منذ يومين شن عضو مجلس النواب فتحى قنديل هجوماً عنيفاً على شركات الغاز، وذكر أن القراءات بتتاخد مرة واحدة بس وبعد كده يضربوا الفواتير على المواطنين.. وتساءل: هل هذا عدل؟
آخرون -غير النائب- يشتكون من فواتير الكهرباء، ويفاجأون بفواتير فلكية يتوجب عليهم دفعها. وهناك من يشتكى من فواتير المياه التى أصبحت صداعاً شهرياً مزمناً فى رؤوس اتحادات ملاك العمارات التى يتم تزويدها بالمياه على عداد واحد، حيث ترتفع قيمة الفاتورة من فترة إلى أخرى، بشكل يدفع بعض السكان إلى الامتناع عن دفع نصيبهم منها، ولما كانت شركات الخدمات فى مصر ترفع شعار «يا الدفع.. يا القطع» تكون النتيجة نجاة كل ساكن بنفسه بعمل عداد مستقل، لتستفرد به الشركة.
وتتعقد المشكلة أكثر مع «العدادات مسبوقة الدفع»، التى تعمل عبر آلية «كروت الشحن»، والملاحظ أن شركة الكهرباء هى الأكثر اعتماداً عليها، وبدأت تدخل معها فى هذا الماراثون شركات الغاز والمياه.
فى حالة العداد الكارت يتم قطع الخدمة عن المستهلك بسهولة بمجرد تعثره فى دفع رسوم انتقاله من شريحة إلى شريحة، ليجد نفسه فجأة قد انتقل إلى العصور الوسطى.
أفهم أن تحرض الحكومة على أخذ حقها كاملاً مكملاً من المواطن، بشرط أن «تشوف شغلها» هى الأخرى، فلا يوجد منطق على سبيل المثال فى أن تقلل شركات الكهرباء والغاز والمياه من الاعتماد على «الكشافين» الذين يأخذون قراءات العدادات كل شهر، لتقدر بطرقها الجزافية الخاصة قيمة فاتورة الاستهلاك، بعيداً عن الواقع.
حالياً تطلب شركة الغاز من المواطن أن يقرأ العداد بنفسه ويسجل القراءة على موقعها على الإنترنت، أو يبلغ عن نفسه فى الشركة، والأمر نفسه ينطبق على شركتى الكهرباء والمياه.
ولأن هامش الثقة بين المواطن والحكومة محدود تصبح مسألة التقييم التقديرى «بناء على قراءة المواطن» واردة، وبالتالى تأتى الفواتير الجزافية الملتهبة التى أصبحت تلتهم الجزء الأكبر من دخل أية أسرة.
أظن أن شركات الخدمات فى مصر باتت تحقق مدخولات جيدة، إن لم تكن جيدة جداً، والدليل على ذلك تراجع أرقام دعم الغاز والكهرباء والمياه فى موازنة 2021 - 2022، ويمكنها بسهولة توظيف العدد الذى تريده من «الكشافين» حتى يضمن المستهلك أداء منضبطاً وفواتير شهرية معقولة.
وفى الوقت نفسه لا بد أن يكون هناك شفافية فى المعايير التى تعتمد عليها كل شركة فى حساب الفاتورة، وأن تكون معلنة بشكل صريح وواضح على موقع الشركة، وقبل ذلك يتوجب أن تكون المعايير عادلة وبعيدة عن النظر إلى جيب المواطن على أنه «سبيل عمومى».
لقد ذكر النائب فتحى قنديل ما نصه: «بنشوف رؤساء شركات بترول وغاز، مديرينها بيقبضوا نص مليون جنيه فى الشهر، ده من دم الغلابة والفقراء، اللى بترفعوا عليهم اشتراكات الغاز وبقت بالآلاف».
لا أستطيع الحكم على مدى دقة المعلومة التى ذكرها عضو النواب حول الدخل الشهرى لمديرى شركات الغاز، وهل هى نصف مليون بالفعل أم أقل أم أكثر، لكن مؤكد أن المرتبات بجميع شركات الخدمات أصبحت مجزية بصورة تجعلنا نرجو المسئولين عنها بأن «يخفّوا عن المواطن شوية»!.