دخل «كريمة» خمسة جنيهات فى اليوم واللحمة مرة فى الشهر.. «إحنا أحسن من غيرنا»
كل شىء حولها يتغير إلا تلك العشة التى تعيش فيها منذ 35 عاما، جدرانها من بقايا الخشب وكراتين الشيبسى، وسقفها من عروق أكلها السوس تتخللها بطاطين بالية متسخة، داخل هذا المكان تعيش «كريمة غريب» وأولادها وأزواجهم وأحفادها، لا تريد شيئا سوى الرضا وراحة البال، دخلها 5 جنيهات فى اليوم فقط!.. ليس مهما فالأهم هو شكر الله على القليل ليأتى الكثير: «ولئن شكرتم لأزيدنكم».
ربما تسأل نفسك كيف تعيش «كريمة» وزوجها بهذا المبلغ الضئيل؟.. وقبل الإجابة ستجد على لسانها عبارة: «اللى خلقنا مش هينسانا».
وسط مقابر أبوالفتوح، فى مصر القديمة، تقع تلك العشة التى تمثل بالنسبة لـ«كريمة» كل شىء، ورغم رائحة الموت التى تحيط بالمكان، فإنها لم تخفف من شدة تعلق كريمة وأسرتها بالعشة: «أنا عشت فى العشة دى أجمل أيام حياتى، اتجوزت فيها وخلفت فيها، وولادى كبروا واتجوزوا هنا».. «كريمة» هى زوجة محمود الحانوتى، الذى اختار لها الإقامة فى هذا المكان بحكم القرب من عمله.
حال «كريمة» وأسرتها لا يسبب لها أى ضيق، فهى تشعر أنها أفضل من غيرها بكثير: «يووووه.. الحمد لله إحنا أحسن من غيرنا، بناكل لحمة مرة فى الشهر، غيرنا مش بيشوفها خالص».
كل جيران «كريمة» حسدوها لأنها اشترت بوتاجاز، تضحك وتقول: «اشتريت بوتاجاز قديم بـ200 جنيه، اتفشخرت بيه قدام الناس.. وأنا أصلا شرياه قسط عشان أعمل للعيال صينية مكرونة بالبشاميل».
تساعد «كريمة» زوجها فى عمله من خلال صناعة خوص الجنازات: «سبحان الله الموت بالنسبة لنا حياة لأنه بيعود علينا بالمال وخصوصا شهر رجب».
تسرح «كريمة» قليلا ثم تنظر إلى أولادها وتقول: «الحمد لله ربتهم أحسن تربية ولا عمرى حسستهم أنهم أقل من غيرهم لدرجة أنى كنت بعمل عيد ميلاد لكل واحد فيهم».