مسلسلات رمضان.. فى "محكمة الدراما"
رغم مرور أيام قليلة، على بداية الماراثون الرمضانى للدراما التليفزيونية، فإن كثيراً من مسلسلات رمضان دخلت محكمة الدراما مبكراً، ليضع النقاد صنّاع هذه الأعمال فى قفص الاتهام، ويقدموا عريضة اتهام من منظور كل واحد منهم، مع تأجيل محاكمة بعض المسلسلات، حتى يتقدّم نجومها بدليل براءتهم من تهم الضعف الفنى، أو الاستخفاف بعقول الجمهور.
ورغم ردود الفعل الإيجابية على بعض المسلسلات، فإن نقاد الدراما التليفزيونية يرون أن الحسنة تخص والسيئة تعم، خصوصاً أن أغلب الأعمال المطروحة، لا تشفى غليل المشاهد درامياً، كما أن كثيراً منها يحمل تجاوزات درامية لا تليق بصناعها، مشيرين إلى أن مسلسلات مثل «بعد البداية»، لطارق لطفى، و«العهد» لغادة عادل، و«بين السرايات» لصبرى فواز، أفضل المعروض فى الموسم الرمضانى.
وقالت الناقدة ماجدة خير الله: «يعد مسلسل (بعد البداية)، من أفضل المسلسلات خلال السباق الرمضانى هذا العام، رغم أنه لم يكن فى الحسبان، إلا أنه فرض نفسه وبقوة، خاصة مع أداء طارق لطفى، الذى يعد مفاجأة غير متوقعة، وقفزة هائلة فى الأداء المتميز، الذى نافس من خلاله عدداً كبيراً من نجوم «الأكشن»، كما يعد مسلسل (العهد) من أفضل مسلسلات هذا العام، وهو يحتاج إلى تركيز شديد فى المتابعة، بسبب الأحداث المتدفّقة التى تعكس مجهوداً متميزاً للقائمين عليه، بداية من الكتابة والإخراج، وانتهاءً بأداء الممثلين، إضافة إلى تميّز الموسيقى التصويرية للمسلسل وتناسبها مع الأحداث، ولكن المسلسل يحتاج إلى مجهود من جانب المتلقى، لفهم أحداثه وتفاصيل شخصياته، ونجحت شيرين رضا فى تقديم دور متميز يفوق التوقعات، إضافة إلى دورها فى مسلسل (استيفا)، وغادة عادل تعتبر أقل العناصر الفنية فى المسلسل».
وتشير الناقدة ماجدة خير الله فى حديثها لـ«الوطن»، إلى تميز شيرين عبدالوهاب، من خلال مسلسل «طريقى»، بدور مناسب اعتمدت فيه على ردود فعل تلقائية، وإحساس مناسب للحالة الدرامية، بعيد عن صخب الدراما المعتادة، بلا ضجيج ولا قضايا ضخمة، فقط رحلة صعود فتاة طموحة تتجاوز صراعات هادئة، كما نجحت دنيا سمير غانم، فى أن تقدم عملاً فنياً جيداً، وتتميز من خلال أدائها فى مسلسل «لهفة».[FirstQuote]
وترى «خير الله» أن الأعمال الفنية التى لم تكن على مستوى المنافسة، كانت لنجوم كبار، وقالت: «أحمد السقا، وكريم عبدالعزيز، لم ينجحا هذا العام فى تقديم شىء مختلف يجذب المشاهد، ليعودا لتقديم نفسيهما مرة أخرى فى الإطار المحفوظ نفسه، كما شهد كريم عبدالعزيز، تراجعاً ملحوظاً بعد دوره الجيد فى فيلم «الفيل الأزرق»، ليعود مرة أخرى للاعتماد على خفة الظل أكثر من الأداء التمثيلى، فكان يجب عليهما تقييم التجربة بشكل احترافى، خاصة مع نجوميتهما الكبيرة».
وتابعت «خير الله»: «يعتبر مسلسل (دنيا جديدة) إهداراً للمال العام، خصوصاً مع إنفاق 20 مليون جنيه على مسلسل ردىء على المستوى الفنى والإخراجى، ليخرج فى النهاية فى شكل درس دينى، أما بالنسبة لمسلسل (يا أنا يا انتى)، فما المستوى المتوقع منه؟ لأنه عبارة عن عُهر فكرى، يدور حول سيدتين تواجهان ظروفاً صعبة، تدفعهما للنصب على الناس، وهو ما يظهر مجموعة من جرائم النصب على الشباب، مقابل رحلات هجرة غير شرعية».
