هناك حاجة ماسة لبذل مجهود أكبر لتشجيع ودفع وتوعية القاعدة العريضة من المصريين للاهتمام بقمة المناخ الـ26 (كوب 26) التى تنطلق فى جلاسكو فى أسكتلندا يوم الأحد المقبل. والتعامل معها باعتبارها «مؤتمر بيئة لا يهم القاعدة العريضة من الشقيانين والغلابة» أمر غريب مريب.
رفاهية الاستمرار فى تجاهل قضايا البيئة والتغير المناخى لم تعد موجودة. وسخافة اعتبارها قضايا الطبقات المخملية والدول الغنية لم تعد مقبولة.
من السخيف حقاً أن نغرق جميعاً فى ترّهات: «هل ضرب الزوجة بإيد المقشة حلال أم حرام؟» ومن المزرى جداً أن نصول ونجول فى دوائر: «هل يجوز زرع كلية خنزير فى جسد إنسان أم لا يجوز؟» رغم أنه لا علاقة لنا من قريب أو بعيد بهذا الإنجاز العلمى الرائع وغيره.
بمعنى آخر، بينما هم غارقون فى أبحاث وتجارب وعلوم وإعمال عقول وصلت بهم إلى نجاح «مبدئى» لزرع كلية حيوان خلقة الله سبحانه وتعالى فى جسد إنسان يعانى فشلاً كلوياً، نحن هنا غارقون أيضاً ولكن فى التمحيص والتفحيص فى إذا ما كنا سنقبل بأن يتم زرع كلى خنازير فى أجسادنا العليلة أم لا.
بمعنى ثالث: «ناس فى سكتة وناس فى هرية ونكتة». وحتى لا نستمر فى هريتنا ونبالغ فى نكتتنا، ربما حرىٌّ بنا أن نلتفت إلى ما ينفع ولا يضر، وإن لم نلتفت فسنجد أنفسنا أول المعرضين للخطر الحقيقى، فالتغير المناخى -على سبيل المثال لا الحصر- جائحة أشد فتكاً من جائحتنا الحالية. والحروب التى تخصصت فيها منطقتنا العربية، حيث إسلام سياسى يحارب إسلاماً سياسياً آخر، وطوائف تسفك دماء طوائف أخرى، وكلمة الله يتنازع على ملكيتها واحتكارها جماعات ومجموعات ومؤسسات وكيانات لن تجد لنفسها موقع قدم فى الحروب المستقبلية (المستقبل القريب جداً) ألا وهى الحروب من أجل البقاء على قيد الحياة بفضل نقطة الماء. نقطة الماء هى الجديرة بجهود الهبد والرزع التى نهدرها فى «حكم وضع نقط الأنف فى نهار رمضان»، و«هل تذهب فنانات الجونة للنار حدف بسبب الفساتين أم يذهبن تدريجياً؟».
وإلى حين حسم الجدل فى القضايا «المصيرية» التى تشغل بالنا على مدار ساعات اليوم الـ24 دون هوادة، يمضى العالم قدماً فى بحث مصير الكوكب الذى يفترض أننا نعيش على أجزاء منه.
وبينما نحن غارقون حتى الثمالة فى اعتقاد أن أحوال الكوكب لن تنصلح إلا لو أصبح سكانه الـ7٫753 مليار نفر صورة طبق الأصل منا، إذ بالكوكب يتحرك نحو إيجاد حلول ومخارج مما اقترفته أيادى الدول المتقدمة جراء «الثورة الصناعية» وأحد أعراضها الجانبية من زيادة درجة حرارة الكوكب، واستمرار البعض منها فى استخدام وحرق الوقود الأحفورى وقطع الأشجار.
فيضانات وحرائق وموجات جفاف مدمرة تجتاح الكوكب دون النظر إلى المستويات الاقتصادية والاجتماعية، والضرر الأكبر بالطبع على مَن هم قابعون فى قاعدة الهرم الطبقى العالمى. ويتفاقم الضرر لو أصر أولئك على دفن رءوسهم فى عوالم «هل المرأة إنسان؟» و«هل العلاج حرام؟».
كلمة أخيرة، 14 دولة عربية فى قائمة أعلى معدلات الإجهاد المائى. (الإجهاد المائى هو سحب كميات كبيرة من المياه العذبة من المصادر الطبيعية بالمقارنة مع المياه العذبة المتاحة).
يعيش فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 6% من سكان العالم وفيها 2% من الموارد المائية المتجددة. نصيب المواطن العربى من ماء الشرب سينخفض إلى النصف بحلول عام 2050.