عضو الهيئة القيادية بـ«شباب التجمع»: المواطن لا يشعر بقيمة المشروعات القومية بسبب الغلاء وغياب العدالة الاجتماعية
عمرو عزت عضو الهيئة القيادية باتحاد الشباب التقدمي
فى أوقات الثورات هم الشرارة الأولى دائماً، وفى مراحل التنمية والبناء هم المحرك والوقود، خاصة فى بلد مثل مصر يمثل الشباب 51% من مجموع تعداد سكانه، بحسب الإحصاء الأخير للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، متنوعون لأقصى درجة، مليئون بالطاقة والحماس، لا يمكن تهميشهم فى دولة شهدت ثورتين، أولاهما ضد الفساد وسوء الإدارة وثانيتها ضد الاستبداد والحكم الدينى، ولا مجال لإقصائهم فى دولة تخطو قدماً نحو الاستقرار والبناء والتنمية فى مرحلة تأسيس جديدة على كل المستويات. «الوطن» حاورت عدداً من القيادات الشبابية الذين كانوا جزءاً من الحراك السياسى والمجتمعى على مدار السنوات السبع الماضية بدءاً من «25 يناير» مروراً بـ«30 يونيو» وصولاً إلى محطة التأسيس الحالية، بعضهم حمّل الأنظمة المتعاقبة مسئولية ضعف الحياة السياسية والحزبية، وآخرون حملوا الأحزاب والقوى السياسية نفسها، فيما رأى فريق ثالث أنها مسئولية مشتركة، واتفقت أغلب الآراء على ضرورة دمج الأحزاب باعتبار هذه العملية هى «طوق النجاة الأخير»، وفى الوقت نفسه أكدوا أن الفترة الثانية التى انطلقت منذ أيام قليلة تحتاج لمزيد من الخطوات التى من شأنها تأمين ما سموه بـ«مستقبل مصر السياسى»، محذرين من محاولات إشعال الفتن أو العودة إلى المربع «صفر».
عمرو عزت: غياب الوعى والتردى الثقافى والإعلامى نتج عنه حياة سياسية ضعيفة
قال عمرو عزت، عضو الهيئة القيادية باتحاد الشباب التقدمى، الجناح الشبابى لحزب التجمع، إن تراجع مستوى التعليم والتردى الثقافى لا يساعدان على وجود حياة سياسية سليمة، وأضاف أن الشباب الذين يعيشون فى هذا المناخ لن يقبلوا على عضوية أى حزب سياسى ولن يكون لديهم وعى بأهمية الأحزاب فى تنمية الحياة السياسية ولا تأثير السياسة على حياتهم الشخصية وتنمية المجتمع. وأوضح «عزت» فى حواره لـ«الوطن» أن المشروعات القومية ربما تأتى بنتائج جيدة فى المستقبل وتساهم فى تقدمها، لكن دخل المواطن لم يعد يكفى احتياجاته، والارتفاع الكبير فى أسعار الخدمات والسلع يجعله يتساءل عن تجاهل الحكومة لوضع خطة طموحة لتحقيق العدالة الاجتماعية. وإلى نص الحوار.
ما رؤيتكم ومطالبكم فى حزب التجمع من الحكومة الجديدة؟
- نطالب حكومة المهندس مصطفى مدبولى، أولاً بتعميق عملية الإصلاح الاقتصادى من خلال برامج دعم الصادرات المصرية وزيادة الإنتاج المحلى وترشيد الاستيراد والتركيز على المشروعات الإنتاجية كثيفة العمالة لتقليل نسبة البطالة وإيجاد فرص عمل جديدة للشباب، ونرى أن هذه الحكومة عليها أن تضع فى اعتبارها أن مصر دولة زراعية وأقدم دولة عرفت الزراعة وطورتها وأهدتها للبشرية، ولا يصح أن يكون هذا حالها فى الزراعة، حيث نفقد كل يوم آلاف الأفدنة من أجود الأراضى الزراعية، وما زلنا نستخدم الطرق القديمة فى الرى والصرف، وما يعنيه ذلك من إهدار مواردنا المائية المحدودة. وأقول لرئيس الوزراء الجديد عليك بتوطين أحدث التكنولوجيات الزراعية ورفع الوعى لدى الفلاحين بأهمية الزراعة الحديثة الخالية من المبيدات والقادرة على إنتاج أضعاف ما ينتجه المزارعون من نفس المساحات بالطرق التقليدية، والعمل على النهوض بمصانعنا المتعثرة وتأهيل الكوادر البشرية لافتتاح المزيد من المصانع، كما نريد برامج حكومية لإطلاق الصناعات الصغيرة بالتعاون مع القطاع الخاص، فنحن نستطيع إنتاج جميع احتياجاتنا بشرط التخطيط السليم والتوظيف الجيد للموارد واستغلال طاقاتنا المتاحة، وتعظيم البرامج الحمائية الخاصة بمحدودى الدخل والفقراء حتى لا يسقطوا ضحايا لبرنامج الإصلاح المر واعتماد شعار الاستثمار فى التعليم طريق مصر إلى المستقبل.
