تفاصيل خارطة الطريق الفلسطينية لإعادة إعمار غزة بعد وقف إطلاق النار
طفل وطفلة في قطاع غزة الفلسطيني
إطار سياسي واضح، وملكية فلسطينية بحتة، وشفافية، ثلاثة مبادئ رئيسية لـ«خارطة طريق» إعادة إعمار قطاع غزة، سلمتها الحكومة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأسبوع الماضي.
حتى بدء الحرب الأخيرة على قطاع غزة في 10مايو الحالي، كانت عملية إعمار القطاع من آثار متراكمة لثلاث حروب سبقتها، في 2008 و2012 و2014، لم تنته بعد، بل لم تتجاوز نسبة الانجاز فيها 50%.
وخلال الفترة أيضا، ضخت الحكومة الفلسطينية في القطاع ما يزيد عن 17 مليار دولار، تضاف إلى مليارات من المانحين، جميعها ذهبت أدراج الرياح جراء الاعتداءات الإسرائيلية المتوصلة، وجولات الحرب التدميرية المتكررة، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا».
«عملية الإعمار يجب أن تكون مرتبطة بإطار سياسي لضمان عدم تكرار ما حدث من دمار في قطاع غزة»، بحسب اسطفان سلامة، مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني لشؤون التخطيط وتنسيق المساعدات.
وأضاف: «هذه ليست المرة الأولى لتعامل الحكومة مع إعادة إعمار غزة، فقد سبقتها أوضاع مماثلة عقب حروب 2008 و2012 و2014، وإن كان من درس يستفاد من هذه السوابق، فهو بالتأكيد أن وضع الأساس لعدم تكرارها، وهذا لم يتحقق إلا إذا كانت عملية الاعمار ضمن إطار سياسي واضح».
وشكل هذا الإطار السياسي، بحسب سلامة، أول وأهم المبادي التي حددتها الحكومة في خطتها لإعمار القطاع.
وقال «دون عملية سياسية حقيقية وإطار زمني، ومرجعية محددة، فإن ما نقوم به يفقتر إلى الاستدامة».
المبدأ الثاني لـ«خارطة طريق» الحكومة لإعادة إعمار قطاع غزة، «أن تكون ذات ملكية فلسطينية، إذ يجب أن تتم العملية من خلال الحكومة، بدءا من حصر الأضرار، مرورا بتحديد الأولويات، وانتهاء بالتنفيذ، وذلك بالتعاون مع جميع الشركاء في غزة وخارجها، من قطاع خاص ومنظمات حكومية وغير حكومية، محلية ودولية»، بحسب سلامة.
وأضاف «هناك العديد من الشركاء المحليين والدوليين، وهناك اهتمام دولي كبير هذه المرة بإعادة الإعمار، نريدها عملية موحدة وشفافة، وهذا هو المبدأ الثالث الذي استندت إليه خارطة الطريق التي وضعتها الحكومة».
هيكيلة الإدارة
عقب حرب 2014، شكلت الحكومة الفلسطينية فريقا وطنيا لإعادة إعمار القطاع، مرجعيته مكتب رئيس الوزراء، ويضم الجهات الحكومية ذات العلاقة، وجميعه موجود في القطاع، وعمل على الأرض مع كل الجهات الرشيدة من بلديات ومنظمات حكومية وغير حكومية، محلية ودولية.
وقال سلامة «بقرار من مجلس الوزراء، أعيد تفعيل الفريق الوطني، وإضافة إلى المؤسسات الخكومية ذات العلاة، سيشمل ممثلين عن منظمات من المجتمع المدني والقطاع الخاص، ومهمته مسح الاضرار، ووضع خطة عمل، ومتابعة المانحين».
خطة الحكومة تقسم عملية إعمار القطاع إلى ثلاثة مراحل، أولها إغاثة إنسانية، «وهذه المرحلة بدأت بالفعل من خلال جمعية الهلال الأحمر والأمم المتحدة ومنظمات أهلية، بالتنسيق مع المؤسسات الحكومية الفلسطينية».
وأضاف «نحن معنيون بأن يسير العمل بهذه المرحلة بسرعة، والحكومة تدعمها بشكل مطلق، ونأمل أن لا يتجاوز مداها الزمني نهاية هذا العام».
في إطار هذه المرحلة، سيرت الحكومة أولى قوافل المساعدات الإغاثية، وتشمل على نحو خاص إمدادات طبية، إضافة إلى ارسال وفد طبي بتخصصات مختلفة، برئاسة وزير الصحة مي الكيلة، إلى القطاع، تزامنا مع دخول مساعدات دولية من مصر وقطر ودول أخرى، بتنسيق مع الحكومة الفلسطينية.
أما المرحلة الثانية، فتتمثل بإعادة إعمار كل ما دمره القصف الإسرائيلي، من منازل ومبانٍ ومرافق ومؤسسات وشركات وبنى تحتية، وبحسب سلامة، ستبدأ فور الانتهاء من مسح الأضرار وتحديد سلم الأولويات.
والمرحلة الثالثة هي إعادة اطلاق عجلة الاقتصاد، وستنفذ بالتوازي مع عملية إعادة الإعمار، وأهم عناصرها دعم القطاع الخاص، على شكل مساعدات للشركات المتضررة.
وقال سلامة «عملية المسح بدأت بالفعل، ونأمل أن تنتهي في غضون ثلاثة أسابيع، لتبدأ عملية إعادة الإعمار وإطلاق عجلة الاقتصاد من جديد خلال ثلاثة أشهر».
حشد الأموال
فور انتهاء العدوان، وحتى خلاله، بادرت الحكومة الفلسطينية إلى تشكل تجمع من المانحين والمؤسسات الدولية، بهدف حشد الأموال لإعادة إعمار غزة.
وقال سلامة «لدينا مجموعة مانحين أساسيين، نعمل من خلالها على حشد الدعم، تشمل الدول التي أعلنت بالفعل عن التزامات، ودول أخرى لديها نوايا بالمساهمة».
وتشمل المجموعة: الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والنرويج، وبريطانيا، وست منظمات تابعة للأمم المتحدة، ومصر، وقطر، والبنك الدولي، وقال سلامة إن العمل جار لتوسيعها لتشمل دولا ومنظمات دولية أخرى.
وأضاف «عقدت المجموعة لقاءين حتى الآن، ونرتب لاجتماع موسع في حزيران المقبل، برئاسة رئيس الوزراء محمد اشتية، بهدف الاتفاق على آلية واحدة وموحدة لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة عن طريق الحكومة الفلسطينية».
واستدرك قائلا «حيثما يتعذر ذلك، ربما لأسباب قانونية تتعلق بتشريعات الدول المانحة، هناك آليات أخرى كآلية الاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي، والأمم المتحدة».