مدير «الشراكات مع الإعلام» فى «فيس بوك»: لسنا افتراضيين ولدينا إدارة لـ«مكافحة الإرهاب».. ومصر فى اعتبارنا قبل أى قرار
فارس العقاد
فى شرفة فندق تُطل على نيل القاهرة، وبينما صفحة النهر العظيم تبدو هائلة ومتدفقة، كان الحوار يتفرع والنقاش يحتدم مع رائد الأعمال السورى الشاب، فارس العقاد، مدير الشراكات مع الإعلام فى الشرق الأوسط وأفريقيا بشركة «فيس بوك»، الذى حضر إلى مصر، مؤخراً، لمدة لم تزِد على «يوم ونصف اليوم»، لتدشين مشروع «فيس بوك جورناليزم»، بمشاركة البرنامج المصري لتطوير الإعلام ومنتدى المحررين المصريين.
الأسئلة البسيطة التى تدور بذهن مستخدمى «فيس بوك»، كانت حاضرة فى الحوار: من يدير المنصة، وما حجم الفريق الذى يخدم 2 مليار مشترك، وكيف تخطط لمستقبلها وتتفاعل مع جمهورها؟ وتطرق الحوار كذلك إلى علاقة «فيس بوك» بوسائل الإعلام، وكيفية دعمها، فهذه مهمة «العقاد» وهو الجدير بتفسير حالة الاحتقان لدى وسائل الإعلام تجاه «فيس بوك»، بسبب التهامه الأرباح من وراء المحتوى الذى ينفق عليه الإعلام أموالاً طائلة. الشرق الأوسط ومصر كانا محوراً مهماً فى الحديث، فكل منهما يشغل حيزاً من سياسات واهتمامات المنصة، ووفق بعض الإحصاءات، تعتبر مصر الأولى فى المنطقة، استخداماً لـ«فيس بوك»، بما يصل إلى 33 مليون مشترك، كما أن اللغة العربية هى الأكثر رواجاً به، منذ تأسيسه فى 2004.
يعتز مدير «الشراكات مع الإعلام» كثيراً بالشركة التى يعمل بها، ويعتبرها «أكبر وسيلة تواصل فى تاريخ البشرية»، ويؤمن برسالة «فيس بوك» ومساهمته فى التغيير، ويؤكد على حقيقة مفادها «لسنا شبحاً أو افتراضيين، وموجودون على الأرض نعمل ونتطور». «الوطن» التقت «العقاد» فى أثناء زيارته الخاطفة لمصر، وأجرت معه هذا الحوار، الذى يعد أول حوار شامل لصحيفة عربية عن علاقة «فيس بوك» بوسائل الإعلام، وربما تكون المرة الأولى التى يتحدث فيها مسئول عربى بالشركة عن حجم فريقها وطبيعة عمله وكيفية تلبية احتياجات المشتركين وتلقى مبادراتهم... وإلى نص الحوار:
فارس العقاد لـ«الوطن»: 99% من أفكارنا بمبادرة من الجمهور.. و«الشركة» تضم 17 ألف موظف يخدمون 2 مليار مشترك حول العالم
كيف تدير «فيس بوك» علاقتها بملايين المشتركين والهيئات الإعلامية خصوصاً من مستخدمى المنصة حول العالم؟
- «فيس بوك» بحجمها الكبير ونطاق انتشارها الواسع، ومسئوليتها عن خدمة 2 مليار مشترك حول العالم، من الصعب أن يكون لها علاقة «وان تو وان» مع مشتركيها، سواء أفراد أو هيئات حكومية أو أهلية.
وبالنسبة للهيئات الصحفية والإعلامية، فإن الطريقة الفعالة للتعامل معها، حتى الآن، تقوم على تقديم مبادرات وإنتاج آليات وطرق لدعم «فيس بوك» لها فى عملها.
وهناك تجارب لذلك، مثل إنتاج آليات تسمح للهيئات الصحفية والإعلامية بطلبات تصديق أو دمج الصفحات، وحل المشكلات التقنية التى تواجهها، وغيرها.
وبمرور الوقت، ومن خلال التعاون مع هيئات الإعلام، فى مبادرات مثل «فيس بوك جورناليزم» أو مشروع «فيس بوك للصحافة» وتدريب الصحفيين والإعلاميين، يمكنهم التعرف على أفضل طرق النشر بالمنصة، وآخر التحديثات والتطبيقات.