ويشكل الجزء الخامس لمسلسل «الكبير أوى»، مفاجأة للناقد رامى عبدالرازق، الذى يقول: «نجح أحمد مكى فى كسر حالة الرتابة والملل، التى أحاطت بالمسلسل على مدى عامين، خصوصاً مع استنفاد عناصر الكوميديا، ونجح فى العودة مرة أخرى فى منطقة جديدة، من خلال ما يُسمى بالمحاكاة الساخرة لعدد من الأفلام، كما نجح مسلسل (العهد)، فى تحقيق الإيهام باللامكان واللاتاريخ، دون اللجوء للخدع والمؤثرات، معتمداً على الموسيقى والتصوير، مما يبرز تميُّز خالد مرعى فى تقديم الواقعية السحرية فى أبسط طرقها، وهو ما يختلف تماماً مع مسلسل (ألف ليلة وليلة)، الذى قدم موضوعاً ضعيفاً ومعالجة سيئة، تحاول الاقتراب من أفلام (مملكة الخواتم)، و(قراصنة الكاريبى)، فى الوقت الذى تعتمد فيه على حجم خدع ومؤثرات بصرية كبيرة، مما يعد عيباً على صناع العمل، لعدم إدراكهم قوة (ألف ليلة وليلة) التراثية، إضافة إلى مسلسل (تحت السيطرة)، فهو بمثابة مفاجأة متوقعة على المستوى الفنى».
وأشار «عبدالرازق» إلى أن عدداً من المسلسلات الدرامية، سبّبت حالة من المفاجآت غير السارة، منها «حوارى بوخاريست»، الذى يعد بشكل ما، جزءاً ثانياً لمسلسل «طرف تالت»، مع اعتماده على صورة البطل التقليدى للحارة الشعبية، وهو الدور الذى قدّمه أمير كرارة من قبل، بالإضافة إلى مسلسل «حارة اليهود»، فرغم تقديمه تيمة مكرّرة، إلا أنه اعتمد على درجة كبيرة من المباشرة فى الحديث السياسى، أفسدت استغراق المشاهد فى العمل بمشاعره».
وعن الممثلين الذين شكل أداؤهم فرقاً كبيراً هذا العام، قال «عبدالرازق»: «نيللى كريم، أثبتت هذا العام أنها ممثلة قوية ومخضرمة، نجحت فى توظيف جسدها وملامحها، كما لعبت (دينا) فى (حوارى بوخاريست)، منطقة جديدة للمرأة الشهوانية اللعوب، بالإضافة إلى مجموعة عمل (العهد)، التى قدمت أداءً متناغماً شكلاً وموضوعاً، وعلى الجانب الآخر قدّمت منة شلبى أداءً مفتعلاً وملامح جامدة فى (حارة اليهود)، بالإضافة إلى أداء كسول وخامل لأحمد السقا فى (ذهاب وعودة)».
وقال الناقد نادر عدلى: «هناك عدد من الأعمال التى شكلت منحنى مهماً فى الأعمال الرمضانية، وفقاً للمؤشرات الأولية، منها (أستاذ ورئيس قسم)، و(حارة اليهود)، و(ألف ليلة وليلة)، و(العهد)، وهى أعمال جديرة بالمشاهدة، وعلى الجانب الآخر توجد أعمال للاستهلاك الرمضانى العادى، بعيداً عن التميّز مثل (حوارى بوخاريست)، وفى السياق نفسه لم يكن هناك ما يميز يوسف الشريف، وأحمد السقا، وكريم عبدالعزيز، هذا العام، معتمدين على إطار نمطى مع اختلاف المعالجات والقضايا».
وتابع «عدلى»: «رغم تميز الثنائى نيللى كريم، ومريم نعوم، إضافة إلى المخرج تامر محسن، نحتاج مزيداً من الوقت للحكم على مدى جودة (تحت السيطرة)، حيث اعتمد على مشاهد أطول مما ينبغى، فى معالجة طويلة وعناصر من الغموض».
ويرى الناقد طارق الشناوى، أن الأسبوع الأول من شهر رمضان شهد عدة مفاجآت فى الدراما، ومنها مسلسل «وش تانى» لكريم عبدالعزيز، و«ذهاب وعودة» لأحمد السقا، وقال: «كلها أعمال دون طموح، ولم تضف أى جديد لهما، واعتمدت على (الشغل) التقليدى، بالإضافة إلى العمل الذى كنت أنتظر أن يكون الحصان الأسود ولم يتحقق وهو (لهفة)، لأن أبطاله لجأوا إلى أسهل الطرق، وهو لقاء يومى بين دنيا سمير غانم ونجم، إلى جانب الاستسهال فى الكتابة والتنفيذ».[SecondQuote]
وأضاف: «من الأعمال الجيدة حتى الآن (تحت السيطرة)، و(العهد)، و(بعد البداية)، و(حارة اليهود)، بما تحمله من فكرة جديدة، ومضمون قوى، وعلى مستوى الوجوه الجديدة أرى أن هناك مجموعة من الكوميديانات من الجيل الجديد، ومنهم على ربيع، وأحمد فتحى، ويعتبر ظهور شيرين عبدالوهاب لأول مرة من خلال مسلسل (طريقى)، جيداً، رغم تواضع العمل، ولكن أداء نيللى كريم فى (تحت السيطرة)، رغم صعوبة الدور كان جيداً، إلى جانب كتابة مريم نعوم، والمخرج تامر محسن، بالإضافة إلى طارق لطفى، وغادة عادل، وريهام عبدالغفور، ومن الأعمال السيئة (يوميات زوجة مفروسة أوى) لداليا البحيرى، التى يعتبر أداؤها (أوفر)، ولا يناسب طبيعة العمل».
