت دراسة أعدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية عن سوق الدواء أن مصر حققت أعلى معدل نمو فى منطقة الشرق الأوسط لاستهلاك الأدوية «المبيعات»، وتحتل مصر المرتبة الثانية فى المنطقة بعد المملكة العربية السعودية من حيث نصيبها فى إجمالى المنطقة من القيمة السوقية لمبيعات الأدوية، تليها جنوب أفريقيا ثم الجزائر، فيما تأتى الإمارات العربية المتحدة فى المرتبة الخامسة، وتأتى الأردن فى ذيل القائمة بنصيب ضئيل.
2.6 مليار دولار قيمة الواردات مقابل 271 مليون دولار للتصدير
وأضافت الدراسة أنه رغم القيمة السوقية الضخمة لمبيعات مصر من الأدوية فى الشرق الأوسط، فإنها ليست الأكثر تطوراً فى تلك الصناعة، حيث إن إنتاج مصر المتزايد من الدواء لم يواكبه تطور فى البحث والتطوير لتصنيع المادة الفعالة بدلاً من استيراد المكونات الدوائية النشطة الأجنبية من الخارج، مشيرة إلى أن مصر تستورد الجزء الأكبر من الأدوية، سواء من حيث المدخلات من مواد فعالة ومستلزمات تعبئة وتغليف، أو غيرها من المنتجات النهائية من أدوية ومستلزمات طبية، وأوضحت أنه يتم استيراد ما يفوق 90% من المواد الخام المستخدمة فى الإنتاج المحلى، الذى يغطى 93% من الاستهلاك. وقالت الدراسة إن واردات مصر من المنتجات الدوائية بلغت 2.6 مليار دولار، مقارنة بحوالى 271.8 مليون دولار فقط للصادرات خلال عام 2019، حسب قاعدة بيانات الأمم المتحدة للتجارة الدولية، وهو ما يعنى أن واردات مصر من المنتجات الدوائية تفوق الصادرات بـ9 أضعاف. وأشارت الدراسة إلى أن القطاع العام يساهم فى صناعة الأدوية بنسبة 6% فقط، من خلال 11 شركة تعمل فى تصنيع وتصدير واستيراد الأدوية والمستلزمات، تتبع الشركة القابضة للأدوية، بينما تذهب 94% من حصة السوق إلى القطاع الخاص، وهناك هيمنة لشركات القطاع الخاص سواء المحلية أو متعددة الجنسيات على سوق الدواء، حيث تستحوذ الثانية على 69% فيما تحظى الأولى بـ31% من الحصة السوقية للدواء.
وتتصدر الشركات الثلاث «نوفارتس» و«سانوفى» و«جلاسكو سميث» قائمة الشركات متعددة الجنسيات الأكبر من حيث الوزن النسبى لمبيعاتها فى مصر، بينما تأتى كل من آمون وإيفا وفاركو، فى مقدمة الشركات المحلية لإنتاج الأدوية.
استثمارات
الدواء في مصر
400
مليار جنيه حجم سوق الدواء فى مصر
80
مليار جنيه حجم استثمارات صناعة الدواء فى مصر
6.8%
النسبة التى يمثلها الدواء من إجمالى الاستثمارات فى 2018-2019
5.2
مليار علبة سنوياً حجم إنتاج مصر من الدواء
350
منشأة لصناعة مستحضرات الدواء فى مصر
84.6
ألف عامل بمنشآت مستحضرات الدواء تمتلك الحكومة منها 3% فقط
2.61
مليار دولار واردات مصر من المنتجات الدوائية
271.85
مليون دولار صادرات مصر من المنتجات الدوائية خلال عام 2019