معظم جمهور الشرق الأوسط من الشباب ويتلقى الأخبار من منصات رقمية.. ويمكن جمع الآثار الفرعونية المعروضة بعدة دول فى مكان واحد بالموقع إذا تلقينا مبادرة من «القاهرة»
أنت مسئول عن هذا المشروع «فيس بوك للصحافة».. ما أهدافه وماذا يقدم للصحافة والإعلام فى الشرق الأوسط؟
- «فيس بوك» أسست الفريق الذى أقوده للشراكات الإعلامية على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا، بهدف التعاون مع هيئات الصحافة والإعلام بالمنطقة، خصوصاً أن لدينا أهدافاً مشتركة. والفريق يعمل عن قُرب مع هؤلاء الشركاء لتعظيم استفادتهم من أدوات «فيس بوك»، وتطوير منتجات تساعد فى العمل الصحفى والإعلامى، وتدريب الصحفيين. ويعتبر مشروع «فيس بوك للصحافة» التزاماً طويل الأمد تجاه صناعة الصحافة والإعلام، ومن خلال فعالياته نقدم حلولاً للتعامل مع التحديات التى تواجه تحولات الإعلام بالمنطقة. ونحن حريصون على الاستماع للصحفيين واستطلاع آرائهم ومقترحاتهم بشأن أفضل سبل دعمهم، وتعزيز قدراتهم ليستخدموا أدوات «فيس بوك» بشكل أكثر فاعلية. «فيس بوك جورناليزم» هو أيضاً نوع من الاستثمار فى الجمهور الذى يطلع على الأخبار والمعلومات من المنصات الإلكترونية. ونحن عندما ندعم الصحف والفضائيات والمواقع فى عملها، عبر منصتنا، نقدم خدمة غير مباشرة للجمهور الذى يتلقى إنتاجها. ومنذ إطلاق المشروع فى وقت مبكر من 2017، تعاونا مع نحو 2600 ناشر فى العالم، وأطلقنا مؤخراً مبادرة «سلامة فيس بوك» الموجهة للإعلاميين بعدة لغات، من بينها «العربية».
ما موقع الشرق الأوسط، ومصر تحديداً، من اهتمام إدارة «فيس بوك»؟
- لدينا اهتمام كبير بالشرق الأوسط عموماً، ومصر بشكل خاص، فى الفترة المقبلة. مصر بلد استراتيجى مهم جداً لنا، ونعطى أولوية كبيرة له ولموقعه بالمنطقة، قبل اتخاذ أى قرار جديد بشأن الموقع. ومهتمون فى مصر بدعم قطاعات الصحافة والرياضة والمشاهير والمشروعات الخيرية. وشكلنا فريقاً كبيراً للعمل خصيصاً على الشرق الأوسط، ودراسة الأوضاع على الأرض، لأن طبيعة مستخدمى المنطقة تختلف عن أوروبا والولايات المتحدة. ونسعى لتحسين التواصل مع دول المنطقة والمستخدمين، والمساعدة على وجود «فيس بوك» وانتشاره بشكل أكبر.
كيف تتابع «فيس بوك» المحتوى الذى تقدمه الصحف والفضائيات على المنصة وتصوركم لطريقة تطويره؟
- نحن نرصد طريقة الجمهور أو المستخدم، بشكل عام فى تلقى المحتوى الصحفى والمعلومات والصور والقصص المنشورة عبر «فيس بوك».
اليوم، يوجد اتجاه كبير فى العالم لتلقى الأخبار والقصص، عبر المنصات الرقمية. والشرق الأوسط، كإقليم، أغلب سكانه من الشباب «أقل من 30 عاماً»، حريص على التفاعل «أون لاين»، وعبر وسائل التواصل خصوصاً، لذلك نحن نوجه الإعلام إلى الإنتاج بطريقة تلائم هذه الحقائق عن الجمهور وعرض محتوى خاص وملائم للمنصة، سواء أخبار أو «نقل مباشر - لايف» أو «انستجرام» أو غيره.
العديد من منتجى المحتوى فى وسائل الإعلام، يأخذون محتواهم الذى أنتجوه لصالح «التليفزيون أو الجريدة أو الموقع»، ويعرضونه كما هو عبر «فيس بوك»، وهذا له شعبيته، لكن المحتوى سيكون أكثر فاعلية وشعبية ونجاحاً وربحاً إذا تم إعداده وعرضه بذهنية إنتاجه خصيصاً لمنصة «فيس بوك»، بحيث يكون ملائماً لها ولجمهورها، وللتصفح عبر «الموبايل»، لأن معظم جمهور «فيس بوك»، يتصفحه عبر الهاتف.
كلما قابلت شخصاً بأى دولة يقول لى «أنت أول شخص ألتقيه من فيس بوك».. ونستجيب لطلبات حكومية لتوثيق صفحات وحل مشكلات تقنية.. الإعلام العربى يتعامل مع المنصة كـ«فاترينة» وبطريقة بدائية.. ونوفر آليات ربح يمكن للصحفيين الاستفادة منها
ما تفسيرك لاستمرار التعامل مع «فيس بوك» على أنه «فاترينة» لمحتوى قد لا يكون ملائماً وتأخر استيعاب تلك الحقيقة وحلها؟
- هذا الأمر مررنا به، ليس فقط فى الشرق الأوسط، بل فى أمريكا وأوروبا أيضاً، لكنهم بعد تجارب عديدة توصلوا للطريقة الأفضل لاستخدام «فيس بوك»، وهى أنه منصة نشر قائمة بذاتها، وليس مجرد «فاترينة»، ويطبقون ذلك حالياً. صحيح أن تعامل الإعلام فى دول بالشرق الأوسط ما زال بدائياً إلى حد كبير، لكن نرصد اليوم بوادر إيجابية، لتطوير استخدام «فيس بوك»، وهو ما يساعدنا فى إنضاج ابتكارات من جانبنا نقدمها لوسائل الإعلام.
طالما تملكون هذه المعرفة عن المحتوى المناسب لمنصتكم.. لماذا لا تقدمون نموذجاً فى ذلك لا سيما أن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ينص على أن «حرية التعبير تشمل جمع ونشر الأخبار دون تقيد بحدود جغرافية»؟
- نتفهم ذلك، ولكن نحن مؤمنون بأن أكثر طريقة عملية للتعامل والتعاون مع الصحفيين والإعلاميين تتركز فى بناء منصتنا لتكون أكثر ملاءمة لعملهم، فضلاً عن تدريبهم. ونرى أن تعاون المنصة مع هيئات الصحافة والإعلام يسير فى 3 اتجاهات، أولاً: كوسيلة للنشر وتوصيل المعلومات، ثانياً: تحليل الجمهور والشرائح العمرية المكونة له، وتصنيفها، وتحليل المحتوى من حيث نوعية القصص والأخبار التى يقبل عليها الجمهور ويفضلها ويتفاعل معها وينتظرها أيضاً، ثالثاً: ابتكار آليات جديدة للاستفادة المالية، من خلال إعلانات على المحتوى المنشور.
على وسائل الإعلام حل مشكلاتها بنفسها لأن «فيس بوك» لن يحلها ونحن أداة تواصل اجتماعى مجانية ولن نجبر المشتركين على دفع رسوم
ما معايير «فيس بوك» للتعامل رسمياً مع وسائل الإعلام وتقديم خدمات خاصة لها؟
- لدينا إدارة تحدد آليات ومعايير اشتراك المؤسسة الإعلامية معنا، بصفحة أو أكثر، بشكل رسمى، وذلك يبدأ بتقديم طلب لإدارة الموقع ويتم بحثه لتحديد استيفاء المعايير من عدمه ومن ثم الموافقة عليه أو رفضه. هذه المعايير تتعلق بمصداقية وشهرة المؤسسة الإعلامية ووضعها القانونى، وهى معايير تخص إدارة «فيس بوك»، ولا يتم نشرها للمجهور.
هناك حالة احتقان لدى وسائل الإعلام تجاه «فيس بوك»، بسبب التهام الربح من وراء ما تنتجه الصحف والتليفزيونات وتنفق عليه.. كيف تابعتم ذلك؟
- شركات الصحف والإعلام، شركاء فى المنصة وجزء أساسى منها، باعتبارهم موردين كباراً للمعلومات والمحتوى البصرى والمكتوب، وفى سبيل دعم هذه الشراكة نبذل جهوداً كبيرة مثل مشروع تدريب الصحفيين وتأهيلهم لحماية جهدهم وإنتاجهم الصحفى والإعلامى، وتوفير أفضل وسائل لعرضه ونشره. ونحن مثل باقى المنصات التى تعتمد عليها وسائل الإعلام، لكننا نعتبر منصتنا جزءاً من أملاك أى مؤسسة إعلامية، وعندما ألتقى أصحاب هيئات إعلامية وصحفية أحرص على أن يصلهم هذا المعنى.
هل تغنى هذه «الملكية الافتراضية» عن المشاركة العادلة فى الربح؟
- نحن نوفر آليات لهذا الغرض (الربح)، لكن «فيس بوك» بالبداية والنهاية هو منصة اجتماعية للعائلة والأصدقاء، ونشر الأخبار الشخصية، ووسائل الإعلام وجدت فيها فرصة لنشر المحتوى الذى تنتجه لزيادة وصوله إلى جمهورها وإلى جمهور جديد، ونحن بالفعل نوفر ذلك. وفى الوقت نفسه «فيس بوك» يقدم لوسائل الإعلام خدمات مفيدة جداً، مثل تقديم بيانات وإحصاءات موثقة عن المحتوى، ونوعية الجمهور وتصنيفه، وردود أفعاله.
هل هذا نوع من «المنفعة المتبادلة» مع الإعلام؟
- نوعياً، نعم. وسائل الإعلام تستفيد من المنصة بكل تأكيد، ولديها حرية كاملة فى كيفية التعامل معها بنهاية النهار.
وما تقديركم لما يُثار عن تشريعات لتحديد وتقنين طرق المشاركة فى الربح مع «فيس بوك»؟
- ما سمعت بمثل هذه الأخبار، لكن نحن اليوم نبنى ونختبر آليات مختلفة للتعاون ودعم وسائل الإعلام، وهى فى النهاية لها القرار بشأن مستوى وكيفية استخدام المنصة، وما هو مفيد لها.
أؤمن بمساهمة الموقع فى تغيير المجتمع.. ورسالتى لـ«شركات الصحافة والإعلام»: منصتنا جزء من أملاككم.. مشروع «فيس بوك للصحافة» يبنى جسور تعاون مع الإعلام ويهدف لتدريب الصحفيين على أفضل طرق النشر وآخر التحديثات والتطبيقات.. ونوع من الاستثمار فى الجمهور
ألا ترى أن هذه ليست «قسمة عادلة» بين مُنتج المحتوى ومن ينشره؟
- لا أريد التطرق لمثل هذه المواضيع، لأنها مهمة وتحتاج نقاشاً أوسع. وتركيزنا الآن يجب أن يكون حول بناء الآليات واختبارها كما قلت، ومنها آليات تتيح الربح. فى أوروبا، مثلاً، اختبرنا فكرة «Add BREAK» ونقدم خلالها إعلانات على فيديوهات المستخدمين. وأطلقنا آلية عمل موقع مقالات فورية «Instant articles» ويوفر فرصة نشر مقالات المشتركين بسرعة أكبر 10 مرّات من النشر بالمواقع الأخرى، ملائمة لطريقة التصفح بـ«الموبايل». ومع زيادة نشر الفيديوهات بنسبة ٦٦% سنوياً، وشعبيتها الكبيرة بين جمهور «فيس بوك»، نختبر آليات فى هذا الإطار المهم. إجمالاً، نبتكر آليات مربحة، ونطرحها باستمرار، ويمكن للإعلامى أو الصحفى أو وسائل الإعلام الاستفادة منها فى تعظيم الربح.
ما تفسيرك للفجوة التى نشأت بين «فيس بوك» ووسائل الإعلام؟
- فى ظل طفرات التكنولوجيا، تغيرت المجتمعات وطريقة استقبال الجمهور للأخبار والقصص والتفاعل معها، بسرعة، سواء مع «فيس بوك» أو من دونه. ما نفعله اليوم هو محاولة ابتكار آليات وأدوات تسهل لوسائل الإعلام الوصول لهذا الواقع المتغير، وهذا الجمهور صاحب المزاج الجديد، أو التوجه الشبيبى لاستقبال الأخبار. لا أستطيع التأكيد أن «فيس بوك» سيحل كل مشكلات وسائل الإعلام التقليدية أم لا، لكن نحاول بناء جسور معها. ونتمنى أن تستخدم كل المنافذ الإعلامية والصحفية فى الوطن العربى والشرق الأوسط، «فيس بوك» بطريقة أفضل من الحالية، وعلى نطاق أكبر، خصوصاً أننا نرى فى دول كثيرة متقدمة استخداماً أفضل لآليات المنصة، وتوصيل المحتوى بطريقة مبتكرة وأكثر عمقاً.
هل تتفق مع مقولات «اندثار الصحافة المطبوعة» فى المستقبل؟
- بالمستقبل، ما فى شىء اسمه انتهاء الصحافة، لكن الصحافة تغيّر طريقة الصياغة والنشر، وجوهر العمل الصحفى سيبقى بلا شك، ونحن فى «فيس بوك»، لا ندير عملاً صحفياً، لكننا منصة نشر. وعلى المؤسسات الصحفية الاهتمام بحل تلك الإشكاليات. لو أن الحديث اليوم عن انتهاء الصحافة، فدعنا نسأل «ما هى الصحافة؟» الصحافة ليست ورقاً وحبراً ولا حتى «ديجيتال»، الصحافة بنظرى هى فكر وثقافة وجهد فى جمع المعلومات والقصص وصياغتها ونشرها فى منظومات عمل مهنية. وهذا عمره ما ينتهى.
الصحف والفضائيات من كبار موردى المحتوى لموقعنا وبيننا «منفعة متبادلة» لأننا نقدم لها إحصاءات عن «الجمهور والداتا».. ولديها حرية التعامل معنا أو التوقف حسب مصلحتها
هل تتصور مستقبلاً أن يؤسس «فيس بوك» صحيفة أو موقعاً للأخبار والقصص؟
- لا أظن. هذا ليس مجالنا. لكن لا أحد يعرف ما يخبئه المستقبل. نحن أداة اتصال وتواصل اجتماعى، ونتطور فى هذا الاتجاه، وننفق عليه، فمثلاً تم شراء «انستجرام» بصفقة قيمتها مليار دولار، وصفقة «واتس أب» بلغت 16 ملياراً. وعلى الأغلب هذا هو توجه «مارك زوكربيرج» ومجلس الإدارة حالياً وفى المستقبل القريب.
بماذا ترد على فكرة فرض رسوم على استخدام «فيس بوك» فى بعض الدول؟
- «فيس بوك» خدمة ومنصة مجانية، وستظل كذلك، ولا يوجد لدينا أى نية لإجبار المستخدمين على دفع رسوم مقابل خدماتنا. وتوثيقات صفحات «فيس بوك» أيضاً مجانية، للمشتركين العاديين والمشاهير والمؤسسات الإعلامية والخيرية والاستثمارية. التوثيق يكون حسب معايير معينة فى «فيس بوك»، وإذا كانت متوافرة يتم التوثيق. وهناك مجموعة من المميزات تنوى إدارة الموقع تنفيذها، خلال 2018، ستحظى بإعجاب المشتركين.
لا يزال هناك من يعتبر «فيس بوك» شبحاً بلا وجود على الأرض.. كيف تتعاملون مع هذه الصورة الذهنية عنكم؟
- هذا التصور لمسته شخصياً، وكلما أقابل شخصاً فى أى دولة، يقول لى «أنت أول من أقابله من فيس بوك». وقد يكون سبب ذلك التناقض أن «فيس بوك» كشركة يضم 17 ألف موظف فقط، أما كموقع فهو يخدم 2 مليار مشترك، بخلاف 800 مليون على «انستجرام»، وأكثر من مليار على «واتس أب» ومثلهم على «ماسنجر».
ولو أن هذا التناقض حاصل فى شركة ثانية، لن يكون ملموساً، لكن لأن «فيس بوك» معروف ومشهور، فهذا التناقض محل استغراب.
الأهم من ذلك أننا لسنا شبحاً أو افتراضيين، نحن موجودون على الأرض ونعمل ونتطور على مستوى العالم.
وهل 17 ألف موظف مقابل 2 مليار مشترك، مؤشر نجاح أم يستدعى التوسع فى التوظيف؟
- «فيس بوك» شركة عامة ومعروفة، ومؤشرات نجاحها واضحة، بغض النظر عن حجم الفريق. ورغم أن عدد الموظفين قليل، لكنه ينمو بسرعة، تلبية للاحتياجات التى نواجهها، من ناحية تدقيق المعلومات، وحماية المجتمع والمشتركين وغيرها. العام الماضى، أعلن «مارك زوكربيرج» المؤسس والرئيس التنفيذى لـ«فيس بوك»، زيادة عدد الموظفين 3500 فى إعلان توظيف واحد. ومهما وصل نمو الفريق، من الصعب أن يغطى بطريقة مباشرة العدد الضخم للمستخدمين، الذى يتزايد بمعدلات كبيرة، وخلال العام الماضى وحتى اليوم، أى فى عام واحد فقط، زاد 200 مليون. وفلسفة «فيس بوك» أن كل موظف فى المنصة يحمل على عاتقه مسئوليات ضخمة.
عند تقدير هذه الإحصاءات، هل تضعون فى الاعتبار الحسابات المزدوجة والوهمية والمعطلة؟
- أكيد هناك أكثر من «بروفايل» لشخص واحد، وهناك حسابات زائفة ومعطلة، ولو دققنا فى الأرقام سنجد معدل انضمام مشتركين جدد يزيد ويقل، لكن دعنا نحْكِ بصراحة وبلا مبالغة أن «فيس بوك» أكبر وسيلة تواصل فى تاريخ البشرية، وهذا كما يوفر فرصاً للانتشار والنمو، يخلق تحديات ومسئوليات علينا. هناك أرقام كثيرة دالة، منها أن نحو 4 مليارات يستخدمون المنصّات الرقمية، يعنى نصف سكان العالم تقريباً، نصفهم «2 مليار تقريباً» يستخدم «فيس بوك».
أنت تشغل موقعاً رفيعاً فى «فيس بوك».. إذا عُرِض عليك منصب أكبر فى مؤسسة أخرى، هل توافق؟
- أنا انتقلت للعمل فى «فيس بوك» من شركة إعلامية ضخمة بالشرق الأوسط (MBC)، لأنى مؤمن برسالة «فيس بوك» والتغيير الذى يمكن أن يحدثه فى المجتمع الإنسانى، والاستخدامات الإيجابية التى يقدمها للناس. وهناك قصص لا تُعد، عن أناس افترقوا ثم التقوا بعد سنوات، من خلاله، ولاجئون استخدموه لتنظيم أنفسهم أو فى أعمال خيرية. أنا أؤمن بهذه المنصة، والمستقبل الإلكترونى لنشر الأخبار والتواصل الاجتماعى. وأعتبر أن قوة هذه المنصة بانتشارها الواسع فى الابتكار والمبادرة التى يقدمها مستخدموها، سواء أشخاص أو هيئات، و99% من الأفكار التى ننفذها تأتينا من الجمهور، دورنا هو المساهمة فى تنفيذها، لأننا مستحيل أن نبتكر على مستوى 2 مليار مشترك.
المنصة تتعرض لانتقادات عديدة بسبب استخدام الجماعات الإرهابية لها.. كيف تتعاملون مع ذلك؟
- لدينا إدارة خاصة للتعاون من أجل مكافحة الإرهاب، ووقف استخدام الجماعات المتطرفة للموقع فى العمليات الإرهابية، وتبذل هذه الإدارة جهوداً جبارة، وتقدم مبادرات عديدة.
هل هناك تعاون مع الحكومات فى تقديم خدمات خاصة لإدارة الأجهزة الإدارية لها؟
- توجد زميلة مصرية، فى «فيس بوك»، مسئولة عن التعامل والعلاقات مع الهيئات الحكومية والرسمية، وتعمل فى مجالات توثيق حسابات مسئولين وهيئات بشكل رسمى. وهناك مبادرات من هيئات حكومية تصلنا ونتفاعل معها، لأنها تكون بحاجة لدعمها، ونحن لا نمانع فى تقديم المساعدة لها.
ما تصوركم عن استغلال التراث الثقافى والمعرفى والحضارى بالشرق الأوسط، وإعادة عرضة على المنصة؟
- جزء من عملنا تشجيع الهيئات الثقافية والتاريخية على إنتاج محتوى جديد، وعرض التراث الذى تقتنيه. ولدينا مبادرات للتعامل مع تلك المؤسسات لتقديم أفضل آليات ووسائل نشر لعرض المقتنيات التراثية والأثرية عبر وسائل التواصل الاجتماعى. وتابعنا فى متاحف دولية غربية طرق نشر إلكترونية لعرض الآثار. ولدينا مثلاً مبادرة مع متاحف أوروبية لجمع لوحات «فان جوخ»، المنتشرة بعدة متاحف، فى مكان واحد على «فيس بوك»، وبدلاً من أن يسافر محبو «فان جوخ» لمختلف دول العالم ليشاهدوها، يمكنهم تصفح كل اللوحات فى دقائق. ويمكن تطبيق هذه المبادرة على الآثار المصرية المنتشرة بمختلف دول العالم، وتوفيرها فى مكان واحد افتراضى، على «فيس بوك».
هل وصلتكم أى مبادرات فى هذا الاتجاه من مصر أو غيرها بالشرق الأوسط؟
- حتى الآن، لا. لكن ياريت يكون فيه مبادرات وأفكار مصرية، ونحن مستعدون للتجاوب معها وتطويرها.
فارس العقاد أثناء حواره لـ «الوطن»
فارس العقاد أثناء تدريبه للصحفيين بالقاهرة