سامح عاشور: انتهاكات "الداخلية" تعود بنا لما قبل "٢٥ يناير"

أكد سامح عاشور، نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب، أن السلوك العام لبعض ضباط الشرطة تجاه المحامين أصبح متعمداً وممنهجاً، مشيراً إلى أنه لا يسىء فقط إلى الداخلية، ولكنه يسىء أيضاً إلى نظام الحكم بأكمله.
وأوضح قائلاً إنه نفس السلوك الذى كان يُنتهج من الداخلية قبل ٢٥ يناير، إذ إن هذا السلوك جرّأ المجتمع الدولى على مصر، وأعاد ثقافة أو مفهوم أن رجال الشرطة هم «أسياد البلد».
وقال «عاشور» فى حوار مع «الوطن»: لن نتحمل أكثر من ذلك لأن المحامين فاض بهم الكيل، فلن يقبل أحد أن يعتدى ضابط شرطة بالضرب بالحذاء على مواطن عادى فما الأمر إذن لو كان هذا المواطن محامياً يدافع عن المواطنين؟ وتحدث الواقعة فى قسم الشرطة وكأنه لا هيبة للدولة ولا احترام للقانون، واصفاً ما يحدث بـ«البلطجة» من قبَل الداخليه وأفرادها.. وإلى نص الحوار.
■ ما الجديد فى واقعة اعتداء نائب مأمور قسم فارسكور، ما اضطركم للدعوة لإضراب عام للمحامين عن مزاولة عملهم فى المحاكم؟
- أنا أتساءل: هل يصح أن يعتدى ضابط على محام بالحذاء داخل قسم شرطة ليُحدث به جرحاً غائراً يصل إلى ٨ غرز؟! للأسف نحن تحملنا كثيراً من الضغوط بسبب أخطاء الشرطة ولا يوجد حلول ولا حسم، وتكررت كثيراً هذه الاعتداءات، ولن يتعظ الضابط إلا إذا كان هناك ردع من قبَل وزير الداخلية، ولهذا قررنا فى البداية الإضراب العام لأننا كنا ننتظر رداً من الوزير بفصل الضابط المخطئ عن العمل ولكنه لم يستجب ولم تحرك الواقعة بالنسبة له ساكناً.
■ هل تم التشاور مع شيوخ المهنة ومجلس النقابة وبالاتفاق مع النقباء الفرعيين أم أنك دعوت لإضراب عام من تلقاء نفسك؟
- نعم الكل يؤيدنى، وتم التشاور مع شيوخ المهنة وشباب المحامين، وجميعنا متفقون على أن الضباط الذين يسيئون لوزارة الداخلية طابور خامس، فهم أكبر إساءة للجهاز الشرطة ويجب ضرورة التفرقة بين الضباط المحترمين الأبطال البواسل الذين يحمون البلد، وبين الخونة الذين يسيئون للجهاز بمثل هذه السلوكيات، وجاء القرار باستمرار تعليق العمل فى جميع المحاكم وإضراب المحامين حتى الانتهاء من التحقيقات وتنظيم وقفة احتجاجية لحين التصعيد بإجراءات أخرى فى حال لم يستجب أحد لمطالبنا.
■ ما الإجراءات الأخرى التى ستكون أقوى من الإضراب؟
- سنقولها فى الوقت المناسب وستكون غير متوقعة للجميع، وفكرة أن وزير الداخلية «يعمل ودن من طين وأخرى من عجين» لن تأتى بنتائج معنا، واعتقاد أن الموضوع «يتلم» لن يحدث، أو المحامين «يخبطوا راسهم فى الحيط» لن يحدث أيضاً، فالوزير لم ينتبه لحجم الجرم الذى فعله هذا الضابط، إذ إن استخدام الحذاء جريمة فى حد ذاته، وكيف أن من يحافظون على الأمن هم من يتسببون فى قلق المواطنين بسبب هول التصرفات وبشاعتها؟!
