أعتى الحصون.. أضخم تمهيد نيراني يُدمر دفاعات «خط بارليف»
«التمهيد النيرانى» نجح فى تأمين عبور 120 مفرزة من القوات المسلحة المصرية قناة السويس عنوة
حين تزور قناة السويس للعبور إلى الجانب الشرقى بواسطة المعدية نمرة 6 تجد عبارة «Welcome To Egypt»، لتُرحب بضيوف مصر العابرين من قناة السويس، لكنها فى الحقيقة كانت أحد مواقع القتال الشهيرة على جبهة القتال، فمنها تم استهداف الفريق عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، وكانت إحدى المناطق، التى سقطت فى الدقائق الأولى لحرب أكتوبر المجيدة.
حدّدت القيادة العامة للقوات المسلحة عدة مواقع على «جبهة القتال» بدقة للهجوم على الجيش الإسرائيلى منها إبان حرب أكتوبر المجيدة، وفق «العملية بدر»، وهى المسمى الرسمى لخطة الجيش المصرى إبان الحرب، كانت 31 نقطة قوية منتشرة على طول ما عُرف بخط بارليف الحصين، والتى كان يأمل الجيش الإسرائيلى فى استخدامها كمواقع لإحباط الهجوم المصرى حال حدوثه، والرد على قواتنا المتمركزة غرب قناة السويس.
قُبيل الحرب، فتح قادة الوحدات المنتشرة على طول جبهة القتال «الأظرف المغلقة» المرسلة إليهم بتعليمات لفتحها أثناء الحرب، والتى تضمّنت أوامر الاقتحام للعبور والاشتباك مع الجيش الإسرائيلى، وتحرير الأرض والعرض، وفق خطط التدريب القتالى التى تدرّب عليها كل فرد حتى أصبح كل فرد بقواتنا المسلحة يعرف جيداً موقعه، وكيف سيتحرّك، وأين سيهاجم؟
وكانت كلمة «الله أكبر» هى الشعار الرسمى ولسان كل مقاتل فى صفوف قواتنا المسلحة أثناء التحرّك، ليتم استهداف النقاط القوية والمواقع الاستراتيجية للجيش الإسرائيلى بقواتنا الجوية، وبالمدفعية الثقيلة، ليبدأ العبور بواسطة القوارب المطاطية بعدما سد رجال المهندسين العسكريين الأنابيب تحت الماء، ليعبروا ويستهدفوا النقاط القوية بأمان.
بالإضافة إلى رجال المشاة وبعض المدرعات البرمائية التى عبرت قناة السويس، وصولاً إلى بعض المناطق الاستراتيجية شرق قناة السويس، كان لـ«التمهيد النيرانى بواسطة قوات المدفعية»، و«الضربة الجوية» التى شنّتها قواتنا الجوية، يداً طولى فى تحطيم «الجيش الذى لا يُقهر»، وتمهّد للعبور بأقل خسائر ممكنة فى صفوف رجال قواتنا المسلحة.
وفى الوقت الذى استهدفت فيه القوات الجوية مراكز القيادة الاستراتيجية للجيش الإسرائيلى، ومواقعه المهمة لشل القيادة الميدانية عن اتخاذ القرار المناسب، مهّدت قوات المدفعية للعبور، وتحقيق المعجزة التى ظنّتها إسرائيل «جنونا وانتحاراً».
ويشرح اللواء أركان حرب منير شاش، قائد مدفعية الجيش الثالث الميدانى إبان حرب أكتوبر المجيدة، فى فيلم وثائقى من إنتاج إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة، جوانب التمهيد النيرانى»، الذى يعتبر الاسم الدقيق لعمليات استهداف مواقع الجيش الإسرائيلى الحصينة على طول «خط بارليف».
قائد مدفعية الجيش الثالث إبان الحرب: العدو لم يستطع رفع رأسه لاستهداف قواتنا من شدة ضرباتنا لمدة 53 دقيقة
ويقول قائد مدفعية الجيش الثالث الميدانى، إبان الحرب، إن «التمهيد النيرانى» بُنى فى زمن قدره 53 دقيقة، عبر 5 قصفات، وهى إحدى أطول القصفات المدفعية فى التاريخ العسكرى، وجاءت القصفة الأولى لتمتد 15 دقيقة متواصلة، منعت قوات إسرائيل من إحباط عبور جماعات اقتناص الدبابات أثناء عبورها شرق قناة السويس لتنجح فى مهمتها، ثم جاءت القصفة الثانية لتمتد 22 دقيقة كاملة.
وكانت لتأمين عبور القوات المهاجمة للاستيلاء على الساتر الترابى، وخلالها لم تستطع إسرائيل «رفع رأسه لاستهداف قواتنا من شدة الهجمات عليه».
ويشير اللواء أركان حرب محمد حسن غنيم، نائب رئيس هيئة العمليات فى حرب أكتوبر المجيدة -فى الفيلم الوثائقى- إلى أن «التمهيد النيرانى» نجح فى تأمين عبور 120 مفرزة من القوات المسلحة المصرية قناة السويس عنوة، لتحتل الجانب الشرقى من قناة السويس، وكان الهدف منها استباق الجيش الإسرائيلى لاحتلال المرابض على الضفة الشرقية للقناة.
ويقول اللواء دكتور نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق وأحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة، إن عملية التمهيد النيرانى، التى تُعد أكبر تمهيد نيرانى فى العالم، فضلاً عن عملية اقتحام خط بارليف الحصين هى عملية لا تزال تدرّس فى الكليات والمعاهد العسكرية حول العالم حتى الآن، باعتبارها نموذجاً من أفضل النماذج فى التخطيط والتنفيذ.
وأضاف رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، فى تصريح لـ«الوطن»، أن الجندى المصرى أثبت للعالم أجمع أنه خير أجناد الأرض، داعياً أبناء مصر إلى العمل على بناء الوطن، ومواجهة كل التحديات التى قد تمس الأمن القومى المصرى والجبهة الداخلية للبلاد.