من جانبه، قال الناقد محمود قاسم: «أعمال رمضان هذا العام لم تختلف كثيراً عن العام الماضى، ولم تضف شيئاً جديداً سوى ثلاثة مسلسلات حتى الآن، حملت فكرة جديدة وهى (بين السرايات)، و(أستاذ ورئيس قسم)، و(حارة اليهود)، ومن الأعمال السيئة مسلسل (مولد وصاحبه غايب)، فهو عبارة إعادة لفيلم (تمر حنة)، ومسلسل (حوارى بوخاريست)، ليس على مستوى المنافسة، ومن الوجوه الشابة الواعدة، أحمد فتحى، الذى يتألق ويزحف نحو البطولة».
وترى الناقدة حنان أبوالضياء، أن الأعمال السيئة هذا العام، هى التى تعتمد على الأجزاء مثل «الكبير أوى»، و«لما تامر ساب شوقيه»، وقالت: «هى أعمال استنفدت كل السبل، والفكرة أصبحت مستهلكة، وأيضاً بعد غياب أبطاله، سواء دنيا سمير غانم، أو أحمد الفيشاوى، وتكرار أجزائه، مما أدى إلى ضعف العمل، وإن كان ناجحاً فى البداية، إضافة إلى مسلسل (ألف ليلة وليلة) الذى يعتبر بلا روح، و(استيفا) فهو تقليدى بحت ويفتقر إلى الحبكة الدرامية، ومن المسلسلات الجيدة (الصعلوك) لخالد الصاوى، الذى يحرص كل عام على تقديم عمل مختلف، وجديد عما قدمه من قبل، بعكس أحمد السقا، ومصطفى شعبان، وكريم عبدالعزيز، فهم يعتمدون على فكرة واحدة، فأحمد السقا هو الشاب الذى يبحث دائماً عن الجريمة، وفى النهاية يكشفها، ومصطفى شعبان الحبيب العاشق الذى تلتف حوله النساء».
وأضافت: «يعتبر مسلسل (بعد البداية) لطارق لطفى من الأعمال الجيدة، ودوره متميز، ومسلسل (العهد) الذى يعتمد على الخيال وعالم (الحدوتة)، واللامنطق والأسطورة، وهذا النوع يجذب الجمهور كثيراً، لكنى أيضاً فوجئت بأداء هيفاء وهبى الجيد فى مسلسل (مريم)، بجانب خالد النبوى، وريهام عبدالغفور، و(تحت السيطرة) للفنانة نيللى كريم، التى أصبحت تقدم كل عام، عملاً متميزاً بعد نجاح (ذات)، ومن المفاجآت المخيبة للآمال يوسف الشريف، الذى كنت أتوقع أن يقدم عملاً مختلفاً، لكنه لجأ هو الآخر للعمل التقليدى وتكرار نفسه، بالإضافة إلى مسلسل (أستاذ ورئيس قسم) للفنان عادل إمام، الذى يجسّد فيه شخصية مناضل سياسى، وهو ما لم يصدقه أحد، لأنه فى الحقيقة ليس له أى رأى سياسى، وكل مواقفه (مايعة)، ولا يظهر إلا بعد أن تتضح الصورة، وكل أحداث المسلسل مفتعلة، أما مسلسل (حارة اليهود)، فكنت أتوقع مشاهدة عمل جيد، لكنى واجهت أخطاءً تاريخية لا تغتفر، بوجود الإنجليز فى القاهرة عام 1948، وهذا غير صحيح، لأنهم خرجوا بعد معاهدة 1932 ولم يتبقَ منهم أحد إلا فى منطقة القناة فقط، والعمل الدرامى الذى يعتمد على أحداث تاريخية، لا بد أن تكون هناك دقة فى مراجعته».[ThirdQuote]
وأكدت الناقدة ماجدة موريس، أن مسلسلات «تحت السيطرة»، و«حارة اليهود»، و«بعد البداية»، و«العهد»، من الأعمال الجيدة حتى الآن فى رمضان، بعكس مسلسل «مولد وصاحبه غايب»، لأنه فيلم عربى يعاد دون جديد، ومن الممثلين الجيدين فى أدائهم هذا العام، ظافر العابدين، وطارق لطفى، ورشا المهدى، وهيثم زكى، ومنة شلبى، وشريف منير، ونيكول سابا، وياسر على ماهر، ومحمود الجندى، بالإضافة إلى شرين عبدالوهاب، التى تذكرنا بأيام زمان، فى مسلسل «طريقى»، وهيفاء وهبى التى تؤدى بشكل جيد فى مسلسل «مريم».