جمال الكشكي يكتب: ملاحظات من داخل الحوار الوطني
جمال الكشكي رئيس تحرير الأهرام العربي
قطع مجلس أمناء الحوار الوطني، أشواطًا كبيرة في مسيرة القضايا والملفات المنتظر مناقشتها، فور انطلاق الجلسات الرئيسية للحوار، المهمة وطنية، رسائلها واضحة وقاطعة، منذ أن أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي، مبادرة الحوار الوطني يوم 26 إبريل، أثناء إفطار الأسرة المصرية، فتحت هذه المبادرة آفاقاً لحوار بين كل الأطياف السياسية الوطنية، مبادرة محمودة تستحق المساندة منذ اللحظة الأول لإطلاقها.
عاش الشارع السياسي حالة ارتياح كبرى، تؤكّد أن القيادة السياسية تفتح الباب أمام الجميع للمشاركة في بناء الجمهورية الجديدة، وأن تكون جزءا من صناعة القرار السياسي المصري.
كل الشواهد خلال المناقشات على طاولة مجلس الأمناء، تؤكّد أننا أمام حالة تفاعل جاد حول هذه المبادرة، وهذا المشروع، اختلاف حول القضايا لكن ليس خلافًا، ليس اتفاقا لكنه توافق، نخبة من كبار المتخصصين، كل في مجاله، بات الجالسون على طاولة النقاش لساعات طويلة، بمثابة أسرة مصرية، تحرص كل الحرص على إحراز أهداف وطنية، من أجل تجاوز التحديات التي تفرضها المتغيرات، والأحداث التي تدور من حولنا إقليميًا ودوليًا.
اليوم السبت الموافق 3 ديسمبر يلتف مجلس الأمناء حول طاولة الاجتماع الخامس عشر، لإنهاء قضايا وموضوعات المحور المجتمعي، لتكتمل بهذا النقاش دراسة وبحث المحاور الثلاثة السياسية والاقتصادية والمجتمعية، ثمة ملاحظات، ألمسها داخل نقاش مجلس الأمناء طوال الفترة الماضية، يأتي في مقدمتها:
أولًا: إن المستهدف من الحوار قد تحقق بالإرادة السياسية الصادقة التي تقف وراءه، فإطلاق مصطلح الحوار ضخ حيوية ونشاطاً داخل شرايين الحالة السياسية العامة، فقد بات الحوار فكرة عامة ومفردة يرددها الشارع، ومعنى يؤسس لدى المواطن فلسفة سياسية واجتماعية وثقافية، تقوم على تعددية الآراء في الجمهورية الجديدة.
ثانيًا: إن النقاشات التمهيدية لإعداد الجلسات الرئيسية للحوار تلقى زخما، وتطرح أسئلة عديدة من قبل الشارع، ومختلف الأحزاب والقوى السياسية، وأن هناك متابعة دقيقة من قبل أروقة مجلس الأمناء.
ثالثًا: إن هناك آمالًا وطموحات كبرى ينتظرها المواطن من القائمين على الحوار، الأمر الذى يؤكد جدية وأهمية هذه المبادرة، ومدى تقدير إطلاقها من قبل القيادة السياسية، ومن ثم، فإن أعضاء مجلس الأمناء والمقررين العموم، والمقررين المساعدين للمحاور الرئيسية، يبذلون قصارى جهدهم، حتى يكونوا عند حسن ظن هذه المبادرة، وعند حسن ظن الشارع المصري أيضاً، ولا أقول غير الحقيقة، عندما أؤكّد أنَّ الموضوعات والقضايا والملفات المعروضة، اتسمت بالعمق والدراسة والبحث والرؤية من جميع الزوايا، بما فيها مدى استمراريتها، ومواكبتها للمتغيرات المستقبلية.
رابعًا: لاحظت وفقًا لما عايشته داخل أروقة مجلس الأمناء، أن هناك اهتماماً كبيراً لما يقوم به بعض الأحزاب والاتحادات الأهلية في محافظات مصر، لفتح آفاق تمهيدية للجلسات النقاشية، والذهاب إلى المواطن للاستماع لمطالبه ومشاكله، ثم طرحها على المناقشين والخبراء، حتى تكون جزءا من المخرجات والتوصيات، التي سيتمّ تقديمها إلى القيادة السياسية، للتوجيه بإحالتها إلى الجهات التشريعية والتنفيذية.
خامسًا: هناك توافق عام على استراتيجية «فن الممكن»، بما يضمن تحقيق نتائج النقاش، والانتقال بها من الإطار النظري إلى الإطار الفعلي على أرض الواقع، وأن مصلحة المواطن، هي القاسم المشترك ونقطة الارتكاز والانطلاق في جميع النقاشات.
سادسًا: بات لدى الرأي العام المصري شعور بضرورة استمرار الحوار الوطني بشكل دائم بين المصريين، باعتباره مبادرة صحية ومحمودة، ولقيت ترحيبًا كبيرًا، لاسيما أنَّ الحوار يمثل مظلة كبرى للأطياف السياسية التي ترغب في المشاركة في صناعة القرار، أو إنارة المصابيح أمام صانع القرار.سابعا: ألمس أن هناك إرادة حقيقية وصادقة من قبل مؤسسات الدولة من أجل إنجاح الحوار، وتذليل كل العقبات أمامه، وتقديم كل المطالب «اللوجستية» التي تصب في صالح المبادرة، ومن ثم الوصول إلى أفضل خدمة يتم تقديمها للمواطن.
ثامنا: أرصد أيضًا مساحات الحيوية والجدية والاهتمام من قبل المقررين العموم والمساعدين في مختلف اللجان، لاسيما أن هؤلاء من ذوى الخبرات والكفاءات العالية، التي يحركها الإيمان الوطني في المشاركة والإسهام فيبناء الجمهورية الجديدة، وتقديم كل ما يفيد المجتمع.
تاسعًا: هناك نقطة واجب التأكّيد عليها، من واقع معايشتي لأعضاء مجلس الأمناء، فهؤلاء كتيبة تستحق التقدير، لما تحرص عليه في العبور بهذا الحوار الوطني، إلى شاطئ الثمار التي تصب في مصلحة المواطن والدولة، فضلًا عن أنَّ الإشادة واجبة هنا، ليس بمجلس الأمناء فقط، إنما بقدرة المنسق العام للحوار، الدكتور ضياء رشوان، على الصمود لساعات طويلة في الجلسات النقاشية، والإدارة المهنية، رفيعة الأدوات.
أما الشهادة الواجبة التي أعايشها أيضًا، فتلك المجهودات الكبيرة والأداءات الرصينة التي يتسم بها المستشار محمود فوزي، رئيس الأمانة الفنية، وإداراته الذكية، التي تحرك في صمت، كتيبة ذات مهارات عالية من شباب مصر الواعد.
مقال الكاتب الصحفي جمال الكشكي رئيس تحرير مجلة «الأهرام العربي» في العدد الجديد من المجلة.