ما معنى لقب «شيخ»، وكيف انتقل من سياقه الاجتماعى «شيخ القبيلة، شيخ البلد»، ليُستخدم فى فرض الوصاية على البشر واحتكار صكوك الجنة والنار منذ أن هيمن «المشايخ» قديماً على الفتوى والتشريع والقضاء؟ هذا هو الإرث الذى ينازعون «الدولة المدنية» عليه.
استخدمت كلمة «عالم» لإرهابنا، فخرج بعض علماء الأزهر يتصارعون على الفتوى كالديوك بين مَن يحلل ومَن يحرّم بنفس الجرأة والأدوات وشهوة الاستيلاء على عقول الناس.
ما أعلمه جيداً أن العلم هو ما يخضع للتجريب العلمى، لكن الأمر مختلف نوعاً ما فى العلوم الإنسانية التى من بينها «الأديان»، بمعنى أنك تقدم فهمك البشرى لنص إلهى أو لمرويات من السنة والحديث والسيرة النبوية.. وهنا فنحن نتحدث عن متخصص فى «مادة»: التفسير وعلوم القرآن، الفقه بفروعه، الحديث.. إلخ.
هذا «المنتج البشرى» من فهم الأساتذة المتخصصين أيضاً ليس ملزماً لأحد، وما يُلزمنا هو «القرآن الكريم» فقط، فقل داعية أو شيخاً لمشايخ الإسلام أو إمام الدعاة، كل هذه الألقاب لا تعطى مصداقية لبشر مثلك إلا بمقدار خضوعك وإذعانك ورجفتك أمام فتاواهم.. إيمانك بأن ما يطلقونه من هراء هو «تابوهات» لا يجوز تحطيمها وأنهم أنفسم منزّهون عن الهوى والخطأ (أى أنهم رسل فوق مستوى البشر).. تماماً كما تعتبر أن أفلام (الشيماء وفجر الإسلام والناصر صلاح الدين) هى تاريخك الحقيقى وسيرة نبيك، تلك التى منع الأزهر ظهور الملائكة والخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة فيها!.
معظم الكهنة هكذا «إلا من رحم ربى».. لأن حملة البكالوريوس يذهبون لنيل أى دراسات عليا من الأزهر، ومناهج الأزهر مدججة بألغام الكراهية ونفى الآخر من دنيانا لمجرد أنه مختلف عنا أو معنا!.
(كتابة الآباء أملاكهم لبناتهم لحرمان المستحقين هتوديهم نار جهنم، لأن كل شىء مكتوب فى آيات المواريث).. «التوقيع: مبروك عطية».
هكذا انتزع «عطية» من الإنسان حرية التصرف فى ماله الخاص، نزع عنه الأهلية ونصّب نفسه وصياً على أملاكه مستخدماً آيات الميراث فى غير موضعها.
تعمّد «عطية» الخلط بين مهمته كرجل دين وبين منصب محافظ البنك المركزى، تماماً كما خلط بين الهبة والوصية، والوصية الواجبة، عندما يقع سيف كلمات الذكر الحكيم على رقبتك، فلا بد أن تستسلم للموت: (هناك قيود على الحرية فى التصرف فى المال، وضمانات شرعية للمصالح، لأن أحكام المواريث ذُكرت فى القرآن الكريم).. عطل العقل الآن وتأمل المشهد. دكتور مبروك عطية يرد - ضمنياً- على الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية السابق، الذى أفتى بأنّ: (من حق الأب أن يكتب أملاكه لبناته فى حياته لحماية حقوقهن وسترهن فى الدنيا، وهناك فارق بين تصرف الأب فى حالة الحياة وبين بعد مماته، لأنه فى حياته فهو يتصرف فى ملكه، لأن قطار الميراث لم يأتِ بعد والرجل لم يمت بعد، موجهاً رسالة إلى رافضى هذا بالقول «والله عيب»، وأحكام المواريث نظام إلهى لا يمكن المساس به ولكنه يكون بعد الموت).
أغلقوا أبواب جهنم التى فُتحت علينا، هذا الاختلاف «ليس رحمة»، هذا تشويش متعمد من الكهنة لعملية الإصلاح الدينى.. فتوى واحدة تجرنا للخلف مئات السنين لأن «الشيخ الداعية العالم مالك الفضاء» ينازع الذات الإلهية فى حكمها على البشر فى الحياة الآخرة.. «والله عيب»!.
فى العدد القادم إن لم أُقتل بفتوى: للإسلام وجهٌ مستنير.