برأيك، ما أبرز العوامل التى تسبب ضعف الحياة السياسية فى مصر وتعوق نهضتها؟
- الوضع الثقافى فى مصر غاية فى السوء، وإذا أردنا أن نعرف ونشخص الحالة التى وصل إليها واقعنا الثقافى علينا دراسة الأسباب لنصل إلى الظواهر، وهى واضحة فى كل شىء، بدءاً بفوضى الإعلام وانتهاء بالحالة المتردية التى وصل إليها الفن فى كل مجالاته، حينها ستشعر بالخطر.
والأزمة الثقافية تتضح بشدة عندما تسمع لغة الحوار فى الشارع وعلى الشاشات، وقارن بينها وبين كلمات العقاد وأحاديث طه حسين، وحاول أن تشاهد وتقارن بين جمهور حفلات أم كلثوم، حيث الأناقة والترفع وجمهور أغانى «المهرجانات»، ولا أطالب بعودة الزمن، لأن هذا مستحيل لكن أطالب بدراسة الأسباب التى وصلت بنا لهذا المستوى الهابط.
وللأسف تراجع التعليم والتردى الثقافى لا يساعد على حياة سياسية سليمة، لأن هؤلاء الشباب الذين يعيشون فى هذا المناخ لن يذهبوا لعمل عضوية فى حزب ولن يكون لديهم وعى بأهمية الأحزاب فى تنمية الحياة السياسية ولا يعرفون أهمية السياسة وكيف ستؤثر على حياتهم الشخصية وتنمية المجتمع، وهنا أعنى الثقافة بمعناها الشامل وليس بالمعنى الضيق الذى ينحصر فى الإبداع والفنون، وأعتقد أن خلق مناخ ثقافى جيد مهمة مشتركة بين الحكومة والمجتمع المدنى بأحزابه وجمعياته الأهلية.
السيولة السياسية أفرزت أحزاباً أدت أدواراً مشبوهة وقياداتها لا تدرك أزمات المجتمع.. والأزمات المالية تجعلها دون تأثير.. وعلى الرئيس مواجهة الاحتكارات الأجنبية بقوة وتبنى فرض ضرائب تصاعدية وأخرى على الثروة.. والقضاء على التفاوت فى المرتبات
كونك كادراً فى حزب التجمع الاشتراكى كيف يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية فى ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة؟
- هناك تحركات جادة تُبذل حالياً من أجل تصحيح المسار وإحداث تغيير حقيقى فى الواقع، وهناك مشروعات قومية ومنها إنشاء عاصمة إدارية جديدة وشبكة طرق غير مسبوقة ومحاولة للقضاء على العشوائيات واستصلاح مليون ونصف المليون فدان ومحاربة الفساد وأشياء كثيرة تستوجب الاهتمام والإشادة لكن قيمتها تنحصر وتتضاءل نتيجة ضعف مردودها على المواطن العادى، خاصة أبناء الطبقة المتوسطة. وربما ستأتى المشروعات القومية والإنجازات بنتائج جيدة فى المستقبل وتساهم فى تقدم مصر، لكن المواطن فى نفس الوقت دخله لم يعد يكفى احتياجاته بسبب الارتفاع الكبير فى أسعار الخدمات والسلع، وهنا يتساءل المواطن، لماذا لا يخرج الرئيس ويتحدث عن خطة طموحة لتحقيق العدالة الاجتماعية؟
وهذا الهدف ممكن تحقيقه من خلال زيادة نسبة الضرائب التصاعدية، التى يجب أن تصل فى رأيى إلى 30 و35%، وعودة العمل بالضرائب على أرباح البورصة وفرض ضريبة استثنائية 1% لمرة واحدة على أصحاب الثروة مثلما حدث فى فرنسا وبعض الدول المتقدمة عندما أطلقت خطة البناء الاقتصادى بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وهنا نعود للتساؤل مرة ثانية: لماذا لا نواجه بقوة الاحتكارات الأجنبية فى مصر ونعمل على مواجهة الاقتصاد غير الرسمى لكى تحصل الدولة على حقها من هذا القطاع فى شكل رسوم وضرائب، كما أن الدولة يجب أن تعمل على مواجهة الفساد فى الحكومة وظاهرة التفاوت فى المرتبات.