■ وهل تدخلت قيادات الداخلية أو حدثت عليك ضغوط للتصالح؟
- تواصل معى الأمن الوطنى فقط، ورفضنا كل الضغوط الأخرى من البعض للتصالح فى حق زميلنا المعتدى عليه من قبَل نائب مأمور مركز دمياط، وما زلنا ننتظر نتيجة التحقيقات، ولن يرضينا إلا حبس الضابط المتهم، وللأسف فقد اعترف بالاعتداء وكأن شيئاً لم يحدث.[FirstQuote]
■ البعض قال إن المحامى استفزه لدرجه أنه سبّه وقذفه بوالده؟
- لم تكن الواقعة هكذا، الضابط قال للمحامى: «اخرج بره» بطريقة مستفزة على مرأى ومسمع من الجميع، فقال له المحامى: «ده مش بيت أهلك» فقط، فما كان من الضابط إلا الاعتداء عليه وهو فى سن والده بالضرب حتى نزف وجهه، ونحن تقدمنا ببلاغ للنائب العام ضد وزير الداخلية وقيادات أمن دمياط والضابط، والواقعة لها شهود والضابط معترف وتم حبسه 4 أيام على ذمه التحقيق.
■ ألم تخشَ من اهتزاز علاقة الشرطة بالمحامين بعد تصعيد الأمر هكذا بأن تقدمت بكل هذه البلاغات ضد قياداتها؟
- بالطبع العلاقة أصبحت مهزوزة فما قام به الضابط تصرف غير مسئول يسىء إلى علاقة الشرطة بالمحامين وبجميع أفراد المجتمع المصرى، فأساليب القهر والتعالى والكبر وسياسات الاستئساد على المواطنين السلميين الأبرياء والاختباء والانبطاح أمام الإرهاب والإرهابيين والتخلى عن حماية المواطنين والاكتفاء بحماية أنفسهم فقط هو نتيجة لما يحدث الآن، وإن ما حدث من عدوان وحشى من نائب مأمور فارسكور على زميلنا بالنقض جريمة لن تُغتفر فهو محام عريق وقدير وبداخل ديوان قسم فارسكور يُضرب بالحذاء؟! هذا لن يقبله أحد، لن نقبل أن يرتكب ضابط أو وزير الداخلية مثل هذه الجريمة، فهذا يمثل عدواناً سافراً ويجب أن يكون العقاب رادعاً حتى لا تتكر هذه الواقعة مرة أخرى، وعلى كل ضابط شرطة أن يعرف حدوده وحدود وظيفته، ولا يظن أن الوزارة سوف تحميه من بطش القانون وقصاصه العادل الذى ننتظره، فالمحامون لن يتركوا حقهم مهما كانت الضغوط حتى تلبى مطالبهم، فنحن لا نريد أن نصطدم بالداخلية، فقط نريد أن يكون هناك عبرة حتى لا يتكرر الأمر مرة أخرى.
■ البعض يتهمونكم كمحامين بالمزايدة فى الأمر ومحاولة إظهار جهاز الشرطة بشكل غير لائق أمام العالم، خاصة أن هناك تحقيقات والضابط محبوس وإلى الآن القضاء لم يقل كلمته!
- هؤلاء الذين يحاولون النيل والاستخفاف بالمحامين، نحن لن نقبل أن يُقذف مواطن بالحذاء، فهذا ضد كل حقوق الإنسان وضد الأعراف، فما بالك بمحام يحاول الحصول على حقوق المواطنين.[SecondQuote]
■ وما الحل، هل ترى أن الداخلية تنتهج هذا المنهج متعمدة مع المحامين تحديداً للتقليل من شأنهم مثلاً أم ماذا؟
- كنت أعطى محاضرات منذ فترة لضباط شرطة عن حقوق الإنسان وإجراءات التقاضى ووجدت بعضهم يشتكى من المحامين، وسألت أحدهم: لماذا؟ وهل تعتبر المحامى خصماً لك فى التعامل وتحاول التضييق عليه من خلال تصرفاتك، فقال لى: إنهم يفسدون علينا عملنا دائماً، نُجرى التحريات ونأتى بالأحراز وغيرها من أدوات الجريمة لنكمل القضية ونفاجأ بالمحامى أهدر كل هذا، والحل هو القضاء على السلوك القديم للضباط وإعداد دورات لهم فى كيفية التعامل وترك المنهج القديم لأن الأشخاص فى الداخلية تتغير على الكراسى والمفهوم والفكر كما هو.
