«المنتزه».. سوق «عبدالناصر» المبنية على صهريج الاحتلال البريطانى
هنا سوق المنتزه، إحدى أقدم أسواق مدينة الزقازيق عاصمة الشرقية، مثلها مثل وسط مدينة القاهرة؛ عمارات قديمة ومحلات كبيرة، وعيادات لأكبر الأطباء، ووسط كل ذلك صهريج مياه ضخم تحول إلى «أثر» بُنيت حوله السوق.
تاريخ السوق يرجع إلى أيام الاحتلال البريطانى لمصر، وقتها لم تكن مكاناً تجارياً، بل حديقة كبيرة يتوسطها صهريج المياه الذى بناه الإنجليز ليغذى المحافظة بالماء اللازم قبل وجود شبكات للمياه والصرف الصحى، والصهريج عبارة عن مبنى معدنى طويل وضخم يتم تخزين المياه فيه، وبمرور الوقت وتطور المجتمع بقى على حاله ولم يعد الصهريج يُستخدم فى الإمداد بالمياه، فقط يقف فى مكانه الثابت وحوله عشرات المحال و«الفرشات».
محمد عبدالوهاب فريد (53 عاما)، واحد من أقدم ملاك المحلات التجارية فى سوق المنتزه، يملك محلا لـ«مفروشات العروسة» أو كما يقول «البياضات»، من ملاءات للسرير وفوط وألحفة وغيرها مما يحتاجه كل بيت، يحكى «عبدالوهاب» عن السوق بعشق من قضى سنوات عمره بها: «أنا موجود فى المحل من وأنا عندى 9 سنين، الدنيا اتغيرت تماما فى الستين سنة اللى فاتوا».
كل من فى السوق يروى تاريخها، القرار كان للزعيم الراحل جمال عبدالناصر، عندما قرر بناء أكشاك وتمليكها للمواطنين ليعرضوا فيها بضاعتهم، ثم جاء الرئيس السادات وطور السوق وقام بهد الأكشاك وأحل محلها محلات كبيرة فى الدور الأرضى من تلك الأبنية القديمة التى تعود هى الأخرى إلى أيام الإنجليز، وتم تحويل الصهريج إلى هيئة الآثار.
«عبدالوهاب» يتذكر عندما كان نشاط السوق يقتصر على يوم الثلاثاء، ففى هذا اليوم تحديدا يأتى المواطنين من كافة القرى والمراكز لشراء احتياجاتهم منها لتميزها: «يوم التلات كان مخصص لاستقبال المواطنين من كل مكان عشان يشتروا، الأب كان بييجى علشان يجهز بنته من هنا، خصوصا إن بضاعة السوق كانت متميزة ومش موجودة فى أى مكان تانى، لكن دلوقتى كل حاجة بقت موجودة فى كل حتة، العاصمة زى القرى». يتذكر «عبدالوهاب» ضمن ما يتذكر القطار الذى كان يأتى من غزة محملاً بالبضائع فائقة الجودة، خاصة «البالطو» الطويل: «حاجة غزة متميزة، والبالطو ده لو بيتباع دلوقتى تمنه هيوصل لألف جنيه وأكتر».
وعن البضاعة قديماً وحديثاً يقول «عبدالوهاب»: «دلوقتى الحاجة شكلها أحلى، وفيها تنوع أكتر، لكن كلها ألياف صناعية جاية من الصين، ومن النادر إنك تلاقى حاجة من القطن طويل التيلة، على عكس البضاعة زمان كانت كلها إنتاج مصرى من شركة غزل المحلة للغزل والنسيج، آه ما كانش فيها أشكال كتير، لكن كانت بتستحمل وكلها منتجات قطنية».
تحيط السوق كنيسة من جهة، ومحكمة الزقازيق من جهة أخرى، وبينهما عشرات الباعة الذين يفترشون الأرض لبيع كل شىء «من الإبرة للصاروخ»، بدءاً من أدوات المطبخ وحتى الملابس الداخلية النسائية، كله على رصيف السوق، تامر صابر (34 عاما) يحكى أن عائلته عاشت هنا منذ ما يزيد على ستين عاما، يعمل فى بيع الصحف منذ 25 عاما، تغير فيها القارئ كثيرا: «مهنة بيع الجرائد بقت أفضل بمرور الوقت، نسبة المتعلمين زادوا والناس بقوا بيشتروا منى أكتر».
منى السيد (55 عاما)، إحدى زبائن السوق منذ وقت طويل، اشترت منه «جهازها»، واصطحبت ابنتها معها لشراء مستلزمات زواجها الذى حان وقته: «سوق المنتزه من معالم الزقازيق، لكن دلوقتى اتغير كتير، والعمارات القديمة اتهدت وبنوا بدالها بنايات حديثة، لكن القديم دايما أحلى، زمان كان السوق قطعة من أوروبا، لكن دلوقتى الوضع اختلف كتير».
أخبار متعلقة
مصرف بحر البقر.. مزرعة الموت البطىء والسمك المسرطن
سيارات النقل فى "ميت ربيع" خضار وبشر.. وقليل من الفاكهة
هنا قرية «الوسية».. عبيد أراضى الباشوات
احبس أنفاسك..أغمض عينيك..تقترب من محافظة «مكامر الفحم»
«صان الحجر».. آثار ملقاة على الرمال تنتظر من ينتشل "التاريخ"
«تل بسطة»...هنا كان يعيش إله المرح والسعادة والراحة
«بهاء» يدلل أحصنته بـ«الحضن والطبطبة».. والفول ممنوع «عشان التناحة»
«بحر البقر» ..رحلت طائرات العدو..وبقيت "ألغام" الإهمال
«القرين».. بلد الفول السودانى «أباً عن جد»
«أكياد»: تتحدث عن نفسها بفخر:"إحنا اللى عزمنا القطر على الفطار"
حفيد «عرابى» يرتدى بذلة الزعيم..ولكن من أجل "إحياء الأفراح"