جامع النوري في الموصل.. قصة مسجد فجره داعش ويعيد إعماره المصريون

فازت مجموعة من المهندسين المعماريين المصريين بعملية إعادة بناء جامع النوري الكبير في الموصل الأثري بالعراق، بعد 4 سنوات من تدميره من قبل تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو المسجد الذي شهد الظهور العلني الوحيد لزعيم التنظيم السابق أبي بكر البغدادي، ليخطب من فوق منبره، معلنا قيام دولة الخلافة المزعومة في هذا المسجد، الذي يعود تاريخه إلى القرن 12.

إنشاء جامع النوري الكبير والتسمية

يعود إنشاء جامع النوري الكبير في الموصل إلى القرن 12 وتحديدا عام 1172، حيث أمر القائد المسلم نورالدين محمود زنكي السلجوقي التركي حاكم حلب والموصل  وقتها ببناء المسجد الذي أطلق عليه أيضا الجامع الكبير، وقد اكتمل بناؤه بين عامي 1172 و1173م، ومن هنا جاءت تسمية جامع النوري نسبة إلى القائد نورالدين محمود زنكي الذي قاد عملية توحيد قوات المسلمين في مواجهة القوات الصليبية.

جامع النوري.. القلب الروحي لمدينة بالموصل

يوصف جامع النوري بأنه القلب الروحي لمدينة الموصل شمال العراق، وقد أقيم المسجد على مسحة تبلغ 11.050 مترا مربعا، ويضم إلى جانب المصلى، مجموعة من الأبنية في مقدمتها المدرسة النورية.

ووفقا لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، يحتل المسجد موقعاً استراتيجيا وسط المدينة محاطاً بالمنطقة التي تعرف بمحلة الجامع وسط شبكة من الأزقة المتشابكة والشوارع التي تعود إلى العصور الوسطى، والتي كانت تقود إلى مداخل المدينة.

وقد أعيد بناء جامع النوري أكثر من مرة على مر تاريخه، لكن أكثر ما بقي منه كملمح رئيسي له وهي المنارة الحدباء والتي تطل على كافة أرجاء مدينة الموصل القديمة، وقد كانت المنارة التي تظهر مائلة مستقية، حيث حدث به نوع من الميل الطبيعي مع مرور الزمن جهة الشرق، ولهذا أطلق عليها اسم الحدباء.

المنارة الحدباء في جامع النوري الكبير تمنح اسمها للموصل

ومن المنارة سميت كذلك مدينة الموصل بالحدباء، وبات جامع النوري أهم ملامح مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوي، كما أن المنارة الحدباء طبعت على العملة العراقية من فئة 10 آلاف دينار وإلى جوارها صورة عالم الرياضيات الشهير الحسن بن الهيثم والمولود في مدينة البصرة العراقية.

خطبة أبي بكر البغدادي في جامع النوري الكبير

مع سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مدينة الموصل عام 2014، شهد الجامع النوري الظهور الأول العلني والوحيد لزعيم داعش السابق أبي بكر البغدادي والذي اعتلى منبر جامع النوري ووجه خطبة يعلن فيها قيام دولة الخلافة، على حد زعمه، مطالبا المسلمين بالولاء والطاعة له، فيما عرف في وسائل الإعلام وقتها تحت عنوان: خطبة أبي بكر البغدادي في جامع النوري الكبير.

تفجير جامع النوري.. داعش «فاعل خفي» واتهامات متبادلة علنا

في تفاصيل قصة تفجير جامع النوري قبل سنوات، معركة بدأت مع تنظيم داعش الإرهابي واستمرت نحو 9 أشهر، لتترك المدينة بعدها عبارة عن أنقاض فضلا عن مقتل آلاف المدنيين، لكن كان الحدث المحزن في 21 يونيو 2017 وتحديدا في الساعة 9:50 دقيقة، عندما دمر تنظيم داعش المسجد النوري، فلم يكن الدمار فقط ما حدث في لحظات وأصاب مسجدا يعود تاريخه إلى نحو 800 عاما، بل كان أبعد من ذلك بكثير.

وفي المقابل، زعم تنظيم داعش أن طيران التحالف الدولي هو وراء تفجير جامع النوري الكبير ومنارته الحدباء، بينما نفى التحالف ذلك ونفت الحكومة العراقية ما أعلنه التنظيم الإرهابي.

إعادة إعمار وبناء جامع النوري الكبير في الموصل

في إطار كونه من التراث العالمي، تشرف منظمة اليونسكو على إعادة إعمار جامع النوري، حيث وضع حجر الأساس لعملية إعادة البناء في 16 ديسمبر 2018. لتبدأ عملية إعادة البناء التي في وقت لاحق من العام الجاري بتمويل إماراتي يبلغ قدره نحو 20 مليون دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تستمر عملية البناء في الجامع النوري نحو 5 سنوات، وقد فاز معماريون مصريون بشرف إعادة إعمار المسجد.

26 يونيو 2020 صوت الأذان جامع النوري للمرة الأولى منذ تفجيره

وفي 26 يونيو العام الماضي، رفع الأذان للمرة الأولى في جامع النوري الكبير بعد نحو 3 سنوات من تفجير داعش لجامع النوري، حيث نشرت وزارة الثقافة وتنمية المعرفة الإماراتية، التي تتبنى مشروع إعادة إحياء الجامع، تغريدة قالت فيها: لأول مرة منذ تدميره، الآذان يعلو من جديد في الجامع النوري ومنارته الحدباء التي ستزين سماء الموصل قريبا.

لأول مرة منذ تدميره… الآذان يعلو من جديد في الجامع النوري ومنارته الحدباء التي ستزين سماء الموصل قريباً@UNESCOIraq @UNESCOarabic pic.twitter.com/y9OQSnalzG

— وزارة الثقافة والشباب (@UAEMCY) June 26, 2020