■ البعض يقول إن معظم المحامين الذين طالبوا بالإضراب هم من الإخوان لإثبات موقف على الداخلية، ما تعليقك؟
- بالعكس، أنا لم أستمع لأحد منهم مطلقاً، نحن كأعضاء نقابة متفقون دون ضغوط، وهم بالفعل استغلوا الحدث ولكن اللوم ليس عليهم لو استغلوا الحدث إنما على من أعطاهم الفرصة، وهم دائماً ينتظرونها، فقد كنت قريباً فى اجتماع اتحاد المحامين العرب فى أغادير بالمغرب وفوجئت ببعض المحامين هناك يرفعون علامة «رابعة» وصورة كريم المحامى ضحية التعذيب بقسم المطرية، ومن أعطاهم الفرصة هم الضباط أمثال هذا الشخص غير المسئول، والوزير مسئول أيضاً لأنه لم يتخذ حتى الآن أى إجراء ضده ويترك الأمر للتحقيقات.
■ ألم تكن مواد الدستور الجديد، خاصة المادة الجديدة الخاصة بالمحامين، حاسمة فى أى تعديات على المحامين؟
- للأسف القانون الحالى به ضوابط تحمى المحامى من أى اعتداءات، وعقوبتها هى ذات العقوبة التى يقوم بها ضد القاضى وهى الحبس، والنص التجريمى موجود، ولكن الضباط لا يلتفتون، ونحن فى القانون الجديد الذى ننتظره بعد الدستور الجديد نضمن للمحامى هيبته وحمايته كأحد أدوات العدالة وهو حماية المحامى من توجيه الاتهام إليه أو احتجازه، وللأسف هناك العديد من الحوادث تتكرر كل يوم فى قسم حلوان وفى المنيا وطما فى سوهاج، وهناك تم الاعتداء من قبَل الشرطة ليس فقط على المحامى بل على أسرته وحُبست النساء.[ThirdQuote]
■ هل ترى أن هناك خللاً فى وزاره الداخلية يعود إلى سوء اختيار من مجلس الوزراء فيمن يجلس على مقعد الوزير بنفس المنهج القديم؟
- نعم للأسف نفس الأفكار تقود نفس المناهج وسيكون الخلل أكبر من رئيس الوزراء، فى حال لم يحسم الأمور.
■ هل تدعو الرئيس للنظر فى الانتهاكات التى تحدثتم عنها؟
- بالفعل أوجّه رسالة للرئيس أن يوقف مسلسل إهانة المحامين من قبَل الشرطة، بل أطالبه بالوقوف بجانبنا ضد أى انتهاك غير آدمى يحدث كل يوم للمحامين وإعطاء وعد بعدم تكرار هذه التجاوزات مرة أخرى.
■ هل معاملة ضابط الشرطة للقاضى تختلف عن معاملته للمحامين؟
- نعم، فالكثير منهم يخافون من القضاة بل ويعاملونهم بمنتهى الاحترام، حيث الخوف من الجزاء، أما نحن فأصبحنا يمارس علينا أسوأ أنواع المعاملة، وللأسف بعد ثورتين وكأن شيئاً لم يحدث فى مصر، مع أن المحامى أعزل لا يملك السلاح وكل أدواته هو لسانه وعقله.
■ البعض يأخذ عليكم أن إضراب المحامين سيضر بالمواطنين وما ذنب المواطن الذى ينتظر جلسة أو حكماً أو غيرهما؟! وخلافكم مع الداخلية وليس مع الشعب، وهل سيضرب كل محامى مصر؟
- جميع قيادات النقابات الفرعية سلتزم بهذا الإضراب بل والإشراف عليه بالتعاون والتنسيق مع الجميع وتسجيل أى خرق للقرار على مستوى جميع المحاكم على مستوى الجمهورية فيما عدا القضايا التى فيها تجديد حبس للمتهمين والمستعجلة، وهذا الإضراب لمدة يوم واحد، وبعدها سنأخذ قرار ما إذا كان سيستمر الإضراب أم التصعيد أم نكتفى، وأود القول إن الإضراب غير موجه ضد القضاة فنحن نحترمهم ونجلّ مكانتهم.