زعيم الصعايدة فى إمبابة: «أنا الكبير»
«عبدالناصر» كبير صعايدة إمبابة
يجلس على كنبة خشبية أمام المكتب الذى خصّصه لحل مشكلات الناس، يمر عليه الكثير من الصعايدة، يعرف أصل كل منهم من هيئته أو لهجته، هذا من المنيا، وذاك من سوهاج، والأخير من أسيوط، عشرات الصعايدة يمرون عليه، وغيرهم يجلسون بالمقهى المجاور له، من يمر من أمامهم يشعر وكأنه فى الصعيد بسبب زيهم ولكنتهم التى لم تتبدّل.
يرأس لجنة لفض المنازعات فى منطقة تشهد أكبر تجمع لأبناء سوهاج وأسيوط
فى شارع النيل بإمبابة، يقع مكتبه المفتوح للصعايدة، يحل مشكلاتهم وأزماتهم دون مقابل، ليس الصعايدة فقط، بل كل الناس، هو «عبدالناصر العطيفى» من أسيوط، بعضهم يطلق عليه «كبير الصعايدة فى إمبابة»، وآخرون «المعلم»، بينما يرفض هو الألقاب، كما رفض وضع لافتة «لجنة فض المنازعات»، حتى لا يكون نوعاً من الرياء.
«لوجه الله وبفضله، الناس لبعضها، وخير الناس أنفعهم للناس»، يؤكد «عبدالناصر»، أنه صالح أشخاصاً وعائلات عدة، وآخرهم كان الصلح بين عائلتين بسبب ثأر فى أسيوط.. يذهب «عبدالناصر»، إلى بلدته فى أسيوط، أسبوعياً، وفى الأفراح والمآتم: «موضوع التار قل، الولاد كبروا وراحوا مدارس وجامعة، فغير الوضع شوية».
سبب وجود جمع كبير من الصعايدة فى إمبابة، يُفسّره «عبدالناصر» بأن الصعايدة بطبيعة الحال يُحبون اللمة والألفة، والترابط الأسرى، وعندما يهاجرون من الصعيد يسعون إلى التجمع، ومن يذهب إلى مكان يبلغ أقاربه ليجتمعوا حوله: «إمبابة والوراق فيها عدد كبير جداً من الصعايدة».
عندما انتقل الصعايدة من محافظاتهم إلى القاهرة، لم تتغيّر عاداتهم وتقاليدهم: «أصل دى طباعنا، شهامة، كرم أخلاق، ورجولة، احترام المرأة، مانجيش على حد، ومانحبش حد ييجى علينا»، يحكى «عبدالناصر»: «الأب له احترامه، ولو كان عضم فى قفة، كلامه يمشى ع الكبير والصغير، والست لها احترامها وعلى راسنا من فوق، الزوجة أكبر تتويج، الزوج يجيب لها كل حاجة، إحنا ناس حاطين تاج على رأس المرأة والأخت والعمة والخالة».
جاء «عبدالناصر» من الصعيد منذ عام 1974، لا يزال حتى الآن متمسكاً بزيه الصعيدى ولكنته الصعيدية، ورغم جديته فى التعامل مع الآخرين كتاجر ماشية ونقيب جزارى وجه قبلى، وأمين لجنة فض المنازعات بمحافظة الجيزة، لا يغضب من النكات التى تقال على الصعايدة: «من الهزار مانزعلش، لكن لو حد أساء لنا مانسكتش، إحنا رجالة برضه».