مؤسس «جمعية وعد»: عرضت حالة ابنتى على الطبيب فقال: «سيبوها وهى ونصيبها»
رحلة «وعد» مع العلاج تحولت إلى معاناة
منذ أن تلقفتها يداه بعد ولادتها بدقائق، فوجئ الأب بإصابة ابنته «وعد» بمرض غريب، ليبدأ الرجل منذ لحظة الولادة رحلة البحث عن العلاج ومحاولة التعرف على المرض الذى بات ينهش جسد ابنته، ويقرر فى النهاية إنشاء مؤسسة خيرية تحت اسم «مؤسسة وعد والصلب المشقوق» تتبنى علاج الأطفال المصابين بنفس مرضها، أملاً فى تخفيف معاناتهم.
ويقول الطيار الهادى على، رئيس مؤسسة «وعد والصلب المشقوق» المقامة فى مركز فاقوس بمحافظة الشرقية: «الصلب المشقوق هو أحد الأمراض التى لا تتوافر عنها معلومات وإحصائيات كافية حتى لدى بعض الأطباء، ما يؤدى إلى مفاهيم خاطئة حول أسباب المرض، ويتضرر الطفل بالإضافة لنقص الخدمات ورفض بعض الأطباء التعامل مع الحالة لتعقيدها، وكذلك رفض بعض المستشفيات علاج هذه الحالات خاصة مع عدم توافر المهمات المطلوبة، فضلاً عن التكلفة العالية جداً، وجميعها مشكلات تواجه الطفل وأسرته»، وأضاف «على» لـ«الوطن»: بدأت التعرف على هذا المرض الغريب، الذى يعد أخطر من السرطان بعدما فوجئت بإصابة ابنتى به بعد ولادتها مباشرة»، مشيراً إلى أن أفراد الأسرة لم يكونوا يعلمون بإصابتها بهذا المرض فى شهور الحمل بطبيعة الحال، وتابع الأب «والطبيب الذى كانت تتابع عنده زوجتى اكتشف المرض فى وقت متأخر ولم يخبرنا به وقام بتغيير موعد الولادة القيصرية ليتجنب إجراء عملية الولادة لتفاجئها آلام مخاض الولادة فى المنزل، وبالفعل وضعت الطفلة فى المنزل، وأخبرتنا طبيبة التوليد أنه لا بد من عرضها على طبيب مخ وأعصاب، فتوجهنا إلى مركز طبى خاص بمركز فاقوس وتقرر تحويلنا إلى مستشفى الزقازيق الجامعى، وقال لنا الطبيب نصاً: انقلوها مستشفى الجامعة وسيبوها.. هى ونصيبها».
وتوجهنا إلى مستشفى الجامعة، يقول الأب، واحتجزت الطفلة «وعد» لمدة 4 أيام بقسم المخ والأعصاب دون إجراء العمليات اللازمة لها، واقتصر الأمر على إعطائها بعض الأدوية ثم أجريت لها أشعة رنين مغناطيسى بمعرفة التأمين الصحى، لافتاً إلى أنه تردد لمدة 4 أيام على عيادة «التأمين» فى فاقوس والعيادة الشاملة بالزقازيق، وأخبره أحد الأطباء أنه سيتم إجراء الأشعة بعد 21 يوماً، وأوضح الأب «وعندما شرحت له صعوبة حالة الطفل أرسلونى إلى أحد مقرات التأمين بالإسماعيلية ثم أخذت الأشعة وتوجهت إلى مستشفى الجامعة ولم يطلع عليها أحد إلى أن تدهورت حالتها وارتفعت درجة حرارتها بشكل حاد، وبدأت أبحث عن طبيب يجرى لها العملية وانتقلت من الزقازيق الجامعى إلى مستشفى خاص، وأجريت للطفلة عملية إزالة الكيس من الظهر وبعد 6 أيام تم إجراء عملية تركيب جهاز الشفط لسحب المياه من حول المخ»، وأشار «على» إلى أن «نقص المعلومات والإهمال والتباطؤ فى الإجراءات وعدم التوعية بكيفية التصرف والتعامل مع الطفل لمتابعة حالته دفعتنى إلى البحث على الإنترنت عن أى معلومات تتعلق بالمرض، ولم أتوصل إلى أى موقع مصرى يتبع وزارة الصحة أو أى جهة أخرى به معلومات تفصيلية عن المرض، ثم توصلت إلى موقع سعودى اسمه «الصلب المشقوق دوت كوم» دشنه طبيب أنشأ أول عيادة متخصصة لعلاج الأطفال المصابين بالصلب المشقوق فى السعودية، ثم انضممت لجروبات أجنبية وبدأت التواصل مع أهالٍ تعانى أطفالهم من نفس المرض ولهم تجارب سابقةـ ثم أسست موقعاً على الإنترنت ليكون نواة لتجمع الأسر المصرية المصابة أطفالهم بالمرض نفسه»، وأضاف: أسست «مؤسسة وعد والصلب المشقوق للتنمية» المشهرة تحت رقم 3388 لسنة 2016، بهدف مساعدة الأطفال على العلاج ومنحهم الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لهم ومتابعة تطور حالتهم، منوهاً بأنه بجانب إصابة ابنته اكتشف إصابة 5 من أبناء قريته، كفر شكر التابعة لمركز فاقوس، بنفس المرض، أكبرهم يبلغ من العمر 28 عاماً وأصغرهم 5 سنوات، وهو ما كان دافعاً له لإنشاء المؤسسة، ولفت إلى أنه «فى شهر يونيو 2016 أى بداية عمل المؤسسة كان لدينا نحو 20 طفلاً، والآن لدينا ملفات 431 طفلاً لمباشرة علاجهم، أى إن الحالات التى نستقبلها تتزايد بشكل كبير على الرغم من أن المؤسسة لا تحظى بالانتشار الكافى»، مشيراً إلى أن المؤسسة تعتمد على التمويل الذاتى والتبرعات من جانب أسر المصابين بنسبة 80% و20% تبرعات من جانب أهل الخير والمتعاطفين، وأكد «على» أن «المؤسسة تستقبل الأطفال من مختلف محافظات الجمهورية ويتم تقديم الدعم اللازم لهم، سواء إجراء العمليات أو الأدوية والمستلزمات»، موضحاً أن المؤسسة تتعامل مع نحو 12 طبيباً يقومون بإجراء العمليات والكشف على الأطفال، متبرعين بأجورهم، ومنهم الدكتور عنتر حجاج، أستاذ المخ والأعصاب، وهناك أيضاً مراكز تقدم خدماتها للأطفال بشكل جيد بالتنسيق مع المؤسسة، ومنها وحدة الكلى والمسالك البولية بمستشفى جامعة المنصورة ووحدة الأطفال بإشراف الدكتور تامر السيد حلمب و«مركز غنيم» وغيرها من الجهات.
وعن الصعوبات التى تواجه المؤسسة، قال مؤسسها: «نواجه العديد من الإجراءات البيروقراطية المعقدة، فعلى سبيل المثال تبرع والد طفل مقيم فى السعودية بأجهزة طبية ما زالت محتجزة فى المطار منذ 2016 حتى الآن»، موضحاً أنه استمر فى عمل الإجراءات لمدة 7 أشهر للحصول على موافقة من وزارة «التضامن» لجلب الشحنة، وعند وصولها رفضت الجهات المختصة الإفراج عنها، مطالبين بسجل ضريبى وقيمة مضافة وتأمينات وغيرها، علماً بأن المؤسسة خيرية لا تحقق أى أرباح ولا تتلقى أى دعم مالى من الدولة فكيف يكون لدينا «سجل ضرائب»؟!
وتابع: «يحتاج الطفل المصاب بهذا المرض للتعامل مع 14 تخصصاً طبياً على الأقل، وأول عمليتين لا بد من إجرائهما خلال أول 48 ساعة من الولادة، ولذلك يحتاج الأطفال إلى إنشاء مركز طبى متخصص للتعامل معهم وتوقيع بروتوكول تعاون مع التأمين الصحى لتسهيل الإجراءات، خاصة أن المستشفيات الحكومية لا تتعامل مع هذه الحالات بالسرعة الكافية، كما أن إجراءات مكافحة العدوى ليست مفعلة بالشكل الآمن المطلوب».