بروفايل| «دياب».. الحياة فى السماء السابعة
صورة تعبيرية
كان هدوؤه بارزاً وسط عالم ملىء بالصخب.. وغيابه لافتاً فى مهنة لا تعترف إلا بالحاضرين.. يرتقى بين الجميع بأخلاقه وكتاباته لدرجة استثنائية يقر بها كل مَن عرفوه أو اقتربوا منه.. ليترك حازم دياب، الكاتب الصحفى، إرثاً كبيراً من الإنسانية تقرأها فى كلماته التى جسَّدت جانباً من حياته وحياة مَن عرفهم عبر مقالات عدة ومجموعة قصصية وحيدة عُرفت باسم «أم عويس».
«أراد النحت فى الصخر واقترب من تحقيق الأحلام، لكن الحياة لم توافق على ذلك؟»، هكذا كان «دياب» مثلما كتب فى أحد مقالاته متأثراً بموت لاعبه المفضَّل محمد عبدالوهاب فى سن الشباب يقول: «كانت فاجعة للناس عموماً، حيث الموت الفجأة لشاب وسريان هاجس ابن موت عليهم»، ليصبح رحيله أمس بعد صراع طويل مع المرض مفجعاً لكل محبيه.
فى الموت فلسفة لم تغِب عن ذهنه يوماً، حتى إنه خصص مساحة لا بأس بها بين كتاباته للحديث عنها: «من يحظَ بإجماع الناس وحبّهم بلا مصلحة، يكُن فى الأغلب شخصاً فعلاً جيداً بما يكفى ليشكل رحيله خسارة للعالم وللإنسانية، ولا سيما أنه فى الأعوام التالية رحل كثير من الطيبين بما دفع العقل للتساؤل الأبدى: لماذا لا يموت الأشخاص السيِّئون، ويخطف الموت أفضل مَن فينا؟»، ليخطفه الموت فى الثامنة والعشرين من العمر، ويشعل خبر وفاته أمس صفحات مواقع التواصل الاجتماعى بين أصدقائه وقرَّائه الذين ارتبطوا بكتاباته، واصفين إياه بالموهبة النادرة بعدما ذاع صيته عبر محطاته المهنية المختلفة فى عالم الصحافة التى بدأها بالعمل فى موقع «بص وطل» ثم عمل مسئولاً عن الصفحة الثقافية ومنها إلى الموقع الإلكترونى لصحيفة «الوطن» ثم انتقاله إلى قسم التحقيقات بالجريدة نفسها، ثم العمل فى مجال الإعداد التليفزيونى فى قناة «أون تى فى» وبرنامج «ممكن» على قناة «سى بى سى»، وواصل خلال عمله التليفزيونى كتاباته لمقالاته، فعلى الرغم من تخرجه فى كلية التجارة شعبة اللغة الإنجليزية فقد رفض أن يكون محاسباً أو موظفاً بأحد البنوك أو الشركات وشقَّ طريقه نحو الصحافة والكتابة، حتى إنه قال فى آخر مقالاته فى الرابع من نوفمبر الماضى: «أنا أريد أن أكمل بهذا المجال ولن أرتدى بذلة عنق يومياً موظفاً».
لم يتوقف «دياب» عن القراءة يوماً، فكانت ثروته التى يمتن لها، وكذلك الكتابة التى دفعته للحديث عن مرضه بصورة لم يكتبها أحد من قبله، فبعد أن أصيب بالسرطان بدأ فى كتابة سلسلة من المقالات عن مرضه: «ربما يحمل جسده دم لص.. أن تكون مريضاً رومانسياً»، «10 خطوات استقبلت بها حياتى الجديدة كمريض سرطان».
صراعه مع المرض كان محط أنظار محبيه الذين تابعوه عن كثب وملأوا فضاء «فيس بوك» بالدعاء له ومناشدته مواصلة العراك مع المرض والانتصار عليه، ليدخل فى الشهور القليلة الماضية غرفة «الرعاية المركزة» ويحتشد أصدقاؤه على صفحته بكلماتهم الحماسية، لتكون عوناً له فى الصمود، ليرد على محبّيه بكلماته التى كتبها: «كلمات قُلتوها وكل ما أقراها أعيّط زى الأطفال. ما كنتش متخيّل إن الناس بتحبنى أو إنى شخص مهم فعلاً فى حياتكم.. وأظن أن أسوأ أسبوعين فى العمر عدّوا بسلام مؤقت بسبب كل كلمة كتبتوها ودعوة بظهر الغيب» ليقدم آخر سطوره بمقال فى عيد الحب المصرى تحت عنوان «اعترافات عن الحب والصداقة» ليروى لنا تجاربه فى الحب وكيف ساندته أمه التى قال عنها: «الأم بنك لا ينتظر فوائدَ للقروض»، ثم يرسم لوحة رومانسية فى قصة حبه بزوجته الكاتبة هبة خميس.