نحن فى حاجة لأى جهود من شأنها إعادة بناء الدولة لكن هذه الجهود ستضيع، فى ظل سياسات لا تنظم الموارد ولا تعيد توزيعها بالعدل بما يضمن الأمن الاجتماعى لأبناء هذا البلد.
لماذا لا يشعر المواطن بأهمية الأحزاب وكيف تكون مؤثرة فى الفترة المقبلة؟
- الحياة الحزبية فى مصر تعانى من أزمات كثيرة فى مقدمتها غياب الوعى، وسببه تردى أحوال التعليم الذى لا يُعمل العقل، وانتشار الفكر المتأسلم فى المجتمع، كما أن الإعلام يمارس دوراً رديئاً ويحاول بيع المشاهد نظير حفنة إعلانات، وهذا المناخ يؤثر بالسلب على الحياة الحزبية.
وإغفال الدولة بشكل واضح لدور الأحزاب السياسية وعدم الترويج لها على المستوى السياسى أو الإعلامى أو الجماهيرى، وتصدير خطاب إعلامى للمواطنين يُظهر الأحزاب فى صورة أصحاب مصالح يجعل المواطن ينفر من هذه الأحزاب.
كما أن عدم إتاحة الدولة الفرصة للأحزاب السياسية للوجود داخل مراكز الشباب وقصور الثقافة لتتفاعل مع الناس وتنشر الوعى بين الجماهير وتؤدى دورها الحقيقى تسبب فى عدم شعور الشباب والمواطنين بالأحزاب فى الشارع المصرى.
ناهيك عن أن الأحزاب السياسية تعانى من أزمات مالية تجعلها لا تستطيع أن تنظم أى نشاط مؤثر أو حتى تنفق على مرشحيها فى الانتخابات أو صحفها.
وماذا عن نصيب الأحزاب نفسها ومسئوليتها عن تردى أوضاعها؟
- ربما تكون زيادة عدد الأحزاب السياسية بشكل سريع خلال الفترة الماضية أعطت فرصة لظهور أحزاب على الساحة أساءت إلى صورة الأحزاب السياسية، خاصة أنها تقوم بأدوار مشبوهة بالفعل ولا تقدم ما يحتاجه المواطن لعدم إلمام قيادتها بالمعلومات الكافية والمشكلات التى يعانيها المجتمع المصرى وعدم تقديمها رؤية سياسية شاملة.
وعلى أى حال فالحياة الحزبية والسياسية فى مصر لن تنهض إلا بنهوض مجتمعى، ويجب أن نحاول أن نجد وسيلة للنهوض بالعقل والإعلام وبعدها ستشهد الحياة الحزبية تقدماً إيجابياً.
هل ستخوضون الانتخابات المحلية فى إطار تحالف معين.. وما استعدادكم لها؟
- قمنا فى الحزب بتنظيم عدد من ورش العمل الخاصة بالانتخابات المحلية من خلال اتحاد شباب الحزب، وأعد الحزب حملة تثقيفية مركزية لتدريب شباب على كيفية خوض الانتخابات المحلية، كما نتجه لإنشاء وحدات حزبية خاصة بالانتخابات المحلية فى المراكز والمدن والقرى التى سيخوض فيها الانتخابات المحلية، وذلك لرصد المشاكل التى يعانى منها المواطنون والعمل على وضع حلول عملية لها.
أما بخصوص التحالفات الانتخابية فهذا موضوع لم تتخذ فيه القيادة الحزبية قراراً وخاضع للنقاش داخل الهيئات الحزبية وعندما تقترب الانتخابات سيكون اتخاذ القرار أسهل من الآن.