"مقهى الحرية".. بدأ برأسمال 350 جنيها وأول زبائنه "قوات الاحتلال"
3 شارع مظلوم في باب اللوق، وداخل عمارة مشيدة على الطراز الإنجليزي، وعلى بعد أمتار من مقهى "الندوة"، تتخذ خطواتك لـ"الحرية"، المقهى القديم، الذي شيده يوسف أفندي، الموظف في شركة تقسيم الأراضى بالمعادي، بمشاركة قريبة مرقص ميخائيل، الذي كان يعمل محاسبا في شركة بيع أقمشة بالجملة، لقريب لهما يدعى "نيقولا"، كان عاطلا عن العمل، فقررا مساعدته بإقامة مشروع تجاري يديره لهما.
350 جنيها، كان رأس مال المقهى، الذي دفعه "يوسف" و"ميخائيل"، واشترك فيه "نيقولا" ببضع جنيهات، وافتتحت المقهى باسم "الحرية" عام 1936، وكانت المنطقة وقتها خالية من السكان تقريبا، ولا يوجد في محيطها سوى بعض من الجنود الإنجليز، ومساكن صغيرة لأفراد الجالية الأجنبية فى مصر في ذلك التوقيت، فخسرت القهوة في بداية نشأتها ولمدة 6 أعوام خسائر كبيرة، لخلو المنطقة من السكان.
ومع العام 1942 ازداد وجود القوات الإنجليزية فى مصر، لظروف الحرب العالمية الثانية، وبدأت الأرجل تعرف طريقها لـ"الحرية"، المقهى في مظهره، والبار في داخله، ففضله الإنجليز لجودة مشروباته وعدم غلو أسعاره، فصار مكانا لقضاء أوقات فراغهم، حتى عرفتها طبقات مختلفة من المجتمع المصري، من الباشوات والبكوات ورجال الشرطة والجيش، وأيضا الفنانين والمثقفين، ووصلت إيرادات المقهى في عام 1943 إلى 200 جنيه يوميا.
بين الحرب العالمية الثانية والآن، ظل المقهى على مظهره وملامحه، مساحته نحو 350 مترا وارتفاعه 5 أمتار، في أحد أركانه البار القديم، الذي يقدم البيرة لزبائنه، والمحاط بحائط زجاجي، ولم يعد به ركن خاص للمثقفين والفنانين، من رواد المقهى المشاهيرأمثال: "الشيخ زكريا أحمد، وأحمد رمزى ورشدى أباظة، وشكرى سرحان، والدرملى باشا، والضباط الأحرار وبصفة خاصة الرئيس أنور السادات، وزكريا الحجاوي، ولاعبى الكرة عبدالكريم صقر ومختار التتش والمخرجين فطين عبدالوهاب وحسن الإمام"، ولكنها أصبحت تجمعا للشباب، كواحدا من مقاهي وسط البلد الشهيرة.[FirstQuote]
"البيرة" المشروب الكحولي الوحيد لرواد المقهى، إلى جانب مشروبات أخرى متداولة في كافة المقاهي، جعل أصحابها في وقت حكم الإخوان، يخشون من إغلاق البار، بخاصة في وقت الحملات التي شنتها الشرطة في عهد "الإخوان" لإغلاق عدد من مقاهي وسط البلد، التي يرتادها شباب الثورة، كـ"البورصة" و"التكعيبة" و"الندوة الثقافية"، إلا أن "الإخوان" رحلوا برئيسهم ومرشدهم، وظلت "الحرية" على حالها.