"الدستورية" تؤيد فرض ضريبة على العقارات المخصصة لإدارة المرافق العامة
المحكمة الدستورية العليا
رفضت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، الدعوى رقم 48 لسنة 32 قضائية "دستورية"، والمقامة طعنًا بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية المعدل بالقانون رقم 549 لسنة 1955، والمادتين الثامنة والتاسعة من قانون الضريبة على العقارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008.
وأصدرت المحكمة حكمها استنادًا إلى أن الأصل أن يتوخى المشرع بالضريبة التي يفرضها، أمرين يكون أحدهما أصلًا مقصودًا منها، ويتمثل في الحصول على غلتها، لتعود إلى الدولة وحدها لتعينها على مواجهة نفقاتها، ويكون ثانيهما مطلوبًا منها بصفة عرضية أو جانبية أو غير مباشرة، كاشفًا عن طبيعتها التنظيمية، دالاً على التدخل بها لتغيير بعض الأوضاع القائمة، وبوجه خاص من خلال تقييد مباشرة الأعمال التي تتناولها، أو حمل المكلفين بها – عن طريق عبئها – على التخلي عن نشاطهم، وعلى الأخص إن كان مؤثمًا جنائيًا.
وينبغي أن تكون العدالة الاجتماعية مضمونًا لمحتوى النظام الضريبي وغاية يتوخاها، ويتعين تبعًا لذلك – بالنظر إلى وطأة وخطورة تكلفة الضريبة – أن يكون العدل من منظور اجتماعي مهيمنًا عليها بمختلف صورها؛ محددًا الشروط الموضوعية لاقتضائها، وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة أن العدالة في غاياتها لا تنفصل علاقتها بالقانون باعتباره أداة تحقيقها، فلا يكون القانون منصفًا إلا إذا كان كافلاً لأهدافها، فإذا ما زاغ ببصره عنها أو أهدر القيم الأصيلة التي تحتضنها، كان منهيًا للتوافق في مجال تنفيذه، ومسقطًا كل قيمة لوجوده، ومستوجبًا تغييره أو إلغاؤه.
وحيث إن التنظيم التشريعي للضريبة العقارية في القانون رقم 56 لسنة 1954 المشار إليه المعدل بالقانون رقم 549 لسنة 1955 يقوم على فرض ضريبة مباشرة سنوية على العقارات المبنية، تقدر على أساس القيمة الإيجارية للعقار، ويلتزم بها المستفيد من العقار.
وأعفى المشرع بعض العقارات من الضريبة على النحو الوارد فى المادة 21 منه، ومنها العقارات المملوكة للدولة، والمملوكة لمجالس المديريات والمجالس البلدية والقروية والمحلية المخصصة لمكاتب إدارتها أو للخدمات العامة، سواء كانت هذه الخدمات تؤدى بالمجان أو بمقابل كمباني عمليات الكهرباء والغاز والمياه والمجاري والإسعاف وإطفاء الحرائق والمذابح والمغاسل العامة وما شابهها، أي أن مناط الإعفاء فيها هو تخصيص العقارات للمنفعة العامة مباشرة، أما إذا تم الترخيص للغير بامتياز استغلالها انتفى مناط الإعفاء، متى كان ما تقدم، وكان المشرع قد أتى بالنص المطعون فيه فرض الضريبة العقارية على العقارات المخصصة لإدارة واستغلال المرافق العامة التي تدار بطريق الالتزام، المقامة على أرض مملوكة للدولة، وينص في عقد الالتزام على أيلولة ملكيتها إلى الدولة فى نهاية مدة الالتزام، وذلك طوال مدة استغلال وانتفاع الملتزم بها، وصولاً إلى شمول فرض الضريبة لمختلف الأموال التي تمثل وعاءً حقيقيًا لها، بما يكفل تحقيق العدالة الاجتماعية التي جعلها الدستور أساسًا لبناء النظام الضريبي، وهو ما التزمه النص المطعون فيه، فليس ثمة ما يبرر إعفاء هذه العقارات تمييزًا لها عن غيرها، فهي تُدار وتُستغل بواسطة أشخاص القانون الخاص، للاستثمار وتحقيق ربح لهؤلاء الأشخاص، وتُدر دخلاً سنويًا يقتضي فرض الضريبة عليها أسوة بالعقارات كافة التي يسري عليها القانون، وبالأسس ذاتها التي تُطبق بشأنها، ومن ثم فإن ما قرره المشرع بالنص المطعون فيه يندرج في نطاق سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق والحريات، دون افتائات عليها أو مساس بجوهرها وأصلها، ويقوم على أسس مبررة تستند إلى واقع يرتبط بالإغراض المشروعة التي توخاها، برابطة منطقية وعقلية، دون تناقض بين فرض الضريبة في هذه الحالة ومفهوم العدالة الاجتماعية التي يقوم عليها النظام الضريبي، ولا يخالف